تحتل السعودية أعلى مراتب دول العالم نسبة في عدد الشبان من مجمل أعداد سكانها، إلا أن هذه النسبة الكبيرة لم تولى اهتماماً من مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص، من جانب توفير «متنفس» يتناسب مع توجهات الشبان السعوديين وميولهم الترفيهية. ويحاول الشبان في السعودية صناعة أجواء مختلفة ومتغيرة تملأ أوقاتهم بالتواصل والتفاعل مع الآخرين، وذلك من خلال «مواقع التواصل الاجتماعي» وخصوصاً موقع «كييك»، إذ إن العديد من الشبان يعملون لأجل التغلب على أوقات الملل، من خلال تسجيل يومياتهم عبر مقاطع الفيديو ونشرها ليحدث من خلالها التواصل والتفاعل مع الآخرين. ويتضح لجوء الشبان السعوديين إلى مواقع التواصل الاجتماعي كونها «متنفساً» لهم، إذ إن جملة من المقاطع تسجل أوقات «الطفش» الذي يشعرون به، وآخرين يقضون وقتاً طويلاً لإعداد تجهيزات مقطع فيديو لا يتجاوز 36 ثانية. يقضي سعود الشهراني في اليوم الواحد ساعات طويلة متجولاً في برنامج «كييك»، إذ يرى أن السعوديين يملأون البرنامج بمقاطع كثيرة وممتعة، محاولين صناعة أجواء « شبابية» يتم من خلالها تفريغ طاقاتهم، مضيفاً أن مقاطع عدة تحمل مشاهد إبداعية تستحق التوقف عندها. ويتفق مبارك النهدي مع الشهراني، إذ يرى أن الشبان السعوديين يقضون أوقاتاً كثيرة في تسجيل مقاطع الفيديو لتظهر في شكل جيد، مضيفاً أن الرغبة في «الشهرة» أصبحت مطلباً للعديد من الشبان، محاولين من خلال مقاطعهم إبهار المشاهدين وزيادة أعداد المتابعين. وقال إن أكثر ما يجذب المتابعين استعراض الشاب لممتلكاته الغريبة مثل الحيوانات المفترسة أو الطيور وغيرها، وكذلك تصوير يومياته بواقعية وصدق وليس بتصنع، إذ إن المتابعين لجؤوا إلى هذا البرنامج نتيجة لما يشعرون به من ملل، وكذلك من غياب الأماكن المناسبة التي يقضون فيها أوقاتهم، فهم يتملكهم الفضول ويريدون التشارك مع الآخرين بصدق. ولم تغب مقاطع التقليد والسخرية عن مقاطع الشبان، إذ إن عدم توافر الأماكن التي تستقطب الشبان جعلتهم يتفرغون لتسجيل مقاطع عدة للتقليد أو السخرية لمقاطع شخصيات شهيرة مسجلة في موقع «كييك»، إذ يرى سعيد العسيري أن المشاركين يعمدون لاصطياد مقاطع معينة لشخصيات اشتهرت أخيراً في الموقع، ويعملون على عرض مقاطع تسخر مما تسجله تلك الشخصيات، وتجد رواجاً سريعاً في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«يوتيوب» وكذلك «واتساب». وأضاف العسيري أن مقاطع الفيديو تسجل حال الشبان السعوديين في أوقات فراغهم، إذ يتم تسجيلها أثناء قيادة سياراتهم متسائلين عن المواقع التي يتوجهون إليها لقضاء أوقات الفراغ، ويجولون في الطرقات انتهاءً بالعودة إلى منازلهم. من جهته، أكد دكتور علم النفس في جامعة الملك عبدالعزيز عصام دسوقي أن الشبان السعوديين يعمدون لتسجيل مقاطع الفيديو في موقع «كييك» للرغبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين، إذ إن عملية التواصل أصبحت أحد أنماط ثقافات الحياة التي يقضي فيها الشاب يومه، إذ إنه يرغب في أن يكون عضواً بارزاً في المجتمع ويثبت وجوده. مضيفاً أن هذا الأمر يعود إلى العوامل النفسية التي يشعر بها الشاب، ومنها الرغبة والدافعية للمشاركة في مثل هذه المواقع، مشيراً إلى أن حب الظهور ومحاولة الشاب صناعة «نجومية» خاصة به، تندرج تحت الميول النفسية التي يعيشها. وعزا دسوقي اندفاع الكثير من الشبان السعوديين إلى تسجيل يومياتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً «كييك»، إلى عدم توافر أماكن يقضي فيها الشبان أوقات الفراغ، إذ يندرج هذا الأمر تحت الأسباب الاجتماعية.