«سعادة العالم الإنساني غير ممكنة من دون الإحساسات الروحانيّة...» هكذا بدأ الفنان سعيد عبدالقادر حديثه إلى «الحياة» إثر افتتاح معرضه الجديد قبل أيام في قاعات متحف محمود سعيد في الاسكندرية، والذي قدم فيه صوراً ولقطات متميزة من داخل الأماكن المقدسة، إضافة الى أعمال بالخط العربي صُوّرت كقطع صغيرة. يغلب على اللقطات التي قدمها عبدالقادر في معرضه الفضاءات والطقوس الزرقاء والخضراء وما بينهما من درجات أعطت الطراز الإسلامي بعداً تشكيلياً جديداً. وحرص الفنان على أن تبدو فضاءات التشكيل منزلقة على أقواس ذات طراز إسلامي وسلالم وفنارات ومدارات وأنفاس وحركات وعلاقات الأزرق والأخضر. ضم المعرض 90 عملاً فنياً ولوحة تصويرية امتلأت بها قاعات المتحف المختلفة وشمل فنون الخط العربي والتصوير الضوئي للأماكن المقدسة في الكعبة المشرفة والمسجد النبوي ومسجد قباء والمسجد ذي القبلتين. ويلاحظ في أعمال عبدالقادر اهتمامه الشديد باللون لما له من أهميه في تشكيل القوة الإيحائية العاملة على تجسيد الهيكل الفني الذي يطمح الفنان إلى تحويله إلى تجسيم حي يضفي روحانية غريبة في المعرض الذي جمع بين أسمى لحظات النشوة والغبطة الروحية لمشاهد التقطها الفنان بالكاميرا في الأماكن المقدسة، والتي تعبّر عن قمة الاحترافية في التصوير، خصوصاً أن اللقطة تتم لمرة واحدة ولا مجال لمراجعتها حتى موعد تحميض الفيلم. ويشرح عبدالقادر أنه يلتقط الصورة بداية بعينيه، ثم عبر العدسة، موضحاً أن التصوير الضوئي أصبح شريكاً في المناهج الفنية. «فالكاميرا في يد المصور مثل الفرشاة في يد الرسام، مع شرط مهم هو ظهور شخصية الفنان. فالتفرد يأتي من الموضوع المشوّق ومن اختيار الزوايا وضبط الضوء والمسافة بحيث يشعر المشاهد أن الصورة ليست نقلاً ميكانيكياً للطبيعة»، كما يقول عبدالقادر. وعن أصعب اللقطات التي يعرضها، يقول: «أثناء وجودي في حضرة الكعبة استوقفني منظر الحَمَام، والتقطت صوره بصعوبة لأنه سريع الحركة. أما المسجد النبوي، فجمعت عدداً من اللقطات المفصلة من خارج المسجد وداخله لمن لم يحالفه الحظ بزيارة هذه الأماكن المقدسة». ويستطرد عبد القادر: «أقدم هذا المعرض في رمضان، انسجاماً مع الشعائر الجميلة التي نحييها خلال الشهر الفضيل. وأقدم في قاعة أخرى من المتحف تصميمات الخط العربي، إذ صوّرت أعمالي من الخط العربي كقطع صغيرة تتميز بطابع مختلف عن معارض القطع الصغيرة الأخرى». وتقول جواندولين كاردنو التي زارت المعرض وانبهرت بجمال الأماكن المقدسة: «تعجبني كثيراً أعمال الفنان عبدالقادر كونها مختلفة عن الآخرين. فهو من أفضل الخطاطين المصرين ويتميز بأنه يمزج تصميمات مختلفة معاً بخامات متنوعة، ما لا يصيبك بالملل، كما تشعر بالشغف لمعرفة ما يقدمه عبد القادر في معرضه. فأحياناً تجده يرتدي عباءة المصور الفوتوغرافي وأحياناً أخرى النحات على رغم أنه أصلاً خطاط، فهو فعلاً مصور مدهش لا تمل أبداً من متابعة أعماله». وأشار الدكتور درويش مصطفى البراوي إلى أن لوحات عبدالقادر التصويرية تشعرك أنها نحت يمزج التصوير بالغرافيك، انها مجموعة فنون في فن واحد تظهر عشقه للفنون الإسلامية.