قال وزير المال المصري هاني قدري دميان أمس الخميس إن مصر "قد تلجأ لأسواق السندات العالمية العام المقبل لجمع ما يصل إلى 1.5 بليون دولار مع سعيها لتعزيز ماليتها العامة، وإنها مستعدة لبحث اللجوء إلى "صندوق النقد الدولي" للاتفاق على حزمة قروض إذا دعت الضرورة". وتحاول مصر إصلاح اقتصادها الذي تضرر بسبب ثلاث سنوات من الاضطراب السياسي منذ إطاحة الرئيس حسني مبارك في عام 2011. وبدأت حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي تنفيذ إصلاحات إقتصادية حساسة سياسياً منها خفض دعم مواد الطاقة وزيادة الضرائب في محاولة لخفض عجز الموازنة وكسب ثقة المستثمرين الأجانب. وحصلت مصر على مساعدات ببلايين الدولارات في صورة منح وقروض ومنتجات بترولية من دول الخليج العربية العام الماضي. وحالت المساعدات دون انهيار الاقتصاد. وقال دميان في مقابلة خلال "قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط": "إننا ندفع الاقتصاد إلى نقطة انطلاق قوي، وبدأنا نلاحظ المؤشرات إلى ذلك". وأضاف: "الوضع صعب للغاية، ونقطة البداية لنا ليست سهلة لكن مهمتنا الأساسية في هذه الحكومة هي إعادة بناء الثقة في الاقتصاد المصري". وقال دميان إن الإصلاحات الاقتصادية الأولية "سارت في شكل سلس"، لكنه أقر بأن مصر "قد تحتاج للسعي إلى الاقتراض من الخارج"، وتابع: "نحن لا نمانع في النظر في كل موارد التمويل المختلفة بالحجم الذي نختاره ومع تقويم التوقيت المناسب الذي يمكننا فيه دخول السوق أو اللجوء إلى صندوق النقد". وأردف: "أعتقد أننا سنلجأ أولاً إلى الأسواق العالمية قبل الاستفادة من موارد صندوق النقد الدولي. هذا سيتوقف على ما إذا كان لدينا ضمان أم سنذهب من تلقاء أنفسنا. إذا ذهبنا من تلقاء نفسنا، فأتوقع أن نسعى للحصول على ما يتراوح بين بليون و1.5 بليون دولار كدفعة أولى وهذا لاختبار الأسواق". ورفعت مؤسسة "موديز" توقعاتها للتصنيف الائتمان لمصر من سلبية إلى مستقرة يوم الإثنين، وأرجعت ذلك إلى تحسن الوضع الأمني والسياسي ومؤشرات على تعافي الاقتصاد. وتحسنت آفاق الاقتصاد المصري في الشهور الأخيرة، فنما الاقتصاد على أساس سنوي 3.7 في المئة في الربع الأخير من العام المالي الذي انتهى في حزيران (يونيو) من 2.5 في المئة في الربع السابق، وفق ما أشارت بيانات اقتصادية في الآونة الأخيرة إلى تحسن متعاقب. وقال دميان: "رأيت أن موديز عدلت توقعاتها من سلبية إلى مستقرة وأرى أن هذا غير كاف أبداً لقراءة الوضع الحقيقي للاقتصاد المصري، وهم لا يزالون متأخرين عن المنحنى". وتوقع انخفاض عجز الموازنة خلال أربع أو خمس سنوات إلى 8 - 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بعد معدل مبدئي مستهدف 10.5 في المئة لعام 2014 - 2015. وقال وزير المالية: "بالنسبة للعام المقبل، سيكون هناك انخفاض ضئيل للغاية وصعوبة شديدة لأن علينا التزاماً قانونياً بزيادة الإنفاق على القطاع الصحي وخدمات التعليم ورفعه إلى المثلين تقريباً وزيادته إلى عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2016 - 2017". وأجرت مصر تخفيضات قاسية في الانفاق في تموز (يوليو)، إذ قلّصت دعم الطاقة بحوالى 40 بليون جنيه (5.6 بليون دولار) وهو ما تسبب في زيادة كبيرة في أسعار الوقود والكهرباء. وكان دعم الوقود في السنوات الماضية يكلف الحكومة حوالى 15 بليون دولار سنوياً تعادل حوالى خمس الموازنة الحكومية. وفرضت الحكومة أيضاً ضرائب جديدة منها ضريبة موقتة إضافية مقدارها خمسة في المئة على الأثرياء لمدة ثلاث سنوات مع سعيها لتعزيز ماليتها العامة. وقال دميان إن الحكومة تعتزم فرض ضريبة قيمة مضافة خلال العام المالي الذي ينتهي في حزيران (يونيو) 2015. وأوضح "لدينا جدول زمني. نحن ندرس ذلك. لدي عقب هذه المقابلة اجتماع كبير مع مصلحة الضرائب على المبيعات ومصلحة الضرائب المصرية". وأردف: "وقريباً جداً سنبدأ في طرح حوار مجتمعي مع مختلف جماعات المصالح المعنية. من السابق لأوانه بعض الشيء تحديد موعد دقيق". وتأمل مصر في أن تقنع قمة اقتصادية مزمع عقدها في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر في شباط (فبراير) المستثمرين بأن الدولة تتيح لهم الاستقرار وفرصاً وفيرة في المنطقة. وقال دميان إنه يتوقع أن تبرم مصر صفقات استثمارية بحوالى خمسة بلايين دولار قبيل القمة. وتابع: "سنطرح مشروعات شديدة الجاذبية في نطاق عريض من القطاعات... في تحلية المياه وفي الزراعة وفي القطاع الصناعي أو قطاعاته الفرعية... سواء في الخدمات مثل الشحن والنقل النهري، أو في الطرق والبنية التحتية مثل معالجة المياه ومعالجة المخلفات الصلبة".