لم يستبعد وزير المال المصري هاني قدري دميان، لجوء مصر إلى «أسواق السندات العالمية العام المقبل، لجمع 1.5 بليون دولار، مع سعيها إلى تعزيز ماليتها العامة». وأكد استعدادها ل «البحث في اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للاتفاق على حزمة قروض في حال دعت الضرورة». وتحاول مصر إصلاح اقتصادها الذي تضرر بعد ثلاث سنوات من الاضطراب السياسي، وبدأت حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي تنفيذ إصلاحات اقتصادية حساسة سياسياً، منها خفض دعم مواد الطاقة وزيادة الضرائب في محاولة لخفض عجز الموازنة وكسب ثقة المستثمرين الأجانب. وحصلت مصر على مساعدات ببلايين الدولارات على شكل منح وقروض ومنتجات نفطية من دول الخليج، التي أيدت السيسي عندما كان قائداً للجيش بعزل الرئيس محمد مرسي المنتمي إلى «جماعة الاخوان المسلمين» العام الماضي. وحالت المساعدات دون انهيار الاقتصاد ومنحت السيسي مساحة للمناورة. وأكد دميان في مقابلة على هامش «قمة رويترز للاستثمار» في الشرق الأوسط، «دفع الاقتصاد إلى نقطة انطلاق قوي، وبدأنا نلاحظ المؤشرات إلى ذلك». ولم ينفِ أن «الوضع صعب جداً، وأن نقطة البداية غير سهلة بالنسبة إلينا، لكن مهمتنا الأساسية في هذه الحكومة هي إعادة بناء الثقة في الاقتصاد المصري». واعتبر أن «الإصلاحات الاقتصادية الأولية سارت في شكل سلس، من دون أن ينكر احتمال «حاجة مصر إلى السعي للاقتراض من الخارج». وقال: «لا نمانع في النظر في كل موارد التمويل المختلفة بالحجم الذي نختاره ومع تقويم التوقيت المناسب، الذي يمكننا فيه دخول السوق أو اللجوء إلى صندوق النقد». لكن رأى أن اللجوء إلى الأسواق العالمية «سيكون أولاً قبل الاستفادة من موارد صندوق النقد الدولي، وهذا سيتوقف على ما إذا كانت لدينا ضمانة أم سنذهب من تلقاء أنفسنا، وفي هذه الحال أتوقع السعي إلى الحصول على ما بين بليون دولار و1.5 بليون كدفعة أولى وذلك لاختبار الأسواق». ورفعت مؤسسة «موديز» توقعاتها للتصنيف الائتماني لمصر من سلبية إلى مستقرة الاثنين الماضي، وعزت ذلك إلى «تحسن الوضع الأمني والسياسي ومؤشرات إلى تعافي الاقتصاد». كما تحسنت آفاق الاقتصاد المصري في الشهور الأخيرة، إذ نما الاقتصاد على أساس سنوي بنسبة 3.7 في المئة في الربع الأخير من العام المالي الذي انتهى في حزيران (يونيو) الماضي، من 2.5 في المئة في الربع السابق. كما أشارت بيانات اقتصادية إلى تحسن متعاقب. وتوقع دميان، «انخفاض عجز الموازنة في السنوات الأربع أو الخمس المقبلة، إلى ما بين 8 و8.5 في المئة من الناتج المحلي، بعد معدل مبدأي مستهدف نسبته 10.5 في المئة للسنة المالية 2014 - 2015» . أما بالنسبة إلى العام المقبل، فلم يستبعد «تراجعاً طفيفاً جداً وصعوبة شديدة، لأن علينا التزاماً قانونياً بزيادة الإنفاق على القطاع الصحي وخدمات التعليم ورفعه إلى المثلين تقريباً، وزيادته إلى عشرة في المئة من الناتج بحلول عام 2016 -2017». يذكر ان مصر خفّضت الإنفاق في شكل ملحوظ في تموز (يوليو) الماضي، إذ قلصت دعم الطاقة بنحو 40 بليون جنيه (5.6 بليون دولار)، ما تسبب بزيادة كبيرة في أسعار الوقود والكهرباء. وكان دعم الوقود في السنوات الماضية يكلف الحكومة نحو 15 بليون دولار سنوياً تعادل خمس الموازنة الحكومية. وفرضت الحكومة أيضاً ضرائب جديدة، منها ضريبة موقتة إضافية نسبتها خمسة في المئة على الأثرياء لمدة ثلاث سنوات مع سعيها إلى تعزيز ماليتها العامة. وقال دميان إن الحكومة «تعتزم فرض ضريبة قيمة مضافة خلال العام المالي الذي ينتهي في حزيران 2015». وأعلن أن «لدينا جدولاً زمنياً ونحن ندرس ذلك». وتأمل مصر في أن تقنع قمة اقتصادية مقرر عقدها في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر في شباط (فبراير)، المستثمرين، بأن الدولة تتيح لهم الاستقرار وفرصاً في المنطقة. وتوقع دميان أن «تبرم مصر صفقات استثمارية بقيمة خمسة بلايين دولار قبيل القمة، وسنطرح مشاريع جاذبة جداً في نطاق عريض من القطاعات، في تحلية المياه والزراعة والقطاع الصناعي أو قطاعاته الفرعية، سواء في الخدمات مثل الشحن والنقل النهري أو الطرق، والبنية التحتية مثل معالجة المياه والمخلفات الصلبة».