توقّعت دراسة موثّقة تعتبر أولى من نوعها، نمو العوالم الرقميّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمقدار ستة أضعاف مع حلول عام 2020، مقارنة بحجمها حاضراً. وبالأرقام، تشير الدراسة إلى نمو حجم البيانات الرقميّة في تلك المنطقة من 249 إكزابايت (كل إكزابايت يساوي تريليون غيغابايت) في العام الحالي، إلى 1835 إكزابايت في عام 2020، ما يمثّل نموّاً ب600 في المئة. جاءت الأرقام ضمن دراسة أنجزتها شركة «إي أم سي» EMC حملت عنوان «العالم الرقمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وتفرّدت الدراسة في رصدها حجم البيانات الرقميّة التي تنتج سنويّاً في المنطقة. وفي السياق عينه، أنجزت شركة «إي أم سي» دراسة عن العوالم الرقميّة عالميّاً، حملت عنوان: «اكتشف كوناً رقميّاً من الفرص: البيانات الغنيّة والقيمة المتزايدة لإنترنت الأشياء» Discover the digital universe: rich data & the increasing value of Internet of things. وكشفت الدراسة عينها الدور الذي يؤدّيه بروز التكنولوجيا اللاسلكيّة والمنتجات الذكيّة وشركات برامج الكومبيوتر، في تعزيز الزيادة في حجم البيانات الرقميّة عالميّاً. وبرز ضمن نتائج الدراسة أن الأسواق الناشئة تنتج كميات متعاظمة من البيانات الرقميّة، إذ جاء 60 في المئة من البيانات في عام 2013 من دول متقدّمة كألمانيا واليابان وأميركا. وثمة توقّع بأن تتمكّن الأسواق الناشئة في البرازيل والصين والهند والمكسيك وروسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من التقدّم على الدول المتقدمة بحلول عام 2017. كما توقّعت الدراسة أيضاً نمو الحصّة الرقميّة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من 3.8 في المئة في العام 2013 إلى 4.2 في المئة في عام 2020. وأوضحت الدراسة أن الإنترنت تدعم النمو الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تقدّم بلايين الأجهزة الإلكترونيّة المتّصلة بال»ويب» قرابة 2 في المئة من حجم البيانات في تلك المنطقة، ومن المتوقع أن تساهم بتعزيز حجم البيانات الرقميّة فيها بنسبة تفوق 8 في المئة مع حلول عام 2020. فلتصبح البيانات «مفيدة» وبيّنت الدراسة أن أغلب البيانات في المنطقة تحتاج إلى الحماية، إذ لا تزيد نسبة المحميّة فعليّاً منها على 47 في المئة من إجمالي حجمها. ويمثل الأمر مصدراً كبيراً للقلق، خصوصاً أن الزيادة المستمرّة في حجم البيانات تفتح المجال أمام مجرمي الإنترنت لاستغلال تلك المعلومات. ووفقاً لخبراء شاركوا في التقرير، يتوجّب على المؤسّسات في المنطقة اتّخاذ الخطوات اللازمة لتحديد «البيانات المفيدة» Useful Data وتمييزها عن تلك القابلة للترابط والتحليل بالوسائل الرقميّة. ووفق التقرير، ينطبق وصف «مفيدة» على البيانات ليس بمجرد كتاباتها في ملفات رقميّة، بل عندما يجري وضع روابط رقميّة لها («تاغ» Tag)، ثم إجراء عملية تحليل عليها. وفي عام 2013، كانت 22 في المئة من البيانات الرقميّة قابلة لأن تكون «مفيدة» لكن ما لا يزيد على 5 في المئة منها جرى تربيطها وتحليلها فعليّاً. وبحلول عام 2020، يتوقع أن يصبح ما يزيد على 35 في المئة من البيانات «مفيدة»، بفضل تنامي ظاهرة «إنترنت الأشياء» Internet of Things، وهو مصطلح يشير إلى وضع معلومات عن أشياء الحياة اليوميّة كافة على الإنترنت. وتأتي تلك البيانات في هيئة رقميّة مُصنّفة، لأنها «تكتب» من برامج متخصّصة منبثّة في قلب تلك الأشياء. وتوقع التقرير أن تفتح ظاهرة «إنترنت الأشياء» آفاقاً واسعة للتواصل مع الجمهور، وخفض تكلفة تشغيل النُظُم الإلكترونيّة، إضافة إلى الاستفادة من فرص أعمال ربما تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات. من جهة أخرى، تخلق «إنترنت الأشياء» تحدّيات كبيرة في ضوء سعي الشركات إلى تخزين تلك الكميّات الضخمة من البيانات المتنوّعة وحمايتها. رهان مستقبلي في سياق شرح الدراسة العالميّة الواسعة لشركة «أم إي سي»، أوضح محمد أمين، وهو المدير الإقليمي لتركيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقيّة في «إي أم سي»، أنها تؤكّد استمرار ريادة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نمو البيانات. وإذ تساهم المنطقة ب 3.8 في المئة من إجمالي العالم الرقمي، أرجع أمين ذلك النمو إلى الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي، والأجهزة الذكيّة، إضافة إلى انتشار أجهزة المراقبة بالفيديو في قطاعات رئيسيّة كالنفط والغاز والطيران والضيافة والبيع بالتجزئة وغيرها. وأشار إلى مساهمة مماثلة في النمو من قِبَل مبادرات المُدُن الذكيّة التي تلاقي رواجاً مستمرّاً في المنطقة. وأضاف: «تبحث المؤسّسات حاضراً عن حلول تساعدها على النهوض بعمليات تخزين البيانات وجعلها «مفيدة»، إضافة إلى استخدامها في صوغ رؤى عن سُبُل تعزيز مستويات نمو المؤسّسات وزيادة قدرتها التنافسية». وفي اتّجاه مماثل، أوضح فيرنون ترنر، وهو نائب الرئيس الأول في شركة «آي دي سي» IDC المتخصّصة في بحوث المعلوماتيّة، أن «الدراسة تؤكّد توجّه العوالم الرقميّة للاستفادة من صعود ظاهرة «إنترنت الأشياء». ومع البدء بتوصيل أجهزة الاستشعار مع شبكة الإنترنت، تصبح البيانات التي تنتجها مهمة في الشركات كافة، كما تساهم في تحديث عمل القطاعات كلها، لنلاحظ أن النمو الانفجاري في كميّات المعلومات هو أمر يخلق فرصاً كبيرة للشركات في كل مكان. وبقول آخر، سوف يعتمد نجاح الشركات مستقبلاً على قدرتها في التعامل مع البيانات وتحويلها مفيدة، إضافة إلى الاستفادة منها في صوغ سياساتها وتطوير أعمالها والتفاعل الفعال مع الجمهور».