«العراق...قنديل الكردي». تحت هذا العنوان بثت «سكاي نيوز عربية»، أخيراً، تقريراً عن جبل قنديل الواقع في المثلث الحدودي الذي يربط بين العراق وتركيا وإيران. التقرير، بالطبع، لا يدور حول جغرافية المكان، وإنما يتلمس بدايات اتفاق السلام الذي أُبرِم بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، واشترط الاتفاق ان يغادر مقاتلو الحزب تركيا، فكان جبل قنديل ملاذاً لهم، وفق مقولة شهيرة مؤلمة تفيد بأن «لا أصدقاء للأكراد سوى الجبال». إذا أردنا الخوض في تشعبات هذه القضية، وفتح صفحات الكفاح المسلح الذي خاضه «الحزب الكردستاني» منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين من أجل انتزاع الحقوق المشروعة لأكراد تركيا، وقمع الجيش التركي، وصولاً الى الهدنة الأخيرة، سنحتاج إلى مجلدات ضخمة. الحديث، إذاً، يقتصر على التقرير الذي دام نحو ثلاث عشرة دقيقة، وأظهر تفاصيل الحياة التي يعيشها المقاتلون الأكراد ممن وضعوا البندقية جانباً، وهم يعيشون الآن «استراحة المحارب» على ذرى تلك الجبال في انتظار تطبيق البنود التي ينص عليها الاتفاق. يبدأ التقرير من نقطة الوصول إلى المعقل الكردي حيث نجد حواجز تنظم عملية الدخول، ثم تظهر الجبال وهي مكللة باللون الأخضر وبالثلوج التي ما زالت تكلل قممها العالية لنعرف ان «قنديل يقع على بعد نحو 150 كيلومتراً من مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق»، كما يقول التقرير ويضيف: «ميزة هذه المملكة المستقلة، هي طبيعتها الساحرة وجغرافيتها الوعرة... هذه الأرض التي كانت شاهداً على أكبر الحروب والصراعات، يبدو أنها أصبحت خصبة لإحياء السلام الذي أثبت أنه يحتاج إلى جرأة أكبر من اتخاذ قرار الحرب أحياناً». تكبد فريق عمل المحطة عناء الذهاب الى تلك المناطق الوعرة، ورصد يوميات المقاتلين الذين أكدوا أنهم لا يميلون إلى خوض الحروب، وإنما يعشقون، ككل البشر، الهدوء والسلام. هناك، في عزلة تلك الطبيعة البكر، يمضي الثوار أيامهم في استعادة ذكريات السنوات الدامية والتطلع بتفاؤل الى غد أفضل. يعيشون في طقس أشبه بالتصوف، وهم متآلفون مع أجواء الطبيعة الخلابة التي تحيط بهم. لا تعثر في وجوههم، التي نحتتها أزمنة القهر، على أي ملمح للحقد أو الشر. تحدثوا إلى الكاميرا بعربية ركيكة، لكنها أوصلت رسالتهم السلمية، وآمالهم في أن يعم السلام منطقة عانت طويلاً. التقرير بدا أقرب إلى فيلم وثائقي قصير، فهو مشغول بحرفية تبدأ من الموسيقى التصويرية، ولا تنتهي عند التعليق الصوتي وزوايا التصوير الجذابة. واللافت انّ معدّيه ابتعدوا عن المنحى السياسي الفج، ليركزوا على التفاصيل الصغيرة لمقاتلين ومقاتلات ملّوا أزيز الرصاص، وها هم يصغون إلى موسيقى الطبيعة الآتية من حفيف الشجر وشدو الطيور في تلك البقعة التي تتطلع الى سلام وشيك.