قررت وزارة الثقافة التونسية الموقتة إلغاء دورة هذا العام من مهرجان قرطاج الدولي وبقية المهرجانات الصيفية. وجاء هذا الإلغاء بسبب تزامنها مع انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تونس. ويرى مراقبون أنّ هذا الإلغاء كان لا بد منه حتى تتمّ وقفة تأمل لوضع المهرجانات الصيفية في تونس مع إعادة النظر في هيكلتها وجدواها وطرق تمويلها ودعمها، فيما رأى عدد من الفنانين أنّ الإلغاء غير منطقي بما أن المهرجانات تعتبر مورد رزق لكثير منهم. والمهرجانات الصيفية في تونس، وخصوصاً الكبرى منها، محلّ جدال كبير بين المهتمين في الشأن الثقافي والفنّي، إذ عادة ما يطرح موضوع تمويل المهرجانات وكيفية دعمها، فضلاً عن الاختيارات على مستوى دعوة الفنانين العرب والأجانب. واستمر الجدال قائماً حتى وقت قريب حول عرض الفنان الفرنسي شارل أزنافور الذي كلّف مئات ملايين الدولارات، وكان كثيرون اعتبروا دعوة «الشيخ» ذي ال85 سنة إلى الغناء على أشهر المسارح العربية خطأ جسيماً سقطت فيه وزارة الثقافة التونسية آنذاك، فضلاً عن استياء آخرين من دعوة فنانين عرب بأسعار خيالية فيما حُجب الدعم عن المطرب التونسي. في المقابل، قررت الوزارة أن تبقي على مهرجانات شهر رمضان أو مهرجانات المدينة التي تنظم خلال الشهر الفضيل من كل سنة، وعادة ما تكون فرصة للفنانين التونسيين كي يقدموا أعمالاً تتماشى مع خصوصيات الشهر الكريم. وفي سياق آخر، ألغيت الدورة السابعة لمهرجان «جاز في قرطاج» التي كانت مقررة بين 8 و17 نيسان (أبريل) المقبل، على رغم أنّ المنظمين أصدروا البرنامج الخاص بالمهرجان الذي أكدت حضور مجموعة من مشاهير الجاز في العالم، مثل لوز كازال وفرانك ساليس واوني ويليامس... وغيرهم. كما ألغيت أيضاً الدورة الجديدة لمعرض صفاقس الدولي للكتاب، وتأجل مهرجان سوسة الدولي لسينما الطفولة والشباب الذي كان من الفترض تنظيمه أواخر الشهر الجاري. ومن المنتظر، وفق بعض المتابعين للشأن الثقافي التونسي، أن تلغى فعاليات ثقافية وفنيّة أخرى نظراً إلى الوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس حالياً، مثل الدورة ال 29 لمعرض تونس الدولي للكتاب والذي لم تصدر في شأنه أية أخبار من داخل وزارة الثقافة ولم يتحدث في شأنه وزير الثقافة في الحكومة الموقتة حتى اليوم. وتتحدث مصادر أخرى عن مستقبل ضبابيّ ل «أيام قرطاج المسرحية» التي تلتئم عادة آخر العام، فضلاً عن تظاهرات فنية وثقافية أخرى. وحتى اليوم لم تصدر أية معلومات عن «ربيع الفنون الدولي» في القيروان و «مهرجان ربيع سبيطلة الدولي»، وهما تظاهرتان تنتظمان في ربيع كل عام. وباستثناء قرطاج، تعيش بقية المهرجانات أزمات مالية خانقة بسبب قلة الدعم وانعدام التمويل تقريباً، ما جعل كثيراً منها يشهد تراجعاً على مستوى القيمة وانتظام الدورات. وفي سياق آخر، انطلقت مبادرات فردية لعدد من الفنانين في الموسيقى والمسرح والسينما لتقديم عروض، سواء في العاصمة تونس أم في بعض المدن الداخلية، وغالبيتها عروض مسرحية وحفلات لموسيقى الراب والأغاني الملتزمة.