واصل متظاهرو «ساحة تقسيم» وسط مدينة اسطنبول التركية لليوم السادس على التوالي «مقاومتهم» اجراءات قوات الأمن التي استخدمت مدافع مياه وقنابل دخان لإزالة حواجز وضعها المحتجون لمنع الشرطة من دخول حديقة «غازي باري» مجدداً. وانضم آلاف من اعضاء نقابات العمال الى الاحتجاجات التي تعدّ سابقة ضد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، منددين بما يعتبرونه «حكماً استبدادياً مستمراً منذ 10 سنوات». وهتفوا «ارحل اردوغان»، علماً ان الأخير يعود الى انقرة اليوم بعد جولته على شمال افريقيا، والتي شهدت منحه دكتوراه فخرية في الجزائر. ولم يعالج الأزمة اعتذار بولنت ارينش، نائب اردوغان، اول من أمس عن استخدام الشرطة «العنف المفرط» ضد المتظاهرين، ما ادى الى سقوط 3 قتلى وأكثر من 4177 جريحاً، وكذلك لقاء ارينش قادة الاحتجاجات الذين تمسكوا بتخلي الحكومة عن مشاريع البناء في حديقة «غازي بارك»، وإقالة مسؤولين في الشرطة. في الوقت ذاته أكد جو بايدن نائب الرئيس الأميركي ان «الأتراك وحدهم يستطيعون حل معضلة التظاهرات المناهضة للحكومة»، وان «واشنطن متمسكة بحقوق المعارضة في التظاهر، وتأمين تغطية إعلامية حرة، وتجنب استخدام السلطات العنف ضد المتظاهرين». وفي مواجهة التعليقات «السلبية» لواشنطن التي لم تخفِ قلقها على الاستقرار في دولة عضو في الحلف الاطلسي (ناتو)، ابلغ وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو نظيره الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي، استياء انقرة من التعليقات. وقال ديبلوماسي تركي رفض كشف اسمه ان «داود اوغلو ابلغ كيري ان تركيا ليست ديموقراطية من الدرجة الثانية». وكان واضحاً سعي أنقرة الى تخفيف حدة نبرتها في غياب اردوغان، الأكثر تحدياً للتظاهرات واهدافها التي يربطها ب «مؤامرة خارجية» ضده. إذ عنونت صحيفة «صباح» غلافها: «غصن زيتون»، فيما كتبت «ميللييت»: «نهج أقل حدة»، في إشارة الى اعتذار الحكومة. ولكن بدا ان تغيير حكومة حزب «العدالة والتنمية» نبرتها تأخر قليلاً لوقف الاحتجاجات، وجاء في بيان اصدرته اتحادات نقابية: «سنؤكد اننا لن نرضخ لفاشية حزب العدالة والتنمية عبر رد فعلنا السلمي الديموقراطي على الأرض، ونثبت ان الحزب يحاول ترهيب قطاع غير صغير من المجتمع لتحقيق احلامه بالسلطة، وتقييد الحقوق والحريات». والى اعتصامات «ساحة تقسيم»، تظاهر حوالى 10 آلاف شخص في العاصمة انقرة، ورفع بعضهم صوراً لمصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، وهتفوا مخاطبين اردوغان: «هذه الأمة لن تركع أمامك». وأعلن متسللو «انونيموس تركيا» انهم هاجموا أنظمة الحكومة التركية، وحصلوا على تفاصيل سرية عن موظفين في مكتب اردوغان، تضامناً مع المحتجين. وأكد مصدر في مكتب رئيس الوزراء أن حسابات البريد الالكتروني الخاصة بموظفين اخترقت، مشيراً الى فصل المتأثرين بالاختراق عن الشبكة. ترافق ذلك مع اعتقال قوات الأمن 24 شخصاً في مدينة إزمير (غرب) بتهمة جرائم الكترونية، ونشر مواد تحرّض على الفتنة والكراهية والعنف في موقعي «تويتر» و «فايسبوك» للتواصل الإجتماعي، علماً ان اردوغان وصف في مقابلة تلفزيونية اخيراً مواقع التواصل الاجتماعي بأنها «كارثة».