أكد وزير المال اللبناني في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي، أن من مصلحة لبنان أن «تكون سورية بلداً مستقراً ومزدهراً والعكس صحيح». ورأى في افتتاح اللقاءات المتخصصة في التنمية الاقتصادية في البلدان المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط» في مقر معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي في بيروت، بعنوان «أفق وفرص النمو ما بعد الحرب في لبنان وسورية»، أن «بدء إعادة البناء على أرضية عملية الديموقراطية وسلسلة من مشاريع البنية التحتيّة الحيوية، سيساهم في إعادة أموال المغتربين السوريين إلى بلدهم، ويسرّع عمليّة التعافي الاقتصادي». وشارك في اللقاءات 40 قيادياً من القطاعين العام والخاص في لبنان والمغرب وفرنسا واسبانيا وايطاليا. ورأى الصفدي، أن «الحرب في سورية ستتوقّف في نهاية الأمر، لذا من المفيد بدء الأعمال التحضيرية لإطلاق النمو وإعادة الإعمار». وكشف أن «عدد السوريين في لبنان زاد نحو مليون ونصف المليون أي نحو 15 في المئة من مجمل السكان»، لكنه أشار إلى أن «الاتفاقات القائمة بين البلدين تسمح لهؤلاء بالسكن والعمل في لبنان، بالتالي لا يمكن إطلاق تسمية لاجئين عليهم، بل يمكن اعتبارهم نازحين»، إذ أن «نحو 400 ألف أو 500 ألف منهم فقط يمكن تسميتهم لاجئين كونهم قدّموا مباشرة طلبات للحصول على مساعدات». وأوضح أن «هذه الإشكالية في شأن التسمية، تحول دون حصولنا على مساعدات من المنظمات الدولية». واعتبر سفير إيطاليا في لبنان جوزيبي مورابيتو أن الأزمة السورية «أثرت سلباً على لبنان على المستويين الاقتصادي والاجتماعي». وعزا ذلك إلى الموقع الجغرافي للبنان، الذي «يجعل من سورية شريكاً اقتصادياً مميزاً والبوابة البرية الوحيدة للبنان». ولاحظ «التراجع الكبير للطلب على المنتجات اللبنانية في السوق السورية، وانخفاض القدرة التنافسية للصادرات اللبنانية بفعل ارتفاع كلفة النقل البري»، مشيراً إلى «تأثر التصدير البحري سلباً خصوصاً في المناطق القريبة من سورية». ولم يغفل انعكاس ذلك أيضاً «وبقوة على القطاع السياحي». ورصد «بدء تأثر النظام المالي اللبناني». وأمل مورابيتو بأن «يتخطى لبنان مشاكله الداخلية من خلال تأليف الحكومة الجديدة، وأن يعود مركز التقاء للمنطقة». وشدد على ضرورة «إيجاد فرص للصادرات اللبنانية»، مشدداً على أن «الاستقرار مهم كي يجتذب لبنان الاستثمارات الأجنبية». وأكد سفير فرنسا باتريس باولي، أن «من الصعب فصل لبنان عن تأثيرات النزاع السوري»، ملاحظاً أن نزوح السوريين إلى لبنان «كانت له إيجابيات في البداية على الاقتصاد اللبناني». لكنه رأى أن «الآثار السلبية أكبر بكثير، ومنها تراجع الحركة السياحية والاستثمارية واستنزاف البنية التحتية»، وقال إن لبنان «يعاني من الأزمة، لكن سيكون له دور في المرحلة التي ستليها في إعادة اعمار سورية». لذا شدد على ضرورة «التحضير لذلك من الآن، وفق نظرة إقليمية شاملة، والبحث في آفاق ما بعد الحرب». وأكد أن الشركات الفرنسية «ستبقى حاضرة بقوة في لبنان وتستعد للمرحلة المقبلة انطلاقاً من إيمانها بالفرص المستقبلية». وحضّ على أهمية «توافر الاستقرار في لبنان، وضرورة أن يعيد لبنان عمل مؤسساته بحيث يستطيع المجتمع الدولي العمل معها لمساعدة لبنان على احتواء آثار الأزمة». واعتبرت سفيرة إسبانيا ميلاغروس هرناندو، أن «من المهم استفادة الدول الأخرى من خبرة لبنان في مرحلة ما بعد النزاع، وكيفية إدارة لبنان في العامين الأخيرين لنتائج النزاع في سورية وانعكاساته». ورأت أن «إدارة النمو الاقتصادي تحتاج إلى دولة ومؤسسات»، مشددة على أهمية «استكمال مأسسة الدولة في لبنان». وأملت ب «انتهاء النزاع في سورية سريعاً، والبدء سريعاً في مرحلة جديدة لسورية والمجتمع الدولي».