وقع رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس مراجعة الطعن بدستورية القانون الذي قضى بتمديد ولاية المجلس النيابي 17 شهراً وأحالها الى المجلس الدستوري طالباً اليه اتخاذ قرار سريع ومتجرد. وقال في كلمة متلفزة وجهها مساء أمس من قصر بعبدا، إلى اللبنانيين: «بحكم مسؤولياتي كرئيس للدولة يسهر على احترام الدستور، رأيت أن من واجبي أن أتوجه مباشرة إلى الشعب الذي هو مصدر السلطات وصاحب السيادة وخصوصاً الى الشباب الذين غصت بهم شبكات التواصل الاجتماعي وعبروا عن رفضهم للتمديد وأريد أن أوضح لهم ومن خلالهم لكل المسؤولين الرسميين والسياسيين الدوافع الدستورية التي أملت عليّ اتخاذ قراري حول القانون الذي قضى بتمديد ولاية مجلس النواب 17 شهراً». وأضاف سليمان «ورد القانون في الأمس إلى رئاسة الجمهورية وتضمن استعجال اصداره وفقاً للفقرة الأولى من المادة 56 من الدستور التي توجب إصدارة ونشره في خلال خمسة أيام فكان لزاماً عليّ الاسراع باتخاذ القرار حوله. إن الدستور يتيح لي عدة خيارات، عكفت على دراستها لأرى أيها الأكثر ملاءمة مع المصلحة الوطنية العليا ومصلحة المواطنين الذين سلب حقهم الدستوري في الاقتراع والترشح فرأيت أن أوقع القانون وأتقدم بمراجعة أمام المجلس الدستوري للطعن بدستوريته، بعدما استبعدت نهائيّاً إمكانية أن أقدم على عدم توقيعه أو رده إلى مجلس النواب لإعادة النظر به أو تأجيل انعقاد جلسة مجلس النواب وذلك انسجاماً مع روح الدستور ومرتكزات الديموقراطية، وبعيداً عن أي كيدية في استعمال السلطة وشل مجلس النواب وتعطيل العمل التشريعي. أول ما لفتني التساؤل حول أنه كيف لرئيس الجمهورية أن يوقع قانوناً لا يتوافق مع الأحكام الدستورية ثم يطعن به وكأنه يطعن بتوقيع وإن جوابي هو أن المادة 19 من الدستور لا تجيز التقدم بمراجعة أمام المجلس الدستوري بقانون قبل صدوره. وتساؤل آخر تداوله الكثيرون بأنه كيف أن الرئيس لم يستعمل صلاحياته الواردة في المادة 57 من الدستور بالمبادرة إلى رد القانون إلى مجلس النواب لإعادة النظر به، فكيف يمكن لرئيس الجمهورية الإقدام على ذلك بعد أن أقدمت اللجان المشتركة ولجنة التواصل النيابي باستهلاك كل الوقت المتاح للتوافق على صياغة قانون جديد للانتخابات بالاضافة إلى التقاعس بعقد الجلسة العامة لمجلس النواب، وتأخيرها حتى آخر يوم من العقد الحالي 31 أيار (مايو) مما أدى إلى افراغ أحكام المادة 57 المذكورة من فحواها وهدفها وأصبح رد القانون وكأنه تعبيد الطريق إلى الفراغ كون المجلس يصبح غير قادر على الانعقاد لانتهاء العقد التشريعيّ». وقال: «ذهب البعض إلى دعوة الرئيس إلى تطبيق المادة 59 من الدستور التي تسمح له بتأجيل انعقاد مجلس النواب والغاء جلسته العامة التي كانت مقررة يوم الجمعة الماضي بهدف منع مجلس النواب من التمديد لنفسه. كما أني استبعدت اللجوء إلى استعمال هذه المادة احتراماً لصلاحيات مجلس النواب الذي عمد أيضاً من خلال التأجيل المتراكم لانعقاد جلساته إلى افراغ هذه المادة من فحواها وهدفها ولاسباب أهم تتعلق بالمصلحة الوطنية العامة وعدم المشاركة في خطيئة الوصول إلى الفراغ لأنه أيضاً لا مجال لانعقاد مجلس النواب في هذه الحالة بعدما انتهى العقد التشريعي للمجلس». وأكد سليمان ان «التأجيل الذي تسمح به المادة 59 من الدستور يجب ألا تتعدى مدة الشهر، فإذا أقدمت كما يتصور البعض على تأجيل انعقاد المجلس حتى تاريخ انتهاء ولايته أكون بذلك قد حرمت مجلس النواب من الانعقاد وساهمت مساهمة مباشرة بإحلال الفراغ في السلطة التشريعية. لكل ما تقدم كان قراري من بين الخيارات المتاحة لي، بين التمديد الطويل أو الفراغ أو اجراء انتخابات متسرعة، قد تشوبها الشوائب بعدما تكاثرت العراقيل أمام سلامتها وشفافيتها من خلال التأخير بتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، أو من خلال المراوحة في انجاز التحضيرات لانتخاب اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب». وختم «لذلك قررت البارحة توقيع القانون، كما وقعت اليوم مراجعة الطعن بدستوريته وكلي أمل أن يقوم المجلس الدستوري باتخاذ قراره حولها بكل تجرد وبأقصى سرعة ممكنة، وعلى الجميع أن يسمحوا لاعضاء المجلس أن يكونوا ناكرين لجميل السلطات التي عينتهم، وذلك بهدف الاتاحة للمجلس النيابي أن ينعقد مجدداً للنظر في تقصير مهلة التمديد بالشكل الذي يسمح له بمناقشة مشاريع قوانين الانتخاب الموجودة لديه، وإقرار قانون انتخاب جديد وفي اجراء الانتخابات في مطلق الأحوال قبل انتهاء مدة الولاية الممددة وفقاً لأحكام القانون الساري المفعول في حينه، ولكي يتاح أيضاً للمرشحن وللفاعليات السياسية المتسع من الوقت لتحضير حملاتهم الانتخابية وتفعيل جاهزيتهم للمشاركة في العملية الانتخابية». وكان صدر امس قانون التمديد في ملحق خاص في الجريدة الرسمية.