قال الخبير التشريعي والقانوني يحيى شقير إن التعديلات التي أدخلت في 45 مادة من الدستور الأردني تثير العديد من التساؤلات حول ثغرات قانونية تحيط بها، جاء ذلك في تقييمه القانوني الذي نشره وجاء فيه: منذ إقرار الدستور الأردني الصادر بعدد الجريدة الرسمية في 8/1/1952 أجريت عشرة تعديلات عليه شملت 30 مادة دستورية. وكان أكبر وأخطر التعديلات ما جرى عام 1958 حين جرى تعديل الدستور مرتين تم في الاولى تعديل 11 مادة وهي الأكبر في تاريخ الأردن، وتم فيها ادخال تعديلات غير ديمقراطية. وجاء هذا التعديل بعد إعلان الأحكام العرفية وحظر الأحزاب بعد تشكيل أول حكومة برلمانية بتاريخ الأردن عام 1956 والوحيدة حتى الآن. وشكلت الحكومة آنذاك برئاسة المرحوم سليمان النابلسي. وللمفارقة فقد رسب النابلسي في انتخابات 1956 لكنه كان رئيس الحزب الوطني الاشتراكي الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد وقيل ان المغفور له الملك الحسين طلب من عبدالحليم النمر - الفائز عن الحزب الوطني الاشتراكي - تشكيل الحكومة إلا انه - ويا للشهامة- رفض ذلك مقترحا على جلالته أن يعهد بتشكيل الحكومة لرئيس الحزب وهذا ما جرى. وبما أن التعديلات الحالية المقترحة تعيد الاعتبار لسنة 1958 فإننا نرى فيها تمهيدا للعودة لتشكيل الحكومات البرلمانية. المحكمة الدستورية يلاحظ عند قراءة النص المقترح لإنشاء المحكمة الدستورية أنه تم تقسيم صلاحيات المجلس العالي إلى ثلاث جهات هي: * أخذت المحكمة الدستورية المقترح إنشاؤها اختصاص المجلس فيما يتعلق بفحص دستورية القوانين. * أخذت محكمة الاستئناف النظامية في عمان اختصاص محاكمة الوزراء. * بقي للمجلس العالي حق تفسير أحكام الدستور إلى حين وضع قانون المحكمة الدستورية، بعدها يلغي المجلس العالي حكمًا وتلغي اختصاصه الوحيد المتبقي. وبشأن تشكيل المحكمة الدستورية ينص الاقتراح المقدم من اللجنة أن تؤلف من 9 أعضاء يعينهم الملك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد وتصدر أحكامها بأغلبية ستة أعضاء. ويلاحظ أن المحكمة المقترحة بعدد اعضائها وطريقة إصدار احكامها هي كالمجلس العالي الموجود في الدستور، لكن الفرق بين المحكمة الدستورية والمجلس العالي هو أن الملك يعين رئيس وأعضاء المحكمة التسعة، بينما في المجلس العالي يعين الملك الرئيس (رئيس الأعيان) ويقوم الأعيان بانتخاب ثلاثة منهم إضافة إلى خمسة من قضاة أعلى محكمة نظامية بترتيب الأقدمية، أي بحكم مناصبهم. ولم يذكر النص المقترح هل يعين الملك رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بتنسيب من مجلس الوزراء أم من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المعنيين؟ والمرجح أن التنسيب يجب أن يكون من رئيس الوزراء والوزراء المعنيين سندا لنص المادة 40 من الدستور التي تنص: يمارس الملك صلاحياته بإرادة ملكية وتكون الإرادة الملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين يبدي الملك موافقته بتثبيت توقيعه فوق التواقيع المذكورة. وتنص المادة 60-4 المقترحة: إذا أثير الدفع بعدم الدستورية أمام أي محكمة فعليها أن تحيله إلى رئيس محكمة الاستئناف التي تتبعها المحكمة التي أثير الدفع أمامها ولرئيس محكمة الاستئناف إحالة الموضوع إلى المحكمة الدستورية إذا وجد ما يبرر ذلك. ويثار هنا تساؤل: ما العمل إذا أثير الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة العدل العليا؟ هل يجوز لمحكمة العدل العليا أن توقف النظر بالدعوى وترفعها للمحكمة الدستورية أم يجب أن ترفعها لمحكمة استئناف عمان طالما أن الاثنتين تقعان في العاصمة؟ وهل يجوز أن تنظر هيئة أدنى في اجتهاد لمحكمة أدنى وتقرر إذا وجد ما يبرر رفع الموضوع للمحكمة الدستورية؟ 3طرق بالتصدي لعدم الدستورية وللخروج من المأزق الذي طرحه شقير يقترح: أن يكون الأمر كما في قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر فهناك ثلاث طرق بالتصدي لعدم الدستورية وهي: * بناء على طلب صاحب الشأن الذي قد تتحقق مصلحته المحقة أو المحتملة بالحكم بعدم دستورية قانون (بمعناه الواسع اي بما يشمل النظام أو التعليمات). * أو أن تقوم المحكمة التي تنظر القضية من دون طلب أو دفع من الخصوم بالتصدي نفسها للموضوع فتوقف النظر في الدعوى وتحيل النص الدستوري إلى المحكمة الدستورية. * أو أن المحكمة الدستورية نفسها أثناء النظر في نزاع معروض أمامها تتصدى للبحث في عدم دستورية نص قانوني يتصل بالدعوى التي تنظرها. فكيف نجيز للسلطة التشريعية الطعن بعدم دستورية قانون أقرته هي؟ والمعروف أن من سعى لنقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه. أضف إلى ذلك أن الأصل أنه المصلحة مناط الدعوى وإذا سمحنا لمجلس الأمة أن يطعن بقانون لمصلحة القانون نكون أمام ما يشبه دعوى الحسبة. تعديلات إضافية مقترحة * يقترح إضافة كلمة ديمقراطي إلى نهاية المادة الأولى من الدستور بحيث تصبح ونظام الحكم فيها ديمقراطي نيابي ملكي وراثي. * إضافة عبارة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك إلى نهاية المادة 7-2 التي تنص: كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. * حسنا توسعت التعديلات في المادة 8 بشأن الحرية الشخصية فأضافت لها: كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. * إضافة الفقرة التالية إلى المادة 7 من الدستور: لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة الحقوق والحريات إلا تلك التي ينص عليها القانون وتكون ضرورية لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وهذا النص موجود في كل اتفاقيات حقوق الإنسان العالمية عندما يراد فرض تقييدات على الحقوق والحريات. * إضافة الفقرات التالية إلى المادة 8 من الدستور: أ- لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني. ب- كل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات في محاكمة قانونية عادلة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع. ت- المسؤولية الجنائية شخصية. ث- لا يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي لصدوره. ج- يحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن. ح- يعتبر التعذيب الجسدي أو النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها. خ- يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدّولة. ويحدّد القانون شروط التعويض وكيفياته. حل مجلس النواب وبشأن حل مجلس النواب ينص التعديل المقترح أن الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل من الحكم خلال اسبوع من تاريخ الحل. وكان تعديل الدستور عام 1954 ادخل نصا شبيها يوجب على الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها أن تستقيل خلال اسبوع من تاريخ الحل على أن تجري الانتخابات حكومة انتقالية لا يجوز لأي وزير فيها أن يرشح نفسه لهذه الانتخابات. وبتعديل 1955 اصبحت الدورة العادية لمجلس الأمة 6 اشهر بعد أن كانت 3 اشهر. وبتعديل 1955 تم تخفيض الدورة العادية لمجلس الأمة إلى 4 اشهر. وفي دستور 52 كانت مدة العضوية في مجلس الأعيان 8 سنوات يتجدد تعيين نصف الأعيان كل 4 سنوات. وفي تعديل 1955 اصبحت مدة العضوية في مجلس الأعيان 4 سنوات وألغي التجديد النصفي. وفي تعديل 1974 تمت إضافة النص التالي للمادة 34 للملك أن يحل مجلس الأعيان أو يعفي أحد اعضائه من العضوية. إن أخطر التعديلات قد جرت عام 1958 ومنها: 1- تم تعديل المادة 57 من الدستور التي كانت تنص على تأليف المجلس العالي (له مهمتان فقط في الدستور هما: لتفسير الدستور أو محاكمة الوزراء) بأن يكون برئاسة رئيس اعلى محكمة نظامية (أي محكمة التمييز) فأصبح برئاسة رئيس مجلس الأعيان. 2- تم تعديل المادة 59 من الدستور التي كانت تنص على أن تصدر الأحكام بالعقوبة (اي عند انعقاده لمحاكمة الوزراء) من المجلس العالي بأغلبية 6 اصوات، وبمفهوم المخالفة يعني أن قرارات المجلس العالي عند انعقادة لتفسير الدستور تصدر بالأغلبية (5 مقابل 4). وعندما تم إلغاء كلمة بالعقوبة أصبحت قرارات التفسير تصدر بأغلبية 6 اصوات لتصبح ملزِمة. 3- كما تعديل المادة 94 من الدستور بشأن قيام الحكومة بإصدار القوانين المؤقتة فقد كانت المادة بنصها الأصلي تحدد شروط إصدار القوانين المؤقتة لمواجهة الطوارئ التالية: أ- الكوارث العامة. ب- حالة الحرب والطوارئ. ج- الحاجة إلى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأجيل. واصبح نص المادة: عندما يكون مجلس الأمة غير منعقد أو منحلًا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة في الأمور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل. وهذا التعديل هو الذي اباح لحكومة علي ابو الراغب إصدار 211 قانونا مؤقتا خلال اقل من 3 سنوات من عمر حكومته وإصدار حكومة سمير الرفاعي الأخيرة 47 قانونًا مؤقتًا. 4- كانت المادة 95 تنص على انه لكل عضو أو أكثر من الأعيان أو النواب أن يقترح وضع مشروع قانون وفي تعديل 58 أصبح يتطلب الاقتراح 10 أعضاء. أما تعديل عام 1973 فتم النص على تأجيل الانتخاب لمدة لا تزيد على سنة ثم توالت التعديلات عليها فأصبح بالامكان تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى. محاكمة الوزراء المادة 55 المقترحة: يحاكم الوزراء على ما ينسب اليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم أمام محكمة الاستئناف النظامية في عمان تنظرها هيئة مؤلفة من خمسة قضاة، يعين المجلس القضائي رئيسها وأعضاءها وتصدر أحكام المحكمة بالأغلبية. ويؤخذ على النص المقترح السابق مخالفته لأسس المحاكمة العادلة حيث ان المحكمة يجب أن تنشأ قبل إحالة الوزير المتهم اليها لأن تشكيل المحكمة بعد إحالة المتهم تغلب فيه مظنة التأثير في تشكيلها. وهكذا يتبين أنه من الممكن إضافة تعديلات أخرى إلى ما توصلت اليه مشكورة على جهودها اللجنة الملكية لمراجعة الدستور ومن المؤمل ألا يكون الاستعجال في إقرار التعديلات حجة لعدم الاستماع إلى وجهات نظر مختلف أطياف قوس قزح الأردني.