الوكالة المساعدة لشؤون الأراضي في وزارة الزراعة تنشر منذ أيام عدة بياناً تحذيرياً في إعلان مدفوع في معظم الصحف تقول فيه: «لاحظت وزارة الزراعة في الآونة الأخيرة العديد من الإعلانات عن بيع أراضٍ زراعية تمت تجزئتها إلى مساحات صغيرة بطرق لا تتوافق مع ضوابط وتعليمات التجزئة لدى الوزارة. ولأن في ذلك تدليساً وتداولاً لأراضٍ بمخططات غير معتمدة من الوزارة، ولا يمكن إفراغها لدى كتابات العدل وتقديم الخدمة لها مثل إيصال الكهرباء، وهو ما قد يحدث نزاعات تنشأ من هذه التعاملات. لذا فإن الوزارة تخْلي مسؤوليتها عن مخططات التجزئة للأراضي الزراعية غير المعتمدة منها، التي لا تتوافق مع الأنظمة والتعليمات وضوابط التجزئة المعمول بها في الوزارة». وإذا تجاوزنا ركاكة الأسلوب والتردد وأنه إخلاء مسؤولية من دون نصائح واضحة، أو التلويح بعقوبات رادعة، فإننا - نحن المتلقين - هنا نطرح السؤال الآتي: لماذا تأخر بيان الوزارة أكثر من عام؟ فالمعلوم لدى الجميع أن ظاهرة بيع المخططات الزراعية رخيصة الثمن بالذات في محافظات تحيط بمدينة الرياض انتشرت بشكل لافت، ولا أود أن أقول مريب، وكنت أتساءل لماذا لا يشتري أصحاب الدخل المحدود 10 آلاف متر بالمبالغ الزهيدة جداً المعلن عنها، ويسكنون في الجزء الذي يستطيعون بناءه منها؟ الأمر الآخر أن هذا البيان يوضح مشكلة إدارية جوهرية، فالممارسة المحذر منها تجارية في المقام الأول، وهي تجارة عقار لا غبار عليها، وترتبط بوزارة العدل، كونها جهة إفراغ وتنفيذ، ومن يحذر من أنه لا يجيزها هي وزارة الزراعة التي «شربكت» معها الشركة السعودية للكهرباء من دون سبب واضح ومفهوم. أتساءل: لماذا هذا التعنت في تجزئة الأراضي الزراعية إلى مساحات أصغر، خصوصاً أننا نتحدث عن تقليص استهلاك المياه، وتوجيه الاستثمارات الزراعية في الخارج، والأهم أننا نتحدث اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً عن شبه اندثار لمهنة المزارع التي ما زلنا نتحدث عنها في كتب المطالعة، وهي مختفية فعلياً بين السعوديين، فلماذا لا نسمح للمزارع «الهاوي» أو «المحترف» بأن تكون له مزرعته الصغيرة، وتقوم وزارة الزراعة بسن أنظمة تتعلق بها في ما يخص القروض أو الدعم والرقابة إن وجدت. يجب أن تسهل الوزارة تحويل الأراضي الزراعية، والصكوك الزراعية داخل المدن أو في محيطها القريب، إلى أراضٍ سكنية لتوفير المزيد من العرض، خصوصاً أننا لسنا بلداً زراعياً، لكن يجب أن تُستثنى من ذلك المناطق الزراعية الشهيرة والمعروفة بتوافر المناخ والماء والتربة التي لا تكون الزراعة فيها ضرباً من الإتلاف المالي والمائي. إن هذا البيان يناقض هدفين استراتيجيين معلنين للحكومة، الأول: خفض أسعار الأراضي على الناس، والثاني: تقليص الهدر المائي بسبب الزراعة القسرية، وهو الاسم الذي أطلقه على محاولات الزراعة في غير المناطق الزراعية الشهيرة والمعروفة في المملكة. لا يكفي أن تحذّر الناس يجب أيضاً أن تشاركهم المعلومات، وكنت أود أن يكون ضمن الحملة توضيح ل«ضوابط وتعليمات التجزئة لدى الوزارة». [email protected] mohamdalyami@