إذا، انتهى الأمر بستيفن سبيلبرغ ورفاقه في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الى الإستجابة الى ذلك «الضغط» الفرنسي المدهش الذي مورس طوال اربعة ايام تلت عرض «حياة أدال» في اتجاه منح هذا الفيلم الذي يمتد نحو ثلاث ساعات «السعفة الذهبية»، وهي كبرى الجوائز ليس في «كان» وحده بل في كل المهرجانات السينمائية العالمية. وبهذا تكون فرنسا حققت فوزا إنما من طريق المخرج التونسي الأصل عبد اللطيف كشيش، كما من طريق واحد من اكثر الأفلام التي عرضت في مسابقات كان إباحية منذ «إمبراطورية الأحاسيس» في السبعينات. كثر سرّهم هذا واعتبروه مكافأة جيدة لمخرج شاب وجريء، وكثرهم آخرون اعتبروا الأمر فضيحة. لكنّ على الجميع ان يقبل الآن، فتلك هي قواعد اللعبة، وسبيلبرغ اعترف بهذا قائلا ان الفيلم احدث هزة لدى المحكّمين.. في المقابل عجزت التحفة السينمائية الإيطالية «االجمال العظيم» عن اقناع وإمتاع اللجنة، فخرج فيلم باولو سورنتينو من مولد الجوائز بلا حمّص وسط أسف الكثر الذين أحبوه، ولم ينل حتى بطله الرائع طوني سرفيلو جائزة التمثيل التي راحت، عن استحقاق كذلك، الى السبعيني الأميركي العائد كالشبح بعد غياب طويل: بروس ديرن عن دوره الرائع في فيلم «نبراسكا» لألكسندر باين...لتفوز مقابله الرائعة بيرينيس بيجو بجائزة التمثيل النسائي التي حجبت عنها للأسف قبل عامين حين كانت تستحقها عن دورها الصامت في فيلم «الفنان». هذه المرة عوضت عن الصمت بحوارات قوية ومسهبة في رائعة الإيراني أصغر فرهادي «الماضي»، فيلمه الأول الذي حققه خارج إيران. أما الأخوين جويل وإيتان كون فكان عليهما ان يكتفيا بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم التي تعتبر عادة جائزة أكثر فنية ونخبوية من «السعفة»، وذلك عن فيلمهما «داخل لوين دايفيز». وإذا كنا في «الحياة، قد توقعنا هذه النتائج في رسائل متلاحقة من دون ان يعني التوقع اعجابا معينا، فإننا وغيرنا وجدنا انفسنا امام «المفاجأة» السلبية الوحيدة غير المتوقعة حين أعطيت جائزة الإخراج الى الفيلم المكسيكي «هيلي» الذي كان ثمة شبه إجماع على ردائته منذ عرضه. مقابل هذا اتت الجائزتان الأخيرتان، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة السيناريو، لتكافئا السينما الآسيوية عن جدارة على تفوقها وارتباطها بالمواضيع الإنسانية، فذهبت الأولى الى الفيلم الياباني «من شابه اباه» الذي يروي فيه مخرجه هيروكازو كوري إيدا، حكاية عائلية لا تخلو من قسوة، فيما ذهبت الجائزة الثانية (السيناريو) الى العمل المميز الجديد من المخرج الصيني جيا جانكي، «لمسة الخطيئة» والذي يقدم في اربع حكايات قاسية صورة شائكة عن واقع الصين ما بعد الفورة الإقتصادية. طبعا كل هذا ستكون لنا عودات اليه. وفي الإنتظار نذكّر فقط بأن الفيلم الفلسطيني «عمر» لهاني ابو اسعد، وهو العربي الوحيد في مسابقات المهرجان، فاز اول من أمس بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في تظاهرة «نظرة ما».