إيران تعلم كيف تشيّد وتؤسس، النفس الطويل عنوان سياستها، وهي تعرف من تختار، وكيف تختار، وما أمامنا لم يبن بالأمس أو أول من أمس، إيران لا تعتمد على ردود الفعل، بل تعمل في هدوء وأناة. في لبنان أعلن مقاول المشروع الإيراني عن نفسه من دون مواربة، لحظة لا بد مما ليس منه بد، أعلن أمين حزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله قائمة الأعداء، تراجعت إسرائيل في القائمة، والذي أعلن عدم طائفيته قبل أشهر، ظهر بأبشع ألوان الطائفية، ولو نطقت القضية الفلسطينية لاشتكت من استغلال الحزب وتعيشه عليها. لكن إماطة سيد المقاومة اللثام عن وجهه في خطابه الأخير كشفت عن شخصية سيد المتاجرة. لم يكن حسن نصرالله يخفي ولاء لإيران، بل عبّر عن تلك السياسة باستغلال الفشل السياسي العربي الدولي، خصوصاً في القضية الفلسطينية، فكان توقيت إعلامه على ساعة القدس واستخدم القدس والأقصى في ما استغل من مقدسات، استطاع تجيير الفشل السياسي العربي لمصلحة إيران، راكم الأرصدة بواجهة المقاومة. ولم تكن إسرائيل بعيدة عن هذا، كيف لا وهي التي تهدد طهران وتهدد نصرالله. في الداخل اللبناني انكشف أن سياسة النأي بالنفس بحسب حسن نصرالله هي النأي بالنفس عن لبنان ومصير اللبنانيين لأجل الأهداف الإيرانية، كما حدث حين حطمت الطائرات الإسرائيلية بيروت على رؤوس سكانها، في عرف حسن نصرالله شيعة لبنان ليسوا سوى حطب لملالي طهران، وفي حين تعلن إيران أن لا وجود لقواتها في سورية، يعلن حسن نصرالله الحرب الطائفية. لكن من الخطأ والوقوع في الفخ أن يحسب نصرالله وحزبه ممثلاً للشيعة العرب أو معبراً عنهم، فيتهمون بما ليس فيهم، فهذا ما تتمناه إيران وتعمل عليه. مرة أخرى استثمرت إيران تنظيم القاعدة، وكما حدث في العراق حدث في سورية، ظهور القاعدة بتلك الصورة المسرحية المثيرة خلط أوراق السوريين، كانت مثل عملية إنقاذ سينمائية مكّنت من المزيد من القتل والتدمير، لم يتساءل أحد كيف حدث ذلك؟ ومن يقف خلفه؟ وها نحن نرى المستفيد. ومثلما شيّدت إيران مشروعها في لبنان بهدوء وطول نفس، هي الآن تشيّد نماذج أخرى في اليمن والسودان ومصر، مشاريع بمراحل نضج مختلفة وواجهات متعددة، تنجح إيران في حين يجد العرب أعذاراً لعدم المواجهة كما يجب أن تكون. www.asuwayed.com @asuwayed