أن ترى امرأة تحمل حقيبة، وتحاول استخراج شيء منها، فإن التوقعات تذهب بك إلى أن أناملها الناعمة ستخرج بهاتف أو محفظة نقود، وربما بأحمر شفاه، لكن أن تخرج عدسة كاميرا تزن أكثر من 300 غرام، وكاميرا يتجاوز وزنها 1400 غرام، يعلوها «فلاش» بنصف وزنها في مؤتمر، أو أحد الأماكن العامة، فإن هذا ما يحدث مع مجموعة من الفتيات السعوديات، اللاتي اتخذن من التصوير «مهنة»، لا هواية فقط. قادت الكاميرا الفوتوغرافية غادة الراجحي إلى كسب الكثير من العلاقات الاجتماعية، فعدستها لا تغيب عن تصوير حفلات المؤسسات الخيرية والصور العائلية الفريدة. جمعت غادة 13 ألف متابع في برنامج التواصل الاجتماعي ال«آنستغرام». كانت بدايتها بكاميرا صغيرة سعرها 180 ريالاً بعد انتقالها إلى المرحلة الثانوية، بمثابة هدية نجاح تلتقط بها كل ما تقع عليه عيناها. رسمت معالم المصورة المحترفة باقتنائها كاميرا ذات مواصفات خاصة وعدسات بدقة عالية (تقدر قيمتها ب30 ألف ريال)، لتخوض تجربة الربح بواسطة عدستها. بدأت بساعات قليلة من كل أسبوع لتجمع بين الدراسة الجامعية والعمل في التصوير، إذ كانت رغبتها هي الاحتراف، ولو أن المكسب المادي أحياناً لا يذكر. يبعث الدعم العائلي على الارتياح، بل يفتح مجالات للتطور، كما تقول رشا السدحان إحدى اللاتي احترفن فن التصوير الفوتوغرافي، بعد أن دعمت مهاراتها وهوايتها وقدراتها التصويرية بدورات خارج المملكة، وعرضها لصورها في معارض عالمية أقيمت داخل المملكة. لعبت أسرتها دوراً مهماً في نجاح تجربتها، إذ كتبت بالصورة قصة مولد طفل جديد في العائلة، فمنذ اليوم الأول لولادة عبدالله وقبل أن يكتب اسمه على معضده لم تفتأ العدسة تصويره وفي الحضانة بين أقرانه حتى كبر وأصبح في عامه الثاني. أحبت رشا التصوير خارج أبواب المنزل، وفي النهار تحديداً، لأسباب اتفق عليها كبار المصورين المحترفين عبر صورهم؛ وهي ضوء الشمس واتجاه الظل ولحظات الشروق والغروب، لكن فعل ذلك في مدينة كالرياض ليس سهلاً، لاعتبارات كثيرة. صعوبة التحرك ونظرة المجتمع لمصورة تتجول في الشوارع دفعتاها إلى البحث عن بديل، فكان أن أنشأت «أستوديو» داخل منزلها، جهزته بأدوات التصوير، مثل الإضاءة القوية والفلاش الخاص والخلفيات المناسبة. وفي منحنى جديد من تجربتها، وفقت في تصوير عارضات أزياء لمصممي عباءات خليجيين ومصممات للأثواب النسائية نالت صورها إعجابهم وإعجاب من شاهدها. اقتنت صاحبة الأستوديو المنزلي كاميراتها وأدواته بسعر مناسب كما تقول، وهي راضية عن نفسها، فالإنترنت جعلها تجد أسعاراً منافسة لوكلاء الداخل، ما جعله خيارها غالباً. وكم هي جميلة المغامرات في نظر منال المطيري عندما تتكلل بالنجاح في الوصول إلى الهدف. تروي قصة التحدي الذي واجهها عندما نصبت حامل الكاميرا في الظلام الدامس فوق جسر على طريق خارجي غير آبهة بأي عارض قد يفاجئها في هذا المكان. طلبت منال من زوجها التوقف لاستراحة من عناء السفر، فكان لها ما أرادت خطرت في بالها تجربة التصوير بسرعة منخفضة والمكان الأنسب لمثل هذا هو الصعود فوق الجسر الموجود بجوار الاستراحة، فأشارت إلى زوجها بأن التحدي الحقيقي هو أخذ صورة نادرة بالنسبة للنساء، إلى جانب حاجتها إلى أضواء كأضواء السيارات المسرعة، وأقنعته بأن التصوير من علو الجسور داخل المدينة يعتبر شبه مستحيل وحظيت في آخر المطاف بها، فكانت من أروع الصور التي علقت على مدخل منزلها ونالت إعجاب الضيوف. الصورة الثابتة وحدها لا تكفي لإرضاء غريزة التفكير لدى تهليل النشوان، التي اتخذت بعداً آخر، وهو إنتاج وإخراج الأفلام القصيرة باستخدام الكاميرا الاحترافية للتصوير الفوتوغرافي. برزت ملكة التصوير لدى النشوان عندما وجدت أن التصوير احترف من كثير من النساء، فأحبت أن تقوم بشيء مميز وفريد يدر عليهاً دخلاً مادياً جيداً. وضعت لنفسها أسعاراً منافسة كما ترى نظير استخدامها لمونتاج يشبه إلى حد ما أفلام التلفزيون، وتختم بأسماء المشاركين والمشاركات وكل من له علاقة بهذا الفيديو، بسعر يبدأ من 2500 ريال ولا يزيد على 4500 ريال، بحسب التفاصيل. تسرح تهليل بالخيال عندما تريد نشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي فيجد المشاهد نفسه غريقاً في خيالاتها، متسائلاً عما تحتويه الصورة من لمسات فنية وألوان تجعل العين تحدق مجبرة. وعندما تجد نفسها حبيسة أستوديو التصوير تأخذ قسطاً من الراحة في رحلة عائلية، وغالباً ما تكون في الإجازة الصيفية خارج المملكة فتحظى بصور من الطبيعة وصور تراثية والحضارات الأخرى. انطلقت في مسيرة تجارة الفوتوغرافيا من البازارات التي تقام هنا وهناك، أو لمن يرغب في تصوير أبنائه أو لزائرة للمملكة تحب أن تحمل صورتها على أسطوانة مدمجة للذكرى، إذ تستمر هذه المناسبة بالعادة إلى ثلاثة أيام. جنت من آخر بازار شاركت فيه بعدستها لمدة ثلاثة أيام نحو 3 آلاف ريال، وهو ليس مبلغاً كبيراً بالنسبة لها، إذ استطاعت في إحدى المناسبات أن تحصد 6200 ريال كما تؤكد. لا تتوقف عن البحث في زوايا أخرى، فهي تتطلع لكسب خبرة في مجالات أوسع كتصوير الرياضيين والرياضيات إذا ما تم السماح للمصورات بالحضور إلى الملاعب. لم تنس تهليل أنها طالبة في الجامعة ترغب بشدة في أن تجد وظيفة رسمية في تخصصها الدراسي إلى جانب احتفاظها بالتصوير والتطور في برامجه، والشيء الذي يثير الاستغراب أن الجامعة لا تدفع لها مقابلاً فيما لو تحملت أعباء التصوير في المناسبات الداخلية للجامعة مثل المؤتمرات والحفلات.