ألقت طائرات أميركية أسلحة وذخائر ومواد طبية للمقاتلين الأكراد قرب مدينة عين العرب (كوباني) الكردية لدعمهم في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وسط تفاؤل حذر من المسؤولين الأميركيين في مسار المعركة هناك، في وقت أعلن مسؤولون أتراك أن المجال الجوي التركي لم يستخدم في هذه العملية، مشيرين إلى أنه جرى تسهيل عناصر من «البيشمركة» لقتال «داعش» في عين العرب. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس إن الولاياتالمتحدة أبلغت تركيا أن إسقاطها أسلحة جواً للأكراد السوريين جاء استجابة لأزمة ولا يمثل تغييراً في السياسة الأميركية. وتابع للصحافيين خلال زيارة لإندونيسيا: «تحدثنا مع السلطات التركية. أنا تحدثت وتحدث الرئيس لكي نوضح تماماً أن هذا ليس تحولاً في سياسة الولاياتالمتحدة. إنها لحظة كارثية وطارئة»، مضيفاً أن ذلك كان «إجراء لحظياً». وكانت القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى (سنتكوم) أفادت في بيان بأن طائرات شحن عسكرية من طراز «سي - 130» نفذت «عدة» عمليات إلقاء مؤن من الجو، مشيرة إلى أن هذه المؤن قدمتها سلطات إقليم كردستان العراق وهدفها «إتاحة استمرار التصدي لمحاولات تنظيم الدولة الإسلامية للسيطرة على كوباني». ووفق بيان «سنتكوم»، نفذت طائرات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة حتى اليوم «أكثر من 135 غارة جوية» على عناصر «داعش» في كوباني، بينها 11 غارة شنت يومي السبت والأحد وساعدت المقاتلين الأكراد على صد محاولة جديدة قام بها التنظيم المتطرف لقطع خطوط إمداداتهم من تركيا. واستهدفت غارات التحالف قرب كوباني 20 من مواقع «الدولة الإسلامية»، وخمس عربات، ومبنيين تابعين للتنظيم، وفق القيادة الوسطى، بينما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هذه الغارات قتلت 15 جهادياً. ويرجح أن تثير عملية تسليم السلاح للأكراد غضب تركيا، حليفة واشنطن، التي جدد رئيسها رجب طيب أردوغان الأحد رفضه السماح بمرور أسلحة أو ذخائر من أراضيه إلى المقاتلين الأكراد المحاصرين في الجانب الآخر من الحدود، والذين تعتبرهم أنقرة «إرهابيين». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب أردوغان تعهدا خلاله تعزيز مكافحة «داعش»، كما أعلن البيت الأبيض الأحد. وقالت الرئاسة الأميركية في بيان إن الرئيسين تحدثا مساء السبت وبحثا وضع «سورية، خصوصاً الوضع في كوباني والإجراءات التي يمكن اتخاذها لوقف تقدم الدولة الإسلامية»، مضيفة أن الرئيسين «دعوا إلى مواصلة العمل في شكل وثيق لتعزيز التعاون ضد الدولة الإسلامية». وتتسم العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتركيا بالفتور منذ أن رفضت أنقرة الالتزام عسكرياً في التحالف الدولي - العربي ضد «داعش». والأحد رفض الرئيس التركي الدعوات الموجهة إلى بلاده كي تسلح «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم، وصفه بأنه «منظمة إرهابية». وصرح أردوغان أن «حزب الاتحاد الديموقراطي» هو نفسه «حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض تمرداً من أجل الحكم الذاتي في جنوب شرقي تركيا منذ 30 عاماً ضد أنقرة. وأعلنت الولاياتالمتحدة الخميس أنها أجرت محادثات مباشرة للمرة الأولى مع الحزب. لكن أنقرة ترفض حتى الآن تسليح الأكراد والتدخل عسكرياً لمواجهة الجهاديين خشية تشكيل قوة مقاتلة كردية فعالة على حدودها. في المقابل، تقيم تركيا علاقات جيدة مع كردستان العراق الذي يعتبر مقاتلوه رأس الحربة في المعارك ضد «داعش» شمال العراق. في أنقرة، (أف ب) قال مسؤول في وزارة الخارجية التركية إن المجال الجوي التركي لم يستخدم في عمليات إيصال السلاح للأكراد. وأعلن وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو أن بلاده اتخذت إجراءات لمساعدة المقاتلين العراقيين الأكراد على الوصول إلى مدينة عين العرب مروراً بأراضيها لمحاربة «داعش». وقال شاوش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامد: «نساعد مقاتلي البيشمركة الأكراد على عبور الحدود للتوجه إلى كوباني. ومحادثاتنا مستمرة حول الموضوع»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية. وأردف الوزير «لم نشأ أبداً أن تسقط كوباني. لقد قامت تركيا بمبادرات عدة للحؤول دون ذلك».