ارتفعت أسعار العقار في الصين خلال نيسان (أبريل) الماضي نحو خمسة في المئة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي، وهو أسرع معدل ارتفاع خلال أكثر من سنتين. وأثار استمرار هذه الظاهرة لأكثر من ستة أشهر الشكوك حول عجز جهود الحكومة عن السيطرة على هذه الفقاعة السعرية. وعزا المحلل الاقتصادي في «الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية» كميل عقاد «ارتفاع الأسعار إلى صعود الطلب على المساكن نتيجة ازدياد انتقال السكان إلى المدن، إضافة إلى عوامل أخرى بعيدة عن الأساسات الاقتصادية التي تساهم في هذه الظاهرة، فالصين تفتقر إلى الأصول البديلة التي يستطيع الصينيون استثمار فوائض مدخراتهم فيها، كما أن البنوك لا تقدم إلا عوائد منخفضة جداً في مقابل الودائع بسبب القيود الموضوعة على أسعار الفوائد». وأضاف في دراسة: «يجد الصينيون صعوبة في الاستثمار في السندات الأجنبية والأسهم المحلية والأجنبية بسبب صرامة قوانين رأس المال، ما يجعل من العقار أحد الخيارات القليلة التي يستطيعون استثمار مدخراتهم فيها من دون فقدان القدرة الشرائية لأموالهم»، موضحاً أن «تضخم أسعار العقار لا يعتبر مضراً عادة إذا ما كان مدفوعاً بأسباب هيكلية مثل ارتفاع الأجور أو انتقال السكان من الريف إلى المدن، ولكن إذا ما كان السبب هو المضاربة بالأسعار، فعندها يبرز خطر حدوث حركات تصحيح قوية». وتحاول السلطات الصينية تجنب مثل هذا الانهيار في أسعار العقار لأن ذلك قد يفقدها مصدرها الأساس للدخل، كما ستتأثر مدخرات السكان سلباً، ما يشكل تراجعاً اقتصادياً، وتعمل منذ 2010 على وضع قوانين من شأنها الحفاظ على أسعار العقار من الارتفاع ولكنها تفشل، وآخر هذه القوانين أصدر في آذار (مارس) الماضي وقضى بفرض ضريبة نسبتها 20 في المئة على الأرباح الناتجة من بيع العقار، لكن النتيجة كانت ارتفاعاً جديداً في أسعار العقار بعدما أسرع المستثمرون الذين يريدون تفادي تطبيق القانون الجديد إلى بيع عقاراتهم. ولفتت الدراسة إلى أن «التضخم بلغ أدنى مستوياته في أيار (مايو) 2012 قبل أن يبدأ بالارتفاع الذي طاول العقارات السكنية الجديدة والمستعملة والتجارية»، موضحاً أن «العقارات المستعملة هي الأكثر حساسية للمضاربة العقارية، ما يفسر تذبذب أسعارها». وبيّنت أن «السلطات تواجه وضعاً معقداً إذ ترتفع أسعار عقاراتها ويتراجع اقتصادها في الوقت ذاته، وبهدف إصلاح المشكلة تسعى الحكومة إلى الحد من عمليات التداول بالعقار وتسهيل التدفق الائتماني في باقي القطاعات، ولكن المهمة ليست سهلة فخلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة بلغ نمو التدفق الائتماني 64.7 في المئة على أساس سنوي، ولكن جزءاً كبيراً منه كان يصل إلى القطاع العقاري على رغم القيود». وعزا عقاد فشل هذه القيود إلى الدور الذي تلعبه الجهات المحلية للمحافظات التي تتجاهل التعليمات بالسيطرة على الأسعار، لأنها تعتمد على عوائد مبيعات العقار، ما يفسر تأخرها في تطبيق قانون الضريبة، إلا أن بعض هذه الجهات بدأ استخدام وسائل أخرى لضمان استقرار أسعار العقار، إذ طلبت شانغهاي من البنوك وقف منح القروض للراغبين بشراء منزل ثالث، كما انضمت إلى بكين التي حدت من عدد المنازل التي يمكن أن يملكها شخص واحد إلى منزل واحد فقط». وأضاف: «يتضمن الحل الفعلي لمشكلة القطاع العقاري فك القيود عن النظام المالي، ما يلغي الضغوط ويسهل من استقبال المدخرات الصينية في غير القطاع العقاري، في حين تتضمن الإجراءات الأخرى التي يجب اتخاذها تأسيس نظام ضمان اجتماعي ودعم للعاطلين من العمل، ما سيقلل من حاجة السكان إلى الادخار».