أكدت دراسة جامعية على ضرورة منح ذوات الاحتياجات الخاصة، ممن يعانين من عوق سمعي، فرصاً وظيفية «مناسبة»، وتخصيص مقاعد لهن للالتحاق بالتعليم العالي. ودعت الدراسة التي قام بها 4جامعيات إلى «زيادة الاهتمام بالموهوبات من المعوقات سمعياً، وتوعية المجتمع بحقوقهن»، مشددات على أن هذه الفئة «شريك له نصيب من كعكة الموارد». واعتبرن هذه الفئة «منسية وتعيش فوق صمتها، تجاهلاً وتهميشاً، يطبق على كيانها». وكشفت دلال الهديب، التي تدرس الماجستير في تخصص «تربية موهوبين»، عن وجود «مواهب لافتة للنظر، وتستحق الرعاية بين المعوقات سمعياً. وقدمت الهديب، وزميلاتها، دراسة لنيل درجة الماجستير، بإشراف الدكتور سميحان الرشيدي، الذي دعا إلى دراسة مواهب من هذه الفئة تحديداً، فتمّ ترشيح 18 فتاة من المنتسبات إلى جمعية المعوقين في الأحساء. وأُخضعت المرشحات لمقابلات واختبارات ومقاييس، أسفرت عن اختيار فنانات تشكيليات، ورسّامات كاريكاتور. ودعت القائمات على المشروع كلاً من الصحف ووسائل الإعلام المهتمة بالرسوم الكاريكاتورية، ودور الطباعة إلى «استقطاب هؤلاء الفنانات للعمل، بهدف استثمار مواهبهن وضمان مستقبلهن». ونُفذ المشروع بالتعاون بين جامعة الملك فيصل، ومركز الرعاية النهارية التابع لجمعية فتاة الأحساء، تحت شعار «بيدي أطلق موهبتي». بدورها أكدت وجدان الملا (ماجستير تربية)، على أن الموهوبات من المعوقات سمعياً «فئات سليمة عقلياً، وذكاؤهن قد ينافس الفتيات السليمات اللاتي في مثل أعمارهن، إلا أن ضعف حاسة السمع لديهن، أو انعدامها كلياً، هو ما يؤثر على مهاراتهن اللغوية التي هي المفتاح الرئيس للتعلم واكتساب المعرفة». وبررت الملا، سبب ضعفهن في الجانب الأكاديمي، مقارنة بقريناتهن السليمات ب «افتقادهن إلى لغة التواصل، وهو ما يجعل مواهبهن ترتكز في القدرات الفنية، والنفس حركية، لأنها مجالات لا تتطلب التواصل اللفظي». وأشارت الملا، إلى أن التعامل معهن «سهل وغير معقد، ويتطلب مراعاة الجوانب النفسية فقط، باعتبار أن أكثرهن يتصفن ب»العناد»، ويضجرن من الروتين. كما أنهن انفعاليات بحسب ما تم تطبيقه من مقاييس ومقابلات شخصية». وعزت سبب عدم مقدرتهن على التعبير والتواصل الاجتماعي الجيد مع المجتمع المحيط إلى «تأثير الإعاقة السمعية على حصيلتهن اللغوية التي هي أساس التواصل». واعتبرت التوعية المجتمعية والأسرية «المفتاح لكسر أي حاجز بيننا وبينهن، شريطة الالتزام بالإجراءات التي من شأنها أن تدمجهن اجتماعياً، وتسهل لغة التواصل معهن». وناشدت زميلتها رؤى العبد الهادي (ماجستير تربية موهوبين)، المسؤولين، ب «سرعة الاستجابة للأمر الملكي، بإتاحة الفرصة للمعوقين سمعياً، من الذكور والإناث، بإكمال دراستهم الجامعية، وتخصيص مترجمين لغة إشارة، ومقررات تناسب مستوى تحصيلهم اللغوي، فقد ندفن مواهبنا بأيدينا». ورأت أنه يجب على أصحاب الشركات والمؤسسات والمدارس والمشاغل أن «يحققوا أمنيات المعوقات سمعياً، بالحصول على وظائف تتلاءم مع قدراتهن»، لافتة إلى أن وزارة العمل تعتبر «توظيف معوق واحد يعادل 4 أشخاص من غيرهم». وشددت العبد الهادي، على ضرورة «المبادرة بفتح مراكز تُعنى بتأهيل ذوي الإعاقة السمعية، تأهيلاً مهنياً، يلائم مواهبهن في المجالات الفنية أو الحرفية». وتمنت من جمعية فتاة الأحساء، «إعادة البرنامج واستمراره حتى لا تُدفن مثل هذه التجربة، وأن يُستفاد من هذا البرنامج بتطبيقه في مناطق أخرى في المملكة». ودعت الإعلام إلى أن يكون «المتحدث باسم هذه الفئة المنسية، وأن يوصّل صوتها إلى الجميع فمن الممكن أن نستفيد من قدرات هذه الفئة، سواء بالعمل في مجال الحاسب الآلي، وإدخال البيانات، والمراسلة، أو في المصانع والمخابز، من خلال تدريبهم على أعمال معينة»، مضيفة أنه «يمكن أن يتم توظيفهم في الصحف، والمجلات، ودور النشر، والمكتبات، والإفادة من مواهبهن الفنية، في رسوم الشخصيات وقصص الأطفال، أو التصميم والديكور والأثاث والمشاغل». فيما قالت زميلتهن الرابعة مها النعيم: «إن المعوقات سمعياً أشد عزلة من المكفوفات، باعتبار أن الأخيرات يستطعن التعبير عن مشاعرهن، ورغباتهن، لقدرتهن على التحدث والاستماع، أما المعوقات سمعياً؛ فتكمن عزلتهن في أنه لا يستطيع أحدٌ فك شفرة التواصل معهن، إلا إن كان لديه دراية بلغة الإشارة، ما يخلق لهن عالماً آخر»، لافتة إلى عدم إتاحة المجتمع مساحة للتواصل والتفاعل الاجتماعي، ما يجعلهن في عزلة ومنحى مختلف يحرمهن من الحصول على الخبرات الاجتماعية بصورة سليمة». وأكدت النعيم، أن «بعضهن تفوق مهاراتها مهارات الفتيات السليمات». وعزت ذلك إلى كون «الخلل لديهن في منطقة الأذن فقط، وليس العقل»، مشددة على أن «مستوى الذكاء لديهن لا يختلف عن الفتيات السليمات». واعتبرت وجود حالات في هذا البرنامج من الموهوبات والفنانات «خير دليل على امتلاكهن مهارات قد تفتقر إليها غالبية السليمات»، وهذا «يثبت نظرية «غاردنر للذكاءات المتعددة» التي لا تقتصر على نوع واحد من الذكاء، فمنها ذكاء منطقي، ولغوي، وحركي، واجتماعي، وذاتي ومكاني»، مضيفة أن «غالبية مهاراتهن تنحصر في الفنون، بسبب انخفاض المستوى المعرفي لديهن عن مستوى السليمات». وأرجعت ذلك إلى «المناهج الدراسية التي لم تتكيف لتبرز مهاراتهن وقدراتهن».