ارتفعت وتيرة المساعي الديبلوماسية في الايام الماضية الرامية الى حل الأزمة السورية. وأعلن وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، الاتفاق مع موسكو على تذليل هذه الازمة تذليلاً ينسجم مع المشروع الروسي. تزامن ذلك مع زيارة وزير الخارجية الايراني، علي اكبر صالحي، الاردن وإجرائه محادثات معمقة مع المسؤولين الاردنيين. وعلي رغم ان زيارة صالحي الاردن شابها التوتر، نجحت طهران في ابلاغ الاردن دعمها بشار الاسد. الاردن بلد مجاور لسورية وفي مقدوره ان يلعب دوراً مهماً في التأثير في الازمة السورية، سلباً او ايجاباً. وانتهجت الحكومة الاردنية سياسة الوقوف علي مفترق الطرق بين دعمها الحكومة السورية أو الامتناع عن دعمها. وثمة معلومات عن وصول 3 آلاف عنصر من «الجيش السوري الحر» الى الاراضي الاردنية تحت رعاية اميركية يسعهم ان يكونوا عناصر فاعلة في الازمة السورية متي قرر الاميركيون ذلك. والاردن هو احد الممرات البارزة في ارسال السلاح من الدول العربية الى المعارضة السورية. وأجمع وزير الخارجية الايراني ووزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، على مكانة ايران في المنطقة والعالم الاسلامي. وزار موسكو رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بعد زيارة وزير الخارجية الاميركي لبحث الازمة السورية مع المسؤولين الروس. لكن زيارة معاون وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الي المنطقة هي من أهم الزيارات الديبلوماسية الذي شملت طهران وبيروت. ونقلت وسائل الاعلام العربية عنه دعم روسيا بشار الاسد، وإبلاغه قيادة «حزب الله» ان بلاده قررت ان تحافظ علي موازين القوي في المنطقة، وتعزيز المحور الايراني – السوري. وجاءت زيارة صالحي الاردن بعد مجيء بوغدانوف الى طهران وانتقاله منها الي دمشق. وهو،اي صالحي، نقل رسالة من العاهل الاردني الى بشار الأسد تشبه الرسالة الاميركية، ومفادها «رفض التدخل العسكري في الازمة السورية». ولاقت الرسالة هذه ترحيباً من الاسد. ونقلت مصادر ان الجانب الايراني طلب من الحكومة الاردنية الوقوف بشكل محايد من الازمة السورية اذا لم تستطع ان تنأى بنفسها عن المحور الاميركي والعربي. وهو ما وافق عليه الاردن. وطهران سعت الي تهدئة الحدود الاردنية - السورية بعد تلقيها تطمينات الروس بوقوفهم الي جانب ايران وسورية و «حزب الله». ووفق المصادر، يسيطر «حزب الله» على الحدود السورية - الاردنية. والارتياح الروسي لنتائج زيارة وزير الخارجية الاردني موسكو هو وراء هدوء الاوضاع علي الحدود الاردنية - السورية. ويرى المراقبون أن قطر هي الخاسر الاكبر من هذه التحركات الديبلوماسية. لكنها تسعى الى الحفاظ علي مصالحها في الملف السوري. لذا، طلب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري زيارة ايران. وتظهر خريطة الازمة السورية وقوف ايرانوروسيا و «حزب الله» والحكومة السورية في مواجهة المحور الاميركي - الاوروبي - العربي والمعارضة السورية. اما قطر وتركيا، وهما في المعسكر نفسه، فهما في وضع لا تحسدان عليه. وهما موضع نبذ المحورين. وانعقدت ثمار الدعم الروسي ايران في الازمة السورية، فطالبت موسكو بدعوة ايران الى المشاركة في مؤتمر «جنيف - 2». فالنفوذ الايراني في هذه الازمة وازن. وطهران فاعلة في الازمة، وهي موجودة ميدانياً من طريق «حزب الله» والجيش السوري. وهي لعبت دوراً استراتيجياً ومحورياً في مواجهة الحركات السلفية. وتنوي طهران عقد مؤتمر في 29 الجاري بمشاركة 40 دولة منها روسيا وسورية والدول المهمة في رابطة حركة عدم الانحياز والاردن ولبنان والعراق والهند وافريقا الجنوبية. وقد تشارك دول اوروبية في المؤتمر. وطهران تسعى الى الحوار بين المعارضة والحكومة السورية. واذا نجح هذا المؤتمر في بلوغ اهدافه، أحرزت الديبلوماسية الايرانية نصراً راجحاً في الساحة الدولية. وخلاصة القول إن ايران استطاعت ان تثبت دورها في الساحة الدولية عبر الازمة السورية. * محلل، عن «ديبلوماسي ايراني» الايراني، 16/5/2013، إعداد محمد صالح صدقيان