أحيا الفلسطينيون في قطاع غزة ذكرى النكبة بتجديد التأكيد على حق العودة ورفض التنازل عنه أو عن أي «ذرة تراب» من أرض فلسطين، والوقوف دقيقة صمت بعدما أُطلقت الصفارات صباح أمس. كما أصدرت الفصائل بيانات منفصلة أكدت فيها التمسك بحق العودة وحق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) عام 1967، ورفض تبادل الأراضي في أي تسوية سياسية، واقتلاع المستوطنات وجدار الفصل العنصري، وتحرير الأسرى والمعتقلين. ومع ذلك، بدا واضحاً ضعف المشاركة الجماهيرية في المسيرة والمهرجان المركزي الذي نظمته اللجنة الوطنية العليا لإحياء الذكرى ال 65 للنكبة، بسبب اليأس والإحباط الناجم عن استمرار الانقسام السياسي واستفحاله. وشارك في المسيرة التي انطلقت من حديقة الجندي المجهول وصولاً إلى مقر الأممالمتحدة غرب مدينة غزة، آلاف قليلة من الناشطين في فصائل منظمة التحرير وفي حركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي». وقبض عشرات المشاركين في المسيرة بأيديهم على مفاتيح أصلية لبيوتهم في قراهم ومدنهم، وأخرى رمزية في دلالة واضحة على التمسك بحق العودة مهما طال الزمن. ورفع المشاركون أعلام فلسطين ورايات الفصائل ولافتات تؤكد حق العودة للاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948 على أيدي العصابات الصهيونية التي ارتكبت عشرات المجازر في مدن فلسطين وقراها، ورددوا هتافات تطالب بتطبيق قرار الأممالمتحدة الذي ينص على حق عودة اللاجئين. ومن بين هذه الشعارات: «سنعود مهما طال الزمن إلى قرانا ومدننا الفلسطينية»، و «العودة حق مقدس لا تنازل عنه»، و «حتما سنعود»، و «فلسطين أرض عربية وإسلامية لا يمكن التنازل عن شبر منها»، و «نعم لحق العودة ولا لمشاريع التوطين والتهجير». وألقى كلمة اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين فيها، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» زكريا الأغا، فيما ألقى كلمة الفصائل عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية. وشدد الأغا على أن قضية اللاجئين «جوهر القضية الفلسطينية وأبرز عناوينها، ورافعة من أهم الروافع التي حملتها للعالم أجمع». وقال إنه على رغم مرور 65 عاماً، إلا أن الشعب الفلسطيني «بقي متمسكاً بحقه العادل في العودة إلى دياره التي شرد منها، رافضاً كل أشكال التوطين وكل الخيارات البديلة عن الوطن فلسطين، مُسقطاً كل محاولات الشطب والاحتواء وطمس الهوية، مُحطماً المقولة الصهيونية بأن الكبار يموتون والصغار ينسون». ورأى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي «تسعى إلى تدمير الحق في العودة عبر مشاريع التوطين بدعم من بعض الدول المعادية لشعبنا وحقوقه المشروعة التي كان آخرها محاولة إسقاط صفة اللاجئ عن أبناء اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم عام 1948، وإنهاء دور (وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) أونروا، وغيرها من المساعي الرامية إلى الالتفاف على حق العودة وكل حقوق شعبنا العادلة». وأعرب عن أمله في أن يكون اتفاق المصالحة الجديد الذي تم توقيعه أول من أمس في القاهرة «الخطوة الأخيرة لإنجاز هذه المصالحة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التي باتت ضرورة وطنية ملحّة لا تقبل التسويف وتمهد لإجراء انتخابات ديموقراطية حرة رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني في أقرب فرصة ممكنة». من جهته، استبشر الحية «خيراً» باتفاق المصالحة الجديد، معرباً عن أمله في أن «تكون الفرصة الأخيرة» لإنهاء الانقسام. وشدد على أنه «لا يمكن أن ننجز مشروعنا التحرري إلا بوحدة حقيقية تبدأ بإنهاء الانقسام الذي طال أمده، ويجب أن ينتهي بأقصر وقت مروراً بإعادة ترتيب بيتنا الداخلي والتوافق على برنامج سياسي يحفظ لنا حق المقاومة ضد الاحتلال، وحق تحرير الأرض والعودة». وعبر عن رفضه كل إجراءات «الوطن البديل واستبدال الأراضي»، معتبراً أنه «حقنا الذي مات عليه آباؤنا واستشهد عليه الشهداء، ولا زال الأسرى والمجاهدون يقبضون على الزناد لتحقيق هذا الحلم». وحذّر مما «يتعرض إليه المسجد الأقصى من تهويد»، متسائلاً عن دور المسلمين والعرب في «نصرته». وفي أعقاب ذلك، سلّم ممثلون عن فصائل العمل الوطني مذكرة إلى ممثل الأممالمتحدة في غزة تتضمن التأكيد على حق عودة اللاجئين والثوابت الفلسطينية. بدورها، أكدت اللجنة السياسية في المجلس التشريعي في غزة أن «فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين، وحق العودة شرعي ووطني مقدس يجب العمل بكل الطاقات والجهود من أجل تحقيقه». وجدد مقرر اللجنة النائب عن «حماس» صلاح البردويل في بيان تلاه لمناسبة الذكرى، التأكيد على عدم الاعتراف بإسرائيل، مشدداً على أن «تحرير الأسرى واجب شرعي ووطني مقدس يجب العمل بكل الوسائل لتحقيقه، ووجوب ملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي في جميع المحافل القضائية الوطنية والدولية والأممية». كما نظم اللاجئون فعاليات ومسيرات في عدد من مخيمات اللاجئين في قطاع غزة أمس إحياء للذكرى.