أثار ترشح هاشمي رفسنجاني موجة عارمة من الردود في الأوساط الإعلامية والخارجية. وتعاون تيار الفتنة وتيار الانحراف على الايحاء بقرب انتهاء النظام والعمل الثوري في إيران. لكن القراءة الأولية للمشهد السياسي لا تظهر تغييراً جوهرياً. فدعم الولاياتالمتحدة للفتنة والانحراف لم يفتر، لكنها عاجزة عن التأثير في الانتخابات. والايرانيون لم ينسوا الفتنة الاميركية - الاسرائيلية في 2009. وهم تصدوا للمخططات الداخلية والخارجية، وسطّروا الملاحم بعد احداث 2009، وجبهوا العقوبات الاقتصادية. ما هو الدور الذي قد يلعبه رفسنجاني، اثر ادراج ترشحه في خانة الفتنة والانحراف، في تغيير المعادلات السياسية التي يصبو اليها هذان التياران؟ وهل ثمة من يؤيد رفسنجاني خارج اوساط التيار الاصلاحي؟ واذا كان الجواب بالنفي، فهذا يعني انه لا يملك مناصرين غير اولئك المنحازين الى تياري الفتنة والانحراف، وأن دعمه الشعبي لم يتعاظم. لذلك لا مسوّغ لهذا الصخب الاعلامي الخارجي. ألم يقل الاصلاحيون ان رفسنجاني قائد بلا جيش، وساذج من يرى ان ترشحه كان بمثابة انفجار دوّت تردادته في وسط الاصوليين. ولكن اذا كان ترشح رفسنجاني لم يأتِ بشيء لتياري الفتنة والانحراف، لماذا أصر مسؤولو الفتنة على دعم ترشحه؟ لم يخفَ على بعض الاصلاحيين وعدد من وسائل الاعلام الاجنبية ان التيار الاصلاحي لن يسترجع مواقعه السابقة، وأقروا بأن ترشح رفسنجاني ربما يساهم في مشاركة الاصلاحيين في الانتخابات وعودتهم الي دائرة النظام من غير المشاركة في الحياة السياسية. وتناهى الينا ما قد يهم رفسنجاني ويمكنه التحقق من صدقيته. نُقل عن خاتمي قوله إثر اصرار الأول على الترشح للانتخابات: «يعلم هاشمي علم اليقين ان مجلس صيانة الدستور يطعن في أهليتي لخوض الانتخابات، وهو يسعي الى استمالة اصوات الاصلاحيين لتصب في دائرة المرشح الذي يديره عن بُعد. واذا خسر مرشحه، لن يمنى بانتكاسة مباشرة ولن يخسر وزنه السياسي في الداخل». وعُقد اجتماع اقترح فيه السيد «م» دعوة رفسنجاني الى الترشح، لكسب التأييد الجماهيري اثر اخفاقات حكومة الرئيس احمدي نجاد. وإذا عدم فوزه، لن يصب ذلك في حساب الاصلاحيين، لأن رفسنجاني خارج معسكرهم. لذا، سعي خاتمي الى حض رفسنجاني على الترشح مستغلاً الاعلام الداخلي والخارجي ليضغط عليه وعلي الوسط الانتخابي. وهكذا صار رفسنجاني جسر الاصلاحيين الى الحياة السياسية، على رغم أنهم اساؤوا اليه خلال السنوات الاخيرة اكثر من غيرهم. يراد من انسجام تياري الفتنة والانحراف الشكلي خداع رفسنجاني. فدور تيار الانحراف انتهى بانتهاء ولاية حكومة احمدي نجاد، لذا لم يكن امامه غير الائتلاف مع تيار آخر للبقاء في الساحة السياسية. ولا تشذ عن هذا السياق خطوة مشاركة نجاد غير القانونية في ترشيح مشائي وإعلان دعمه له. فهو رمى من وراء هذه الخطوة الانتحارية الى توجيه رسالة واضحة الى تيار الفتنة بأنه مستعد لكل شيء. وستكون المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة كبيرة. فالمواطنون يدركون حساسية الاوضاع ودعم الاعداء لتياري الفتنة والانحراف. ولا يخفى على دعاتهما، إذ يسعون الى تنظيم اضطرابات أو اعمال شغب، ان القوي الشعبية الثورية لهم بالمرصاد، وستقضي عليهم في ساعات قليلة من دون لومة لائم. * عن «كيهان» الايرانية، 13/5/2013، إعداد محمد صالح صدقيان