أفادت مصادر حزب «الاستقلال» أنه أعدّ مذكرة تفصيلية حول خلفيات قرار انسحابه من حكومة عبدالإله بن كيران، سيعرضها على العاهل المغربي الملك محمد السادس في وقت لاحق. وجاء ذلك في وقت استمر وزراء الحزب الخمسة في أداء مهماتهم في قطاعات الخارجية والتعليم والطاقة والصناعة التقليدية والمغتربين، إلى حين الحسم في طلب التحكيم الملكي في أول أزمة بهذه الحدة تجتازها حكومة بن كيران. وفي أول رد فعل، وصفت صحيفة «التجديد» المقربة إلى «العدالة والتنمية»، حزب رئيس الحكومة، قرار الانسحاب الذي اتخذه المجلس الوطني لحزب «الاستقلال»، بأنه يهدف إلى «افتعال أزمة سياسية» وأنه في ظاهره «يفيد الإرادات التي تعاكس الإصلاح». ورأت أن أي تفكير خارج المصلحة الوطنية «يؤثر سلباً على تجربة الانتقال الديموقراطي المتدرج» التي تمر بها البلاد. ونقلت بياناً صدر عن «تيار لا هوادة» الذي يتزعمه عبدالواحد الفاسي المترشح السابق لمنافسة الأمين العام ل «الاستقلال» حميد شباط، اتهم فيه الأخير بتنفيذ «سيناريو مكشوف» يجعل من المجلس الوطني للحزب «مؤسسة صورية للتصديق» على القرارات التي يتم اتخاذها خارجه. أما حزب «الاتحاد الاشتراكي» المعارض فاعتبر أن هذا الموقف يعكس وجود أزمة في البيت الحكومي وبأنه «تصدع لم تعد معه التصريحات الضبابية كافية لتفسير ما جرى». وأفادت مصادر هذا الحزب المعارض أن الأزمة «تؤكد أن التعاطي وتنبيهات المعارضة الاتحادية هو نفسه مع الحلفاء عندما يختلفون في التقدير». وأوضحت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» أمس «أننا أمام أزمة سياسية لا يمكن أن نتوقع انقشاعها بين ليلة وضحاها» وستظل كافة السيناريوات مفتوحة. وفيما التزم رئيس الحكومة الصمت، نُقل عن وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح القيادي في «العدالة والتنمية» قوله إن المشاورات حول هذه القضية ستكون مع من يهمهم الأمر، موضحاً أن حزبه كان مستعداً لهذا الاحتمال، و «أن غالبية ستتشكل مستقبلاً لا بد أن يطبعها الالتزام والعمل وفق البرنامج الحكومي» في ظل احترام الأوفاق الدستورية. واعتبر زعيم «التقدم و الاشتراكية» نبيل بن عبدالله المتحالف مع إسلاميي «العدالة والتنمية» في الحكومة الحالية، أن قرار «الاستقلال» سيادي يتحمل ضمنه كل مسؤولياته وانعكاساته. وترصد الأوساط السياسية في المغرب تداعيات الموقف، إن لجهة احتواء الأزمة على ضوء التحكيم الملكي الذي تضمنه بيان المجلس الوطني ل «الاستقلال»، وتحديداً من خلال الفصل 42 من الدستور الذي ينص بوضوح على دور الملك في التحكيم بين مؤسسات الدولة «والسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات»، أو من خلال البحث في صيغة وفاقية لتقريب وجهات النظر بين «الاستقلال» ورئاسة الحكومة، أو البحث في مخرج آخر. ولفتت المصادر في هذا السياق إلى أن «الاستقلال» أعلن انسحابه من الحكومة من دون أن يرهن ذلك بعودته إلى صفوف المعارضة. ولعل أول أزمة يمكن أن تواجهها حكومة بن كيران تكمن في التزام نواب «الاستقلال» عدم التصويت لمصلحة مشاريع القوانين التي تعرضها. غير أن تصديق الحزب على البرنامج الحكومي والموازنة المالية الحالية، تجعله في موقف صعب. ووفق مصادر عدة، فإن «الاستقلال» لم يغلق كافة المنافذ في وجه التوصل إلى حل للازمة الحالية.