اعتاد مجموعة من شباب الجالية البرماوية التي تقطن مكةالمكرمة منذ أعوام، أن يقضوا شهر رمضان في إحدى المحافظات الصغيرة أو القرى، لإمامة الناس هناك في صلاة التراويح والتهجد. أهّلهم لذلك حفظهم للقرآن الكريم، فهم يتعلمون القرآن ويحفظونه منذ نعومة أظفارهم، فلا يتم أحدهم عمر ال15 حتى يكون حافظاً لكتاب الله متقناًَ لقراءته وتجويده، ما يجعل أهالي المحافظات والقرى البعيدة يطلبونهم للإمامة في صلاة التراويح خلال الشهر الكريم. الإمام نور نذير عبدالعزيز أحد هؤلاء الشباب، فهو يصلي بالناس في أحد مساجد محافظة القنفذة منذ أعوام. يحكي قصته مع هذه العادة: «حفظت القرآن وانا في سن ال15 خلال دراستي في معهد الحرم المكي الشريف، استغرق مني ذلك ثلاثة أعوام». ويضيف: «شاءت الصدفة قبل ستة أعوام أن يحضر الشيخ حسن الفقيه من القنفذة، طلباً لمجموعة من القرّاء للقراءة بالمصلين في القنفذة بشهر رمضان المبارك، وتم اختباري ومن ثم ترشيحي أنا وستة من الاخوة كي نؤم المصلين في رمضان». عن يومه، وكيف يقضيه خلال الشهر الكريم في القنفذة بعيداً عن أسرته، يشير إلى أنه يستيقظ باكراً قبل صلاة الفجر ويتناول وجبة السحور، ومن ثم يستعد لصلاة الفجر، وبعد الانتهاء منها يقوم بمراجعة جزء كامل من القرآن، حتى يحين وقت الضحى، فيتجه إلى سكنه للراحة». بعد صلاة الظهر يراجع نور القرآن الكريم حتى الساعة الثانية والنصف، ثم يرتاح حتى وقت صلاة العصر، ليعيد الكرّة ذاتها، حتى قبيل صلاة المغرب، إذ يبدأ بالاستعداد للفطور. يقول نور: «اعتدت في رمضان تناول الأكل الخاص بنا نحن الجالية البرماوية، لكنني مع مرور الأعوام، التي قضيت رمضان فيها في القنفذة، اعتدت على أكلاتهم المميزة مثل الخمير والشوربة الحميس، التي نقلتها بنفسي إلى اهلي في مكةالمكرمة». أما بالنسبة للسكن، فوفر له العم حسن الفقيه الذي جلبه إلى القنفذة لإمامة الناس سكناً طيباً بحسب قوله، «وفي نهاية كل شهر رمضان أتقاضى نحو 4 آلاف ريال، إضافة إلى تأمين المواصلات، لدرجة أنني بدأت أحس أنني بين اهلي في مكة من المعاملة الطيبة التي وجدتها من أهل القنفذة». بدوره، يلاحظ زميله سمير قاسم أن عدد المصلين في كل عام يزداد، يقول: «نحن في القنفذة خمسة أشخاص، أما عدد القراء الذين يتجهون الى مساجد المناطق الجنوبية فهم يصلون إلى 3 آلاف مقرئ، ويصل العدد الى حوالى 6 آلاف مقرئ في جميع أنحاء المملكة. ويشير قاسم إلى أنه وزملاءه تعلموا بعض اللهجات الجنوبية، كما أنهم بدأوا بإقامة حلقات لتحفيظ القرآن لتعليم الناس وتحفيظهم إياه، «قمنا بعمل حلقات خلال السنوات الماضية لحفظ القرآن، لاقت اقبالاً كبيراً».