قد يضطر النائب العام في مصر طلعت عبد الله إلى التحقيق مع مؤسس حزب «الراية» السلفي حازم صلاح أبو اسماعيل في بلاغات اتهمته بإهانة الجيش وقائده العام الفريق أول عبدالفتاح السيسي والتحريض على حصار مقر جهاز الأمن الوطني، ما سيسبب حرجاً بالغا للرئيس محمد مرسي الذي دأب أبو إسماعيل على الدفاع عنه أمام معارضيه، إذ يُنظر إليه على أنه حليف للرئيس يُحرك أنصاره ضد منتقدي «الإخوان». لكن انتقادات أبو إسماعيل للجيش والسيسي هذه المرة أثارت غضباً في صفوف القوات المسلحة، إذ إنها أتت بعد أن شكت المؤسسة العسكرية للرئيس من تكرار «الإساءات» التي توجه إلى قادتها من حلفائه، وهو ما وعد الرئيس بوقفه والتصدي له. وهاجم أبو إسماعيل حديث السيسي في احتفال بذكرى تحرير سيناء، واصفاً إياه ب «الممثل العاطفي». وقال في برنامجه التلفزيوني على إحدى القنوات السلفية: «من يومين وقف السيسي القائد العام للقوات المسلحة يؤدي دور الممثل العاطفي الذي يستجلب رضا الناس (وكأنه يقول) أن عولوا على الجيش، وفي اليوم التالي كتبت كل الصحف المعارضة: عولوا على الجيش اعتمدوا على الجيش». وأضاف: «أنا أحمّله (السيسي) وأحمّل من معه مسؤولية الحديث في الكونغرس (الأميركي) عن أن القادة العسكريين الموجودين حالياً في مصر حلفاء معنا ويمكن الاعتماد عليهم»، منتقداً «عدم صدور تصريح من المتحدث العسكري يقول فيه إن القوات المسلحة جزء من الدولة وتأتمر بأوامر قائدها الأعلى (مرسي) وتلتزم بذلك وترفض أن تُعتبر جزءاً من حلف مع أي جهة أجنبية». وقدم محامون وضابط شرطة بلاغات عدة ضد أبو إسماعيل إلى النائب العام تتهمه ب «تكدير الأمن العام» و «إهانة القوات المسلحة». كما قدم محام بلاغاً للمدعي العام العسكري يطلب فيه التحقيق مع أبو إسماعيل، منتقداً صمت النائب العام إزاء «تجاوزاته». وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد محمد علي ل «الحياة»، إن هذه البلاغات يحدد مسارها القضاء العسكري. لكن مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية شددت على «ضرورة» ملاحقة أبو إسماعيل تنفيذاً لوعود الرئيس لقادة الجيش. وقالت: «سنرى ما سيحدث، وهذه الواقعة ستكون حاسمة في اختبار نوايا الإسلاميين تجاه الجيش». وطالب حزب «الإصلاح والتنمية» مجلس القضاء الأعلى باتخاذ موقف حاسم ومحاسبة النائب العام إذا لم يفتح تحقيقات عاجلة في شأن البلاغات المقدمة ضد أبو إسماعيل «لإهانته العلنية القوات المسلحة». وقال رئيس الحزب محمد أنور السادات في بيان إن «ما قام به أبو إسماعيل يعد اختباراً حقيقياً للنيابة العامة لإثبات مهنيتها وموقفها القضائي المستقل في ظل ما يتردد عن علاقتها المباشرة بمؤسسة الرئاسة». ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر قضائية في المكتب الفني للنائب العام أن عبدالله أمر بإعادة فتح التحقيق في جميع البلاغات التي حفظت ضد أبو إسماعيل، وبلاغات جديدة تتهمه بإهانة السيسي. وسعى أبو إسماعيل إلى التراجع عن تصريحاته. وقال ل «الحياة»: «لا أقصد أن اتهم الفريق السيسي بأنه يؤدي دوراً تمثيلياً عاطفياً، لكن شعرت باستياء من تصريحات أميركية عن أن قادة الجيش هم حلفاؤهم، ورأيت في ذلك الأمر تصريحاً جللاً يحتاج إلى رد من الجيش وطلبت منهم الرد... هذا كل ما حدث لكن بعضهم سعى إلى تضخيم الأمر». وأوضح أن محاميه يتابع ما يثار عن تحقيقات معه. وقال محاميه أيمن أبو إلياس ل «الحياة» إنه «حتى اللحظة لم يصل أي استدعاء رسمي للشيخ أبو اسماعيل لا من النيابة العامة ولا النيابة العسكرية». وأضاف أن «أي استدعاءات سنتصرف معها في إطار من القانون، ولا نرى أن هناك أي مشكلة في تصريحات الشيخ»، معتبراً أن «هناك حالاً من التربص به بهدف إحداث نوع من الاحتقان تجاهه لأنه الوحيد الذي مازال واقفاً على قدميه ولم يركع». وقال أبو إسماعيل في تدوينة على حسابه في موقع «فايسبوك»: «بعض الوجوه المعروفة بنفاقها وفسادها عادت لتطل علينا كثيراً للترويج لنظام (الرئيس السابق حسني) مبارك. وتحاول هذه الوجوه إثارة التعاطف مع مبارك نفسه من بعد ما لبست ثوب الثورة زوراً وعملت في خدمة السلطة العسكرية». وحذر من أن «ظهورهم هذا يعني بداية مرحلة خطرة ينبغي أن يستعد لها كل حريص على هذه الثورة لأن هؤلاء إذا نجحوا، ولن ينجحوا بإذن الله أبداً، لن يتركوا شريفاً إلا أذلوه وقهروه، سواء أكان إسلامياً أم لم يكن».