اعتبر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط بيل راميل أن هناك «بوادر إيجابية» لاستئناف محادثات السلام السورية - الإسرائيلية التي تتوسط فيها تركيا. وأكد أن دمشق لا تزال ترسل أسلحة إلى «حزب الله» عبر الحدود، وأن تعاونها في منع دخول «الإرهابيين» إلى العراق عبر حدودها أفضل، غير أن هناك أدلة واضحة على أنها لم تستطع حتى الآن منع هذا تماماً. ونفى طلب وساطة سورية مع إيران للتعاون مع المجتمع الدولي في شأن برنامجها النووي «لأنه لا حاجة لمثل هذه الوساطة»، خصوصاً أن الرئيس باراك أوباما قرر فتح حوار مباشر مع طهران. وقال راميل في مقابلة أجرتها معه «الحياة» في مكتبه في وزارة الخارجية البريطانية في لندن، إن زيارته لسورية التي تمت الثلثاء الماضي «تهدف الى تحديد موعد مع الرئيس بشار الاسد، وتأتي في إطار مبادرة الحوار مع سورية والتي بدأت نهاية العام الماضي حين زار وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند سورية، وهذه الزيارة هي لمتابعة هذه الجهود، خصوصاً اننا نعتقد ان هناك مؤشرات تدل على ان سورية راغبة في العودة الى الحظيرة الدولية والتعاطي بإيجابية مع المجتمع الدولي، وهذا ما لم يكن يحصل سابقاً، كما اننا نعتقد ان هناك بوادر أمل في استئناف المحادثات السورية - الاسرائيلية، والتي تسهّلها تركيا مع انها انقطعت لفترة قصيرة». واعتبر ان «تبادل البعثات الديبلوماسية بين لبنان وسورية عامل ايجابي وخطوة ملحوظة، بالإضافة الى مواصلة بناء العلاقات السورية - العراقية وتبادل الزيارات، كل هذه الخطوات ايجابية وفي الاتجاه الصحيح. وما نريده هو البناء عليها وتشجيع سورية على الاستمرار في هذا النهج، بل وتعميق التعاون بين سورية والمجتمع الدولي، خصوصاً إذا استمرت سورية في تعميق تعاونها، لأن هذا التعاون سيكون ذا نتائج جيدة ومفيدة لسورية والدول الاقليمية والعالم». ورداً على سؤال عما قاله السفير البريطاني في العراق كريستوفر برنتيس عن استمرار تدفق المقاتلين العرب عبر الحدود السورية الى العراق، قال راميل: «أعتقد ان العلاقات العراقية - السورية أفضل على الصعيد السياسي، وزار وزير الخارجية السوري وليد المعلم العراق اخيرا، واعتقد اننا نتطلع الى المزيد من التعاون السوري الفاعل وفي وقف تدفق المقاتلين عبر سورية الى العراق حيث يقومون بأعمال ارهابية، وهذا ليس في مصلحة العراق أو سورية، لأننا نعتقد ان سورية على المدى الطويل يمكن ان تصبح ضحية الأعمال الإرهابية، بل ستكون ضحية بالطريقة نفسها التي تعاني منها دول أخرى». وأوضح الوزير البريطاني أنه يعتقد أن هناك نقاشا جديا لم ينته بعد في شأن تغيير محتمل في شأن موقع سورية اقليمياً ومصالحها الدولية: «نريد تشجيع مثل هذا النقاش، كذلك تشجيع السوريين على عدم السماح في استعمال بلادهم كنقطة ترانزيت للإرهابيين الذين يدخلون العراق». ولم يشأ اعطاء أرقام عن عدد المقاتلين الذين يعبرون الحدود السورية إلى العراق، مكتفياً بالقول إنها كبيرة. ورداً على سؤال عن إمكان سلام بين سورية وإسرائيل في ظل قيام حكومة إسرائيلية متشددة، أعرب عن اعتقاده بأن من الممكن الوصول إلى حل في شأن الجولان مع الإسرائيليين، وحتى بوجود حكومة بنيامين نتانياهو، مشيراً إلى أن التاريخ يشير أن الحلول الوسط تأتي من الحكومات اليمينية المتطرفة، و «نحن نعلم ان اسرائيل ديموقراطية، وعلينا التعامل مع من ينتخبه الشعب الإسرائيلي». واضاف: «نعلم ان هذه المحادثات ستكون صعبة، لكنني لا اعتقد انني اريد نفي إمكان الوصول إلى تقدم للسلام بين سورية وإسرائيل، ونحن نعتقد بأن الأتراك لعبوا دوراً مشرفاً وساعدوا في الحصول على تقدم في المفاوضات، والمهم ان رسالتنا إلى سورية تقول إن من المهم جداً إعادة هذه المفاوضات إلى مسارها والاستمرار بها». وعن العلاقة بين لبنان وسورية، قال: «العديد كان يعتقد قبل سنوات أن قيام تبادل ديبلوماسي بين لبنان وسورية شيء غير ممكن، ومع أن هذه خطوة جيدة، لكننا نعتقد ان سورية تستطيع القيام بالمزيد لتنفيذ القرار 1701 الذي يشدد على وقف وصول الاسلحة لحزب الله عبر سورية، وكذلك جميع مقررات الأممالمتحدة بهذا الشأن». وعما اذا كانت لدى بريطانيا أدلة عن تدفق أسلحة إلى «حزب الله» من سورية، أجاب: «نعم لدينا أدلة، ونحن نتمنى ونطلب بشدة توقف هذا». ووصف التغيير في السلوك السوري مثل حاملة نفط كبيرة تسير في الاتجاه الصحيح، غير أن وصولها إلى هدفها ليس مؤكداً ولا يحمل ضمانات، لكنه اعتبر أن مسيرتها بدأت وهذا ما يجب تشجيعه، مشدداً على أن سورية لم تفعل كل ما تستطيع فعله كدولة ديموقراطية مستقلة نحو التعاون مع المجتمع الدولي، مشدداً مرة أخرى على انها تسير في الاتجاه الصحيح وبقوة. وردا على سؤال عن امكان قيام وساطة سورية مع ايران في شأن برنامجها النووي، قال الوزير البريطاني إن «أوباما قال بوضوح إنه يرغب في إقامة خطوط حوار مباشرة مع ايران، وهذا ما سندعمه وشركاؤنا، لكن من الواضح أن الايرانيين يسمعون للسوريين بطريقة مختلفة عن باقي الدول، ومن هنا فإنني أقول للزملاء السوريين إننا نأمل في أن يشددوا للايرانيين على ما نقوله نحن وعلى رغبتنا في إقامة حوار مفتوح مع الايرانيين». وأضاف راميل انه يأمل ويهدف الى حصول تغيير في الموقفين السوري والايراني في المستقبل، «ولنتذكر الحوافز التي قدمت الى ايران، ونحن لا نرغب في قيام تنافس بين ايران وسورية، بل نريد أن نعلم الدولتين أن تعاونهما مع المجتمع الدولي يخدم مصالحهما». واعتبر راميل أن مخاوف اللبنانيين التي يفهمها تاريخياً، من عودة السيطرة السورية على لبنان بطريقة أو بأخرى في حال قيام سلام بينها وبين اسرائيل، غير مبررة لأن ما يريده الأوروبيون هو سلام شامل في المنطقة. لكن في الوقت نفسه يجب أن يكون هذا السلام مبنياً على احترام حقوق الشعب اللبناني في تقرير مصيره، ولن يكون مقايضة بين استقلال لبنان وأي مشروع آخر في المنطقة». ورداً على سؤال عن الانتخابات اللبنانية المقبلة، قال راميل: «حصل تقدم أمني وسياسي مهم في لبنان بعد الدوحة، ومن المهم جداً الحفاظ على هذا التقدم من أي فريق سيربح الانتخابات النيابية المقبلة. ونحن كما تعلمين نقوم باستكشاف قيام حوار جدي بيننا وبين نواب حزب الله، والذين هم ليسوا جزءاً من الجناح العسكري لهذا الحزب وينبذون الارهاب. ونعتقد أن هذا شيء صحيح وجيد. ويمكن القول في حوارنا مع هذا الفريق إننا نختبر المياه». واعتبر راميل أن «الحوار مع حماس مختلف، ولن يحصل إلا إذا ما نبذت الحركة العنف وغيّرت نهجها للوصول الى السلام المنشود»، مضيفاً: «نريد حوارا بيننا وبين جميع الفلسطينيين بمن فيهم حماس، لكن كما قلت لا يبدو أن حماس تغير من نهجها، مشيراً الى ان «مصر والجامعة العربية تقيم حواراً مع حماس، ونحن بدورنا نقيم حواراً معهم حول حوارهم مع حماس». وشدد على أهمية توصل الفلسطينيين إلى المصالحة وانتهاج «حماس» طريق السلام عن طريق المفاوضات وليس العنف. وأعرب راميل عن تفاؤله بإعادة انعاش العملية السلمية بين اسرائيل والفلسطينيين، معتبراً أن أحداث غزة هي محفّز على ذلك، كذلك اهتمام حكومة الرئيس أوباما بهذه العملية منذ الايام الاولى لتوليه السلطة، بالاضافة الى وضوح وترابط مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز السلمية التي أطلقها في قمة بيروت عام 2002. وأشار الوزير البريطاني ايضاً الى إعجاب الحكومة البريطانية بالتسامح الديني داخل سورية، مؤكداً وجود تعاون جيد بين مسلمي بريطانيا وسورية، وذلك من خلال قيام برامج ومؤتمرات بين رجال دين مسلمين من كلا البلدين، وذلك من أجل الاستفادة من النهج السوري المعتدل في الدين الاسلامي. كما أشاد بالتعاون الوثيق بين سورية وبريطانيا في مجال الاستخبارات والعمل على الحد من نشر الارهاب في العالم.