ردت وزارة الداخلية الكويتية، على سؤال برلماني من النائب علي الراشد في أيار ( مايو) الماضي حول «ازدواجية جنسية» زملاء له في مجلس الأمة (البرلمان). وقالت انه لا «توجد أي معلومات لدى الوزارة حول ازدواجية جنسية أي من أعضاء» المجلس. وجاء سؤال الراشد، وسط اجواء من العداء بينه وبين نواب من القبائل يتهمهم بأنهم ما زالوا يحتفظون بجنسيات دول اخرى (خليجية خصوصا)، الأمر الذي يتعارض مع القانون الكويتي الذي يحرم احتفاظ الكويتي بأي جنسية اخرى او اكتسابها. وسأل الراشد، وهو ليبرالي قريب الى الحكومة، وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح عن «صحة وجود نواب ووزراء مزدوجي الجنسية في المجلس الحالي ممن يحملون جنسية أخرى مكتسبة غير الكويتية»، وطلب تزويده أسماءهم، غير ان الرد السلبي من الوزارة الذي وزع على النواب امس اثار حفيظة النائب الذي علق قائلا: «من المحزن الا يكون لدى وزارة الداخلية معلومات عن قضية بهذه الخطورة». ويعكس سؤال الراشد زيادة في الحساسية بين الكويتيين الحضر وأولئك المنتمين الى القبائل. وقيل ان سؤاله يستهدف بشكل خاص نواباً قبليين من الاسلاميين بينه وبينهم خصومة فكرية وسياسية. علما ان بعض هؤلاء نفوا انهم يحملون أي جنسية اخرى. ويمثل القبليون نصف الكويتيين تقريباً ولهم نصف مقاعد البرلمان، وترى مصادر سياسية ان الحكومة ربما تساهلت مع العصبيات القبلية، منذ السبعينات، عندما كانت القبائل تقدم نوابا حكوميين، ونشأت بسبب ذلك ممارسات مثل «الانتخابات الفرعية» التي تجريها القبائل لتعزيز فرص مرشحيها قبل الانتخابات الفعلية، ليصبح النائب القبلي بعد ذلك ممثلا للقبيلة وساعيا وراء مصالح ابنائها لدى الجهات الحكومية، ما شكل ضغطا متزايدا على الجهات الحكومية لقبول القبليين فيها على حساب مبدأ تكافؤ الفرص. ويشتكي مواطنون من الحضر من انهم يخسرون فرص التوظيف وتولي المناصب لمصلحة قبليين يدعمهم نواب القبائل، ويقول بعضهم ان قطاعات توظيف متزايدة، خصوصا في السلكين العسكري والامني، صارت حكراً على القبليين، وان المناصب الحكومية باتت توزع على قبليين لان الوزراء يريدون استرضاء نواب القبائل ويخضعون لضغوطهم. وفي المقابل يقول القبليون انهم عوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية لسنوات طويلة وانهم يكتسبون الآن الفرص التي اغلقت في وجوههم سابقا. واظهرت الانتخابات الماضية زيادة في هذه الحساسيات، وحصل المرشح محمد الجويهل، مثلاً، على 3400 صوت في الدائرة الانتخابية الثالثة حيث الغالبية من الحضر لمجرد تبنيه خطاباً استفزازياً معادياً للقبائل ومشككاً في انتمائهم للكويت، بينما كان حصل على 23 صوتاً فقط في انتخابات العام 2006، الامر الذي يعكس مزاج قطاع من الناخبين الحضر. وعندما استجوب نواب من القبائل في حزيران (يونيو) وزير الداخلية وقف معظم نواب الحضر الى جانبه، اذ اعتبروا الاستجواب انتقاماً قبلياً منه لأنه حارب تنظيم «الانتخابات الفرعية». كذلك بدأت نعرة «البدو» و «الحضر» تظهر بقوة في وسائل الاعلام الجديدة من فضائيات وصحف نشأت بعد تعديل قانون النشر العام 2006، اذ يبحث كثير منها عن الاثارة والجذب مستخدما مثل هذه القضايا الحساسة. واضطرت وزارة الاعلام، بسبب ضغوط من النواب، الى احالة بعضها على القضاء. وقال ل «الحياة» الباحث السياسي صالح السعيدي ان «الحساسيات الاجتماعية موجود في اي مجتمع، لكنها نجمت في الكويت عن تشجيع اقطاب في السلطة لها». اضاف: «لو رصدت الصحف ووسائل الاعلام التي تتبنى الحساسيات القبلية، وحتى المذهبية، ستجد انها ترجع جميعاً الى اطراف محددة في الحكومة».