تزامناً مع موسم هطول الأمطار، يتسابق المزارعون في جازان يتقدمهم كبار السن إلى زراعة الدخن بطريقة النديل، في حين يتجه آخرون إلى زراعة القطن والحبحب والسمسم في عادة تشتهر بها منطقة جازان في مواسم هطول الأمطار. وعلى رغم استغلال تجار البذور والذرة لموسم هطول الأمطار وتواصله على المنطقة من خلال رفع أسعارها إلى الضعف، إلا أن عدداً غير قليل من المزارعين فضلوا تخزين بذورهم منذ مواسم ماضية لزراعتها في مواسم الزراعة، لتجنب وقوعهم ضحايا لتجار البذور وجشعهم. ويوضح محمد علي، وهو أحد مزارعي المنطقة، أنه والمزارعين الآخرين استبشروا خيراً الموسم الحالي عقب هطول الأمطار بغزارة أروت على إثرها الأراضي الزراعية، ما وفّر عليهم الاستعانة بمياه الآبار، مشيراً إلى أن المزارعين أخذوا يزرعون العديد من البذور مثل الدخن والدجر والقطن والحبحب والسمسم من طريق النديل. ويقول: «طريقة النديل تتمثل في زراعة ربع مقدار كف اليد أو أقل من البذور بعد إجراء حفرة طولية في الأرض يدوياً بواسطة عصا مخصصة ل«النديل» رأسها حادة لتسهل عملية شق الأرض بعمق 10 سم، ومن ثم دفنه برفق حتى ينبت بسرعة». ويشير إلى أن طريقة شق الأرض للزراعة يتم رسمها في شكل مستقيم على امتداد أطراف الأراضي الزراعية، لافتاً إلى أنها حين تثمر تشكل منظراً يشد الأنظار، يظهر المزارعون من خلاله التفاخر بأفضل «نديل» تمت زراعته في ما بينهم. من جهته، أكد المواطن عادل الأكشم من أهالي منطقة جازان، أن الأمطار رفعت أسعار البذور وأدت الى زيادة الطلب عليها، ما أدى الى انعدامها في بعض الأسواق، مضيفاً: «عند بداية موسم الأمطار كنا نفكر جدياً في الحصول على كمية كافية من البذور، إذ قمنا بزيارة أكثر من ثلاث أسواق للذرة في صبيا وأبو عريش وجازان ووجدنا أسعارها ارتفعت إلى الضعف، فقبل بدء الموسم يباع كيس الحب ب200 ريال، وارتفع حالياً ليصبح ب400 ريال» مشيراً إلى أن معظم البذور التي يحتاجها المزارع انعدمت سريعاً، إذ لم يحصل سوى على الذرة الرفيعة والذرة البيضاء والحمراء، فيما لم يستطع الحصول على السمسم والقطن بعد ارتفاع الطلب عليه في شكل كبير. وتتحدث أم محمد التي ترعى أبقارها وأغنامها في شكل يومي في أحد المراعي عن استبشارها بظهور «بنت المطر» الموسم الحالي، مضيفة: «كنا في الماضي نستبشر بالخير عندما تظهر «حشرة جدة المطر» أو «بنت المطر»، فظهورها يبشر بموسم ومحاصيل وفيرة، لذا تجدنا نكرم تلك الحشرة بإعطائها قطعة صغيرة من الصوف أو الخيوط تسمى كسوتها تعبيراً عن الشكر لها على بشراها بالخير المقبل من الزراعة». وأكدت أن وضع الزراعة الحالي اختلف عن الماضي، مضيفة: «في السابق كان السكان إن لم يحصلوا على أمطار كافية للزراعة يقوموا بالانتقال إلى المناطق التي تشهد هطول أمطار كثيرة، كما نذهب نحن إليها لكي نساعدهم في حصاد المحصول إذ يقومون بإعطائنا حصتنا من الذرة والأعلاف»، مشيرة إلى أنهم حين انتقالهم يقومون بأخذ ماشيتهم وطيورهم ليضمنوا لها الحصول على الطعام من تلك البذور. وبينت أن الأمر تغير عن ذي قبل، فلم تعد هناك حاجة للانتقال إلى المناطق التي تحظى بغزارة الأمطار، وقالت: «الخير أصبح وفيراً الآن ولم تعد الزراعة مصدراً أساسياً للعيش، إذ تطورت الحياة وأصبحت الزراعة مكملة لتلك النعم التي نعيشها، ومن غزارة الأمطار نمت الأعشاب والحشائش ولا داعي لشرائها من السوق، إذ يعد ذلك دليلاً على أن خير هذا العام وفير». بدوره، أوضح المتخصص الزراعي علي الحكمي أن كمية الأمطار التي هطلت على المنطقة أخيراً تعد كافية للزراعة، مضيفاً: «في موسم الخريف كان المطر مغدقاً ولو استمرت على غزارتها باستطاعة المزارعين الاستغناء عن الآبار الارتوازية ومياه السدود»، مبيناً أن الأجواء بدأت تتحسن، ولم تعد هناك حرارة مرتفعة وبهذا سيكون الإثمار جيداً والمحاصيل وفيرة.