يعود الممثل السوري مصطفى الخاني إلى الدراما السورية (الشامية تحديداً) من بوابة المسلسل الجديد «حمام شامي» للمخرج مؤمن الملا بدور «خرطوش»، الشاب الذي يثير المشاكل في طريقه من دون أن تكون لديه قضية من أي نوع. ف «خرطوش» ولد يتيم ينتظر حصوله على تركة والده من دون أن يعرف بها. وهو يعمل خادماً في حمام شامي شيدت ديكوراته في العاصمة الإماراتية أبو ظبي بسبب تعقد الأوضاع في سورية. ليست مشكلة أن تصور حلقات العمل كاملة في بيئة غير حاضنة. الديكورات تقوم بالواجب، والدراما السورية بعد عقدين من الفورة التي شهدتها أصبح لديها الخبرات الكافية لتقوم بهذه الأعباء المضافة، بعدما فقدت في جزء كبير منها كادراتها، وهي تبحث عن أماكن بعيدة أو قريبة للعمل من دون أن تعي أو تدرك أن حجم التحولات التي تضرب في سورية جعلت منها تحصيل مرحلة سابقة. وهي لا تغير من موضوعاتها، بل وتصر على الاستمرار باللغة ذاتها والذائقة التي عملت عليها من قبل. وقد لا يعني الانتقال بالحمّام إلى مكان آخر تغييراً في زاوية النظر إلى الأحداث والشخصيات التي تعوّد عليها المشاهدون. الحديث يدور بالطبع عن حساسية وذائقة غير متعسفة هنا تسمح بتغيير وجهة الدراما طالما أن المكان تغيّر. الواضح حتى هذه اللحظة مما تسرب من أروقة المسلسل أن «حمّام شامي» يحافظ على الإيقاع الذي انتهجته الدراما التلفزيونية الشامية في أعمال سابقة كثيرة. لا يبدو هنا أن ثمة من يلجأ إلى أحكام درامية جديدة تصوّب في النظرة الموجهة الى أعمال بيئة ظلمت كثيراً بسبب تدني المستويات الثقافية والاجتماعية في نوعية المعالجات التي لجأ إليها أصحابها، ولا نسوق هنا رأياً جديداً. وقد تبدو الأحكام متسرعة بالفعل، ولكن ثمة معلومات ترشح عن استمرارية وإصرار على أن تكون هذه النقلة المكانية مجرد معالجة نمطية وتقليدية لما صارت عليه من قبل. ليس «خرطوش» بالتأكيد استمراراً لشخصية «النمس» في مسلسل «باب الحارة». ربما يكون استثماراً لها طالما أن الخاني هنا يمعن في لعب دوره بالطريقة التي عرفه من خلالها الجمهور. معلومات مكتب «خرطوش» لا تُحيد هنا عن الاستثمار الدرامي الشامي في فضاء مدينة أبو ظبي. هذا قد يدعو إلى التمعن في معنى كلمة «خرطوش» نفسها. في المعنى الأول هي كلمة تركية تعني رصاص البندقية، وفي الثانية هي إطار مدور الطرفين كان يستخدمه المصريون القدماء لحصر أسماء ملوكهم في نقوشهم الفرعونية. بالتأكيد الخاني وأصحاب المسلسل يقصدون المعنى الأول، ولكن هنا لا يعود ثمة معنى لها بعد طوفان الصور الواقعية التي تتتالى عن الأوضاع في سورية نفسها.