بدأت «مكتبة الملك عبدالعزيز» في الرياض قبل سنوات عدّة، مشروعاً طموحاً لإصدار فهرس عربي موحّد على شبكة الإنترنت يهدف إلى خدمة الباحثين العرب والمكتبات العربية. ارتكز هذا الفهرس الموحّد على بناء مؤسّساتي، إذ أنشئ له مركز يتولى التخطيط والتنفيذ وإدارة العمليات، مع فِرَق عَمَل متخصّصة لإنجاز المشاريع الفرعيّة. وكذلك وُضِعَتْ سلسة من التقنيات والمواصفات المعيارية للمشروع، شملت القواعد الأنغلوأميركية للفهرسة، والتوجهات المعيارية ل «الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات ومؤسساتها»، و «مكتبة الكونغرس» التي تعتمد البروتوكول التقني المعروف باسم «مارك» MARC، وهي اختصار لعبارة MAchine Readable Catalogue التي تعني «الفهرس القابل للقراءة آليّاً». واستُهِلّت هذه التقنية مع «مارك يو إس إيه» في ثمانينات القرن العشرين، ووصلت إلى «مارك 21» في تسعينات القرن نفسه. وانتشرت في العالم صيغ متنوّعة من «مارك»، مثل «يو كيه مارك» في بريطانيا، و «كان مارك» في كندا. وهناك توجّه لتوحيد هذه الصيغ. ويتعامل «مارك 21» مع فهارس أسماء الدول والمناطق واللغات والروابط، إضافة إلى صيغ متنوّعة من البيانات المكتبيّة (الببليوغرافية). ضبط فهارس المكتبات انطلقت الخدمة الرسمية للفهرس العربي الموحّد في 2007، مع 310 آلاف تسجيل بيبلوغرافي. وفي 2011، وصل العدد إلى أربعة أضعافه، ما يظهر شدة الإقبال عليه. وتتطابق تسجيلات هذا الفهرس مع معايير «مارك 21» للفهرسة المؤتمتة. ويبلغ عدد التسجيلات البيبلوغرافية في الفهرس العربي إلى 1.3 مليون، ما يمثل قفزة نوعيّة نحو استكمال قاعدة بياناته. ويسعى الفهرس العربي للاستجابة لانتقال الفهرسة من الورق الى الوسيط الرقمي. ويضمّ ملفّات تشمل أسماء الأشخاص (مع توحيد صياغتها ومداخلها)، والهيئات الملتقيات، والعناوين الموحّدة وأسماء سلاسل الكُتُب (وهي ملمح فريد في هذا الفهرس)، إضافة الى خدمة البحث المرجعي للجمهور. يستند البحث إلى قاعدة بيانات في الفهرس العربي الموحّد، وهي تعتبر أضخم قاعدة بيانات ببليوغرافية عربياً، مع 1.3 مليون تسجيلة، ما يمثل نقلة نوعية في خدمات المعلومات المقدمة للباحثين والدارسين في الدول العربية. وبات باستطاعة هؤلاء، وللمرّة الأولى، البحث في فهارس قرابة 4 آلاف مكتبة عربية مجتمعة متوزّعة في 19 دولة، مع إمكان تحديد أماكن وجود المراجع المطلوبة بدقّة عالية. وفي إحدى مميّزاتها المهمة، تتيح خدمة البحث إمكان التفتيش عن المعلومات المتّصلة بدولة معيّنة، إذ يتضمّن الفهرس صفحات وزّعت بطريقة تعطي لكل دولة صفحة خاصة بها، فتصبح نوعاً من البوابة الرقمية للوصول الى المعلومات التي يتضمّنها الفهرس عنها. ومن المستطاع إجراء عملية البحث بحيث تشمل مجموعة من الدول، أو حتى الدول العربية كافة، في الوقت نفسه، مع تحديد أمكنة وجود المراجع المطلوبة. وجرت مراعاة الصبغة المحليّة في بوابات الدول، إذ وُضِعَت روابط في صفحة كل دولة تُظهِر أبرز مكتباتها ومراكز المعلومات فيها، إضافة إلى نشر أخبار تتعلّق بالمكتبات والمعلومات في تلك الدولة. ومن المزمع أن يُدار محتوى القسم المحلي لكل دولة من قِبَل إحدى مكتباتها. الكتب المترجمة نظراً إلى ما تكتسبه عملية الترجمة من أهمية بالغة في التعريف بمنتجات الفكر العربي من ناحية، والتفتّح على الآخر والاستفادة من التجارب الإنسانية، أفرد الفهرس العربي الموحّد صفحة للبحث في الكُتُب المُترجَمَة المحفوظة في قاعدته. ويناهز عدد هذه الكتب عشرة آلاف عنوان. وجرى الربط بين هذه الصفحة المتخصّصة وصفحة «جائزة الملك عبدالله للترجمة» للبرهنة على التكامل بين المشروعين، وسعيهما كليهما لخدمة الثقافة العربية ولغتها، إضافة إلى التعريف بلغة الضاد ونشرها عالميّاً كلغة للمعرفة والتبادل الثقافي. في سياق متّصل، تمثّل الرسائل الجامعية مرجعاً مهماً بالنسبة للبحث العلمي. ونظراً الى ضعف رصد هذه الرسائل عربيّاً، ارتأت إدارة الفهرس العربي الموحّد أن تفرد صفحة بحث مستقلّة تتخصّص في الرسائل الجامعية، ما يُمكّن جمهور الفهرس من الوصول إلى ما يزيد على 62 ألف رسالة جامعية تتوزّع على 19 دولة عربية. ومن المقرّر أن تتاح الرسائل نفسها رقميّاً، مع توزيعها أيضاً على بوابات الدول التي جاءت منها.