الخوف حالة انفعالية ناتجة من الشعور بفقدان الأمن، ومن خلل طارئ يُخرج الإنسان من مسار سلوكه المعتاد، إلى درجة أنه قد يسلبه قوة ارادتة، فيفقد المقدرة على الفعل والحركة، وحتى الكلام. والخوف هو استجابة لتهديدات واقعية أو وهمية تثير لدى الإنسان مشاعر الذعر وتجعله يتوجس بأنها تهدد حياته. ويوجد الخوف لدى جميع الناس بلا استثناء، لكن بدرجات متفاوتة في الحدة والشدة. وتعود جذور الخوف لدى أي شخص إلى طفولته، نتيجة تعرضه إلى إصابة أو وضعه في موقف مرتبط بنوع الخوف المصاب به. كما قد يكون الخوف عادة متأصلة غرسها فيه الأب والأم، أو قد يكون، بكل بساطة، ناتجاً من تغيرات كيميائية حصلت في المخ. والخوف ليس أمراً سيئاً دوماً، وهو، بخلاف ما يظنه عامة الناس، قد يكون مفيداً أحياناً، ولا يصبح خطراً على صاحبه إلا عندما تتجاوز أضراره فوائده، عندها يصبح الخوف مشكلة قد تصل الى حد يعوّق الشخص عن النهوض بمسؤولياته والنجاح في حياته. وهناك أنواع كثيرة من الخوف من أشهرها الخوف من المرتفعات، ومن الطيران، ومن السباحة، ومن الدم، ومن المجتمع، ومن المياه، ومن الأماكن المغلقة، ومن الفشل، ومن الميكروبات، ومن الموت، ومن المرض، ومن الحيوانات، ومن الظلام، ومن الزحام، ومن الغرباء. وإذا كانت هذه المخاوف لها ما يبررها بعض الشيء، فإن هناك مخاوف أخرى غريبة لا يمكن تبريرها، ومن أهمها: 1- الخوف من اللون الأصفر، ويعاني منه بعض الأشخاص، إذ يصابون بالذعر عند رؤية أي شيء لونه أصفر، بما في ذلك الشمس والنرجس والطلاء الأصفر. 2- الخوف من الجبن، والمصابون به يطلقون العنان لأرجلهم بمجرد رؤية شريحة من الجبن. وهناك من يخاف من نوع واحد من الجبن، في حين أن آخرين يخافون من كل أنواع الجبن. 3- الخوف من النوم، وهذا النوع من الخوف يعتبر كابوساً فعلياً للذين يعانون منه، إذ يرتبط الذهاب إلى النوم في أذهان هؤلاء وكأنه نوع من ضياع الوقت أو الدخول إلى العالم الثاني. ويمكن أن تساهم الكوابيس المتكررة في اندلاع هذا النوع من الخوف. 4- الخوف من المهرّجين، وهو يصيب الأطفال في شكل خاص، لكن لا يسلم الكبار منه حتى المشاهير، ومن بينهم جوني ديب ودانيال رادكليف. 5- الخوف من الأشجار، وتبدأ بذور هذا النوع من الخوف في عالم الطفولة نتيجة سماع الأطفال القصص الخرافية أو رؤية أفلام الرعب التي تتناول قصصاً تدور تفاصيلها في الغابات. 6- الخوف من السرّة، ويثار هذا الخوف ما أن يلمس الشخص سرّته أو يلمسها شخص آخر، وفسره بعضهم بارتباطه بالحبل السرّي ورحم الأم. 7- الخوف المتعلّق بالهاتف الخليوي، مثل الخوف من فقدان التغطية، أو من نفاد شحن البطارية، أو من فقدان المحمول نفسه، وهذه المخاوف اكتشفت حديثاً. ووفق استطلاع أجري منذ سنوات قليلة في المملكة المتحدة فإن نصف البريطانيين الذين يملكون الهاتف الخليوي يشكون من هذا الخوف. 8- الخوف من المطر، فالمطر قد يسبب لدى بعضهم نوعاً من الخوف الحافل بنوبات من القلق الشديد، وهناك من يظنّ أن الخوف ناجم عن إلقاء الكبار مراراً وتكراراً على مسامع الأطفال ضرورة عدم الخروج تحت المطر لأنه يعرّضهم للمرض. 9- الخوف من الفضاء، ويصيب الذين تنتابهم هواجس تتعلق بالماورائيات. 10- الخوف من الثقوب، فهناك أشخاص ترتعد فرائصهم خوفاً من الكائنات التي تحتوي أجسامها على ثقوب صغيرة، مثل عشّ النحل، والإسفنج. ويعاني هؤلاء من نوبات من الذعر المترافق مع الحكة والغثيان. 11- الخوف من الرقم 13، ومن لا يعرف قصة هذا الرقم، فكثيرون يصدقون الخرافات التي ترتبط بالرقم 13، فتراهم يتجنبون القيام بأي عمل أو استعمال أي شيء يتصل بهذا الرقم خصوصاً إذا صدف ووقع يوم الجمعة. 12- الخوف من عبور الشارع، فبعض الأشخاص يخشون عبور الطرق، خصوصاً السريعة منها، ويؤدي هذا النوع من الخوف إلى صعوبات في العيش في المدن. 13- الخوف من الخضروات، وهو خوف شديد قد يصل إلى حد الهلع، وينتاب بعضهم لدى رؤية بعض أشكال النباتات، ويسجّل لدى غالبية هؤلاء هواجس تتعلق بتلوّث المياه والتربة. 14- الخوف من الطبخ، ويعاني منه أولئك الذين لا يعرفون الطبخ جيداً، فتراهم يخافون الماهرين فيه، فيشكون من العجز في هذا المجال، وقد يقود هذا الخوف إلى اضطرابات تتعلق بالأكل. 15- الخوف من الدمى، وهو خوف غير منطقي لا يحصل فقط مع الدمى المخيفة، لكن مع كل أنواع الدمى، بما في ذلك الروبوتات وتماثيل عارضات الملابس، ما يجعل من التسوّق أمراً مرعباً للغاية بالنسبة إلى بعضهم. 16- الخوف من المرايا، وهو خوف غير مبرّر نابع من الخرافات، وفيه يخشى المصابون به من تحطم المرآة لأنها ستجلب لهم الحظ السيّء، أو أنها ستجعلهم على اتصال مع عالم خارق داخل المرآة أو مع شخص آخر في المرآة. 17- الخوف من الجلوس، ويرجع سببه إلى عوامل عدة، منها الإصابة بمرض البواسير أو الاعتداء الجسدي، فيخاف الشخص من الجلوس على أشياء حادة أو مؤلمة. 18- الخوف من الملابس الضيقة، إن بعض الأشخاص يخاف من أن تكون ملابسه ضيقة فتراه يبحث دائماً عن مقاس أكبر من مقاسه. 19 - الخوف من الأزرار، وهو عبارة عن خوف مرضي يعرّض المصاب للهلع عند ارتدائه أي ملابس تحتوي على أزرار. 20- الخوف من الفراشات، ويعاني مرضى هذا النوع من الخوف والفزع الشديد لدى رؤية الفراشات، صغيرة كانت أم كبيرة. 21- الخوف من آلات النفخ الموسيقية، ويشعر المريض بالخوف والهلع عند الاستماع للعزف على هذه الآلات، إلى درجة قد يصاب بالاحباط والاكتئاب. وفي الختام، هناك علماء نفس يعتبرون أن الخجل هو نوع خفيف من أنواع الخوف، فوفق رأيهم عندما نخجل نعبّر عن خوف من شيء أو موقف أو سلوك ما، لكن بطريقة مخفّفة، ثم أن هناك عوارض فيزيولوجية مشتركة بين الخوف والخجل، إذ في كليهما يحمرّ الوجه، ويتصبّب العرق، وتتسارع ضربات القلب، ويرتفع ضغط الدم، ويظهر ارتباك في السلوك العادي. كيف يعالج الخوف؟ إن غالبية أنواع الخوف يمكن علاجها بوسائل سلوكية يقوم فيها المعالج بصحبة مريضه على مواجهة الموقف أو الظرف أو الشيء، الذي كان وراء الخوف، وهذه المواجهة إما أن تتم بالتدريج وإما فوراً ومن دون مقدمات.