نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    ‏ "أمّ القُرى" تحصد شهادة الآيزو الدَّوليَّة في مجال أمن المعلومات ومجال الأمن السيبراني    سلام دائم    فرض الضغوط وتعزيز الدعم إستراتيجية بورتمان لسلام أوكرانيا    الكهرباء والمياه هدفا إسرائيل بعد وقف مساعدات قطاع غزة    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    ختام ملتقى المملكة التأهيلي الثالث للأندية لألعاب القوى في الطائف    خادم الحرمين الشريفين يصل إلى جدة قادمًا من الرياض    «سلمان للإغاثة» يوزّع 450 سلة غذائية في مدينة جوهانسبرغ بجمهورية جنوب أفريقيا    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    3 مرتكزات تعزز الوعي الصحي بجازان    19 حالة إنقاذ حياة في أجياد للطوارئ    السعودية تشارك في الألعاب العالمية الشتوية للأولمبياد الخاص في "تورين" الإيطالية    3450 خريجة في أكاديمية القيادة الصحية    سمو أمير القصيم يشيد بجهود "كبدك" ويدعم مسيرتها في خدمة مرضى الكبد    الضباب يعلق الدراسة بالباحة    غدا.. تكريم الفائزين بجائزة التميز الإعلامي    السينما السعودية.. غياب للقصة المحلية وتراجع المشاهدات    تبرعات إحسان تتجاوز 858 مليون ريال    قرار طبي في الهلال من أجل ميتروفيتش    البطاطس في المملكة.. غذاء رمضاني مستدام ونسبة اكتفاء ذاتي وصلت 87%    ضيوف "خادم الحرمين": جهود المملكة عززت من رحلتنا الإيمانية    النجمة أمام العدالة.. وجدة يلاقي أبها.. والجبيل يواجه العين    ترامب يثير الجدل: أوكرانيا قد لا تنجو من الحرب مع روسيا    جولة التعادلات وعودة الميترو    ريال مدريد يفوز على فاليكانو ويتقاسم قمة الدوري الإسباني مع برشلونة    التلاعب بالإجازات المرضية.. السجن و100000 ريال    نمو الناتج المحلي 1.3 % خلال عام 2024    المرأة السعودية.. من التمكين إلى الريادة    الإفطار الرمضاني بالعُلا تجربة تنبض بعبق التاريخ والتراث الأصيل    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    "الداخلية".. خطط متكاملة لتعزيز الأمن وإدارة الحشود    مكة في عهد عبد الملك بن مروان.. استعادة السيطرة وإعادة الإعمار    هدم 632 منزلاً في طولكرم    الدول المنتجة للنفط تخفّض الانبعاثات بتعزيز كفاءة التشغيل    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لمديرية الدفاع المدني بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ترسخ مبادئ التمكين الثقافي للمرأة السعودية    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    أجواء روحانية ومزيج من العادات الرمضانية يعيشها المقيمون في المملكة    أمين منطقة القصيم يفتتح مقر حملة جود القصيم    نادي الأخدود الرياضي يحتفي بيوم المرأة بشراكة مجتمعية    الموت يغيب أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح    الدفاع المدني يوضح أرقام الطوارئ أثناء الأمطار    أمريكا ترصد 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن متزلج كندي    %95 يؤيدون أن تتضمن لوحة المفاتيح رمز الريال    الاتفاق يعبر العروبة بثنائية    الإدارة الجديدة تكبح الفلول وتبسط سيطرتها.. سوريا.. العمليات في الساحل تقترب من نهايتها    1340 حالة ضبط ممنوعات في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    40 مبدعًا يمثلون المملكة في آيسف 2025    الصيام الإلكتروني    نائب أمير حائل يستقبل العياد    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    المرأة ومأزق المربع الأول    الدولة بين واجبات السياسة وفنون الإدارة 2/2    الذكاء الاصطناعي يقتحم المطبخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهريب النفط السوري منذ عقود يسبّب خسائر مرهقة للاقتصاد
نشر في الحياة يوم 01 - 05 - 2013

إذا كان سارقو النفط الحاليين في سورية يساهمون في تدمير الأمة، فإن الأخطر منهم هم الذين دمروها، في ظل فساد النظام، من طريق تهريب المشتقات النفطية إلى الدول المجاورة. والذين يسببون الآن مزيداً من الدمار ويسيئون لسمعة الثورة يستغلون غياب الأمن لتهريب المشتقات النفطية إلى الدول المجاورة لجني ربح سريع. وبهذا فإن حكم آل الأسد واستمراره لم يأتِ من فراغ.
قد يستهين البعض بموضوع التهريب. فهو مصدر دخل لكثيرين من العاطلين من العمل، ومصدر دخل لمناطق قد تكون الأفقر في الشرق الأوسط لولا التهريب. لكن المستهينين بالتهريب أو المؤيدين له يتغاضون عن آثاره الفتاكة، والتي قد تتجاوز الأضرار التي يسببها سارقو النفط في حقول دير الزور من انتشار الإشعاعات التي يزخر بها نفط تلك المنطقة.
تشير بيانات إلى انخفاض مستويات التحصيل الدراسي في صفوف الشبان في المناطق التي انتشر فيها تهريب المشتقات إلى درجة أن عدد خريجي المرحلة الثانوية أصبح نصف ما كان عليه قبل ثلاثة عقود، في وقت تضاعف فيه عدد سكان المنطقة. واستمرت الشابات في تحصيلهن العلمي فنتجت عن ذلك ظاهرة غريبة: إما زيادة معدل العنوسة، أو اضطرار شابات جامعيات إلى الزواج من شبان قد لا يحملون حتى شهادة إعدادية. هذه هي حال جزء من المجتمع السوري في المناطق الحدودية التي ينتشر فيها تهريب المشتقات النفطية. وهذا الوضع لن يكون مثالياً لتغيير ثوري، أو قيام مجتمع ديموقراطي، ولا حتى إسلامي.
وهناك إجماع بين العلماء والخبراء على أن نمو مجتمع ما واستقراره مرتبط ارتباطاً كاملاً بمستوى التعليم من جهة، وباستقراره الأسري من جهة أخرى. ونظراً إلى انخفاض مستويات التعليم لدى المهربين، وعدم معرفتهم مهناً غيرها، ساهم تشديد الدولة لقبضتها في بعض الفترات في انتشار البطالة لدى هؤلاء، فارتفعت مستويات الجريمة بينهم، خصوصاً السرقات. لذلك ستواجه الحكومات المقبلة أزمة حقيقية مع هؤلاء المهربين، خصوصاً المحسوبين على الثورة.
تاريخياً، كلف تهريب المحروقات الحكومة السورية جزءاً كبيراً من موازنتها بسبب الدعم الحكومي لأسعار المحروقات من جهة، وبسبب تسخير قوى الأمن لوقف التهريب من جهة أخرى. أما الآن فيساهم تهريب المحروقات في خسائر في الأرواح والممتلكات، كما في تشويه سمعة الثورة السورية في شكل كبير، وذلك لأن بعض المهربين محسوبون على الثورة، أو أن ثمة كتائب تستخدم التهريب لتمويل عملياتها بعدما ضاقت بها السبل، متناسية أن الغاية لا تبرر الوسيلة، وأن الشعب السوري الأعزل في أمس الحاجة إلى مادة المازوت لأنها الوسيلة الأساسية للتدفئة في سورية، وأن الناس قد يمرضون نتيجة البرد أو سيقطعون الأشجار لتحويلها إلى وقود.
وثمة مشهد تكرر مرات في مناطق كثيرة: مهربون أعماهم الجشع يملأون صهريجاً كبيراً بالديزل ثم يركنون الصهريج في منطقة سكنية، تكون غالباً حيث يقع بيت السائق أو المهرب، بانتظار الفرصة السانحة لقيادة الصهريج عبر الحدود في جنح الظلام لبيعه في دولة مجاورة. وفجأة يقصف جيش آل الأسد الصهريج بالمدفعية أو بالصواريخ وأحياناً بالمقاتلات، فيقع انفجار هائل ويليه حريق كبير، يرعب أهل المنطقة، ناهيك عن تدمير بعض المنازل المحيطة، ووقوع قتلى وجرحى. أما عن الآثار البيئية والصحية لتكرار احتراق هذه الصهاريج، فالزمن كفيل بكشفها.
وكانت المجالس والكتائب المحلية أدانت تصرفات المهربين وحاولت منعها، إلا أن المهربين أسفروا عن وجههم الحقيقي، وهددوا باستخدام السلاح ضد أهاليهم وإخوانهم إن حاولوا منعهم بالقوة، وآخر ما تريده المجالس والكتائب المحلية هو انقسام أو اقتتال داخليين، فاضطرت مكرهة إلى التغاضي عن تصرفات المهربين. وأصدر رجال دين فتاوى تحرم تهريب المحروقات خارج سورية، لكن واضح هذه الأيام أن لكل فئة «شيخها» الذي يفتي على هواها، فللمهربين «شيخ» يفتي لهم بجواز التهريب.
تهريب المشتقات النفطية جريمة يدينها القانون المحلي والقانون الدولي، وحرمها رجال الدين قديماً وحديثاً إلى درجة أن بعضهم حرم الأكل عند المهرب لأن مصدره حرام. والتهريب غير مقبول أخلاقياً واجتماعياً، وله أثار اجتماعية مدمرة، ولا يمكن لإنسان أن يدعي أنه ثوري يريد بناء مجتمع جديد قوامه العدل والمساواة، فيما يساهم فيه في تهديم المجتمع وتأمين أهداف قاتلة لجيش الأسد هي الصهاريج المملوءة والموضوعة في مناطق سكنية. وخسرت سورية كثيراً من مواطنيها في المناطق الحدودية بسبب التهريب، وأي تغيير ثوري يقتضي إنهاء هذه الظاهرة التي فتكت بأرواح مئات من الأشخاص خلال العقود الماضية.
اقتصادي في شركة «إن جي بي» الأميركية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.