أكد عدد من العقاريين أن المطالبة بفرض رسوم على الأراضي البيضاء لن يخفض أسعار العقارات، بل سيتم تحميل تلك الرسوم على المستهلك النهائي، وبالتالي ستكون الأسعار مرتفعة، مشيرين إلى أن ارتفاع مصاريف الخدمات التي تحتاجها تلك الأراضي والتي تزيد على 40 في المئة من قيمتها ستبقي الأسعار مرتفعة. وأشادوا بقرار هيئة كبار العلماء بإحالة الموضوع إلى المجلس الاقتصادي الأعلى لدراسة الموضوع بشكل معمق، وإيجاد حل بديل لفرض الرسوم على تلك الأراضي، كونها تمثل أكثر من 40 في المئة من المساحات التي لم تستثمر. وقال المدير التنفيذي لشركة نطاق العقارية ناصر بن قشعان القحطاني إن الأراضي البيضاء مثل أية أراض أخرى مطروحة للعرض والطلب، مما يؤكد على أن فرض رسوم على تلك الأراضي لن يخفض أسعار العقارات، بل من المتوقع أن ترتفع، خصوصاً وأن مثل تلك الرسوم يترتب عليها اشتراطات معينة، وسيتم تطبيقها وفق آليات محددة. وأشار إلى أن أية أراض بيضاء بحاجة إلى خدمات معينة، وهذه الخدمات كلفتها مرتفعة، حيث كانت في السابق تمثل حوالي 30 في المئة من سعر الأرض، أما الآن فأصبحت تمثل حوالي 40 في المئة، مما سيرفع سعر الأرض عند تخطيطها وتطويرها وطرحها للبيع أو للبناء عليها. ولفت القحطاني إلى أن مساهمة الدولة في تخفيض أو تحمل جزء من مصاريف تلك الخدمات سيسهم في خفض الأسعار، وبالتالي ستشجع الكثير من أصحاب تلك الأراضي على تطويرها وطرحها للبيع، أو إنشاء مشاريع عليها. وأكد أن المتضرر من فرض رسوم على تلك الأراضي هو المستفيد النهائي، كون المطور سيحمل جميع المصاريف والرسوم على من يشتري تلك الأرض أو ذلك المسكن. وأضاف إن تعاون وزارة الإسكان مع المطورين العقاريين أسهم في تحريك السوق وشجع على تنفيذ مشاريع سكنية أو تجارية على مثل تلك الأراضي البيضاء. من جهته أشاد الخبير العقاري عبدالله المغلوث بتحويل هيئة كبار العلماء موضوع الأراضي البيضاء إلى المجلس الاقتصادي الأعلى كون هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة معمقة لإيجاد حلول بديلة عن فرض الرسوم. واشار إلى أن 80 في المئة من مساحات الأراضي البيضاء تقع في أطراف النطاق العمراني، وبذلك فإن فرض رسوم عليها لن يؤثر أو يسهم في خفض أسعار العقارات، بل بالعكس سيسعى المطورون العقاريون إلى تحصيل تلك الرسوم من المستفيد النهائي. وأكد أن الجانب الإيجابي في فرض الرسوم على الأراضي البيضاء هو تنشيط السوق العقاري من خلال رغبة الملاك والمطورين العقاريين في تخطيط تلك الأراضي وتطويرها وبيعها، أو الاستفادة من المقاولين في بناء مشاريع سكنية على تلك الأراضي . وشدد المغلوث على أن ملاك الأراضي البيضاء لن يخسروا، سواء فرضت رسوم على أراضيهم أم لم تفرض تلك الرسوم، كون فرض الرسوم لن يطبق في الحال نتيجة وجود إجراءات طويلة تأخذ وقتاً طويلاً من حيث تسجيل تلك الأراضي في السجل العيني، ثم تثمينها، وكل ذلك بحاجة إلى إجراءات طويلة حتى يتم تطبيق الرسوم عليها. ولفت إلى أن الأراضي البيضاء تمثل أكثر من 40 في المئة من المساحات التي لم تستثمر، مما جعل هناك تضخم في الأسعار، موضحاً أن تخطيط تلك المساحات وبيعها سيجعل هناك عروض كبيرة ربما تسهم في انخفاض الأسعار في بعض المناطق. من جهته قال العقاري عبدالله المالكي إن رفض هيئة كبار العلماء لمشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء وتحويله إلى المجلس الاقتصادي الأعلى سيبقي ذلك الموضوع في حالة من التخبط، وسيسهم في ارتفاع أسعار العقارات خلال المرحلة المقبلة. وأكد أن قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء سينعكس سلباً على أسعار العقار، وأن المستهلك النهائي سيدفع تلك الرسوم فوق قيمة الأرض عند الشراء، مشيراً إلى أن ذلك الموضوع عبارة عن زيادة تكاليف إضافية سيتحملها المواطن ولن يتحملها التاجر. وأضاف أن هناك مساحات شاسعة موجودة في جميع مناطق المملكة متوقفة منذ أعوام طويلة بسبب عدم قيام أصحابها بتطويرها أو بيعها على رغم وجود الخدمات فيها، مما اعتبرته الدولة إهداراً لتلك الخدمات المتوفرة. وأكد المالكي على أهمية وجود آليات محددة تجبر أصحاب تلك الأراضي على تطويرها أو بيعها، مع الأخذ في الاعتبار عدم رفع أسعارها في حالة فرض رسوم عليها، خصوصاً أن القطاع العقاري من أكثر القطاعات التي تتأثر بشكل سريع بالقرارات والأنظمة المحيطة به. واستبعد أن يكون هناك أثر إيجابي عند تطبيق القرار يسهم في خفض الأسعار، إذ إن المستثمر أو صاحب الأرض لن يتضرر في هذا الأمر، لأنه سيحمّل المشتري جميع التكاليف التي دفعها. الفايز:نزع ملكيتها هو الحل طالب مستشار التخطيط العمراني الدكتور عبدالله الفايز بتحويل الأراضي البيضاء التي تقع داخل المدن إلى حدائق ومتنزهات ومواقف للسيارات، من خلال قيام الدولة بنزع ملكياتها، خصوصاً وأن بناءها بمشاريع سكنية أو تجارية سيزيد من عمليات الاختناق التي تعاني منها معظم المدن السعودية. وقال ل«الحياة» إن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء قرار غير مجد وغير حكيم، لأن معظم الأراضي البيضاء داخل المدن عبارة عن أراض حكومية، سواء لوزارة التربية والتعليم أم لوزارة الصحة أم الدفاع أم غيرها من القطاعات الحكومية، ولا يمتلك التجار إلا جزءاً بسيطاً منها. وأشار الفايز إلى أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء لا يمثل حلاً عملياً، خصوصاً وأن الذي سيدفع الثمن هو المواطن في نهاية المطاف، خصوصاً أن فرض الرسوم ليس جائز شرعاً. وأكد أن إحصاءات وزارة الشؤون البلدية والقروية التي تشير إلى أن إجمالي مساحة الأراضي البيضاء التي تم تخطيطها في المملكة تقدر بنحو 1,860,878,3 هكتار مربع، وأن الأراضي البيضاء التي لم يتم تخطيطها بعد فبلغت 16,109,764هكتار مربع، وأن منطقة مكةالمكرمة تضم أكبر المساحات المستخدمة والبيضاء، تليها منطقة الرياض ربما تكون صحيحة ولكن أغلبها أراض حكومية. البوعينين: الدولة تسببت في وجودها أكد خبير اقتصادي أن الدولة المتسبب في وجود الأراضي البيضاء، والتي أصبحت تمثل مساحات كبيرة في جميع مناطق المملكة، والمتوقع أن تتجاوز 50 في المئة. وذلك من خلال المنح التي تعطى لأشخاص معينين، وعدم وجود تشريعات تساعد في تطوير تلك الأراضي واستغلالها، إضافة إلى بيروقراطية بعض الأجهزة الحكومية في تطوير الأراضي والفساد الذي يعم بعضاً من الوزارات التي تمرر هذه المخططات، وذلك في مقابل الحصول على جزء منها أو بمقابل مالي. وقال الاقتصادي فضل البوعينين ل«الحياة» إن وزارة الإسكان عجزت عن إيجاد الحلول والقضاء على مشكلة الأراضي البيضاء ما جعلها تتجه إلى المطالبة بفرض رسوم عليها، إلا أن تحويل هذا الموضوع من هيئة كبار العلماء إلى المجلس الاقتصادي الأعلى هو القرار الصائب والإيجابي لأن المجلس الاقتصادي الأعلى الجهة المعنية والمحيطة بآلية فرض رسوم على مثل تلك الأراضي ويعرف الانعكاسات السلبية أو الإيجابية التي ستنتج عن تلك الرسوم، وبالتالي سيخرج بمشروع محدد يحال إلى السلطة الدينية أو إلى الجهة المختصة ذات القرار السيادي. وأضاف أن هناك معلومات تشير إلى أن المجلس الاقتصادي الأعلى أعطي ثلاثة أشهر لدرس هذا الموضوع ثم يعاد إلى هيئة كبار العلماء، موضحاً أن أحد أعضاء هيئة كبار العلماء «الشيخ عبدالله المنيع» أكد أن هذا القرار سيادي، وبذلك فهو مناط بولي الأمر. وشدد البوعينين على أن الحكومة إذا كانت راغبة في تمرير هذا القرار فأنها ستنجح في ذلك، سواء عن طريق المجلس الاقتصادي الأعلى أو من خلال هيئة كبار العلماء. ورفض توقع حجم الأموال التي ستنتج من تطبيق قرار الرسوم على الأراضي البيضاء لعدة أسباب من أهمها أن الرسوم لاحقة للقرار وليست سابقة لذا لا نعرف حجمها، وكذلك التوقع سيؤثر سلباً في اتخاذ القرار، إضافة إلى أن من يخوض في هذا الموضوع (حجم الرسوم) ليس لديه دراية كافية بحجمها وهل ستفرض على المتر أو بنسبة معينة على قيمة الأرض، إلا أن المساحات التي تشملها الأراضي البيضاء كبيرة، إذ تمثل في الرياض فقط أكثر من 70 في المئة، وهذا يؤكد أن من احتفظ بهذه الأراضي ارتكب جريمة في حق الوطن بشكل عام والمواطن بشكل خاص.