شهدت العاصمة السعودية الرياض أمس حادثة قُتل مواطن أميركي، وإصابة آخر أثناء تزودهما بالوقود من إحدى المحطات شرق الرياض، إذ تمكنت القوات الأمنية من احتجاز المعتدي بعد تبادل لإطلاق النار معه وإصابته، وعلمت «الحياة» أن الأميركيين يعملان في شركة مختصة بالصناعات العسكرية، وأحدهما مسلم ويعمل في المملكة منذ نحو خمسة أعوام. وأكدت وزارة الداخلية في بيان لها أمس (الثلثاء) - بحسب وكالة الأنباء السعودية - أن شخصين يحملان الجنسية الأميركية تعرضا لإطلاق نار نتج منه مقتل أحدهما وإصابة الثاني، وتم القبض على الجاني بعد محاصرته وتبادل إطلاق النار معه وإصابته. وأوضح المتحدث الأمني للوزارة أن الجاني سعودي الجنسية من مواليد أميركا ويبلغ من العمر 25 عاماً، ويدعى عبدالعزيز بن فهد الرشيد، وكان يعمل مع شركة فينيل المتعاقدة مع وزارة الحرس الوطني، والتي يعمل فيها المجني عليهما، ولكنه فصل من عمله لدى الشركة بناء على ملاحظات إدارية وسلوكية. وأضاف المتحدث أنه لم يثبت لدى الجهات الأمنية وجود أي ارتباطات سابقة له مع التنظيمات المتطرفة، ولكنها تتابع حاله الصحية لأخذ أقواله والوقوف على دوافعه من إطلاق النار على المجني عليهما. وذكرت سفارة المملكة في واشنطن، في بيان مس، أن الجاني يدعى عبدالعزيز فهد عبدالعزيز الرشيد (25 عاماً)، وأنه كان موظفاً سابقاً في الشركة نفسها التي يعمل فيها المجني عليهما. وأورد البيان أن الجاني فصل من العمل في الشركة لقضايا تتعلق بتعاطي المخدرات. وأكدت أنه يحمل الجنسيتين السعودية والأميركية، وهو من مواليد ولاية واشنطن في 7 تموز (يوليو) 1990. وأضافت أن الراشد سبق أن سافر إلى البحرين وفرنسا وألمانيا والإمارات والولاياتالمتحدة، وزار البحرين الشهري الجاري. من جهته، أشار المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء المهندس منصور التركي أمس إلى أن الدافع وراء قتل الأميركي وإصابة الآخر غير معروف، وأن التحقيقات جارية. وتحدث في تصريحات صحافية إلى وكالة الأنباء «رويترز» عن وجود مواطن أميركي ثالث قرب موقع الحادثة. بدوره، قال المتحدث باسم شرطة منطقة الرياض العقيد فواز الميمان إنه عند الساعة 2:49 من ظهر أمس (الثلثاء) تعرض شخصان في سيارتهما لإطلاق نار أثناء توقفهما عند إحدى محطات الوقود، بالقرب من ملعب الملك فهد شرق الرياض، وموضحاً أن قوات الأمن باشرت الحادثة وتمكنت من محاصرة المعتدي وتبادل النار معه وإصابته والقبض عليه. وأوضح الميمان - بحسب وكالة الأنباء السعودية - أن الحادثة نتج منها مقتل أحد الشخصين داخل السيارة، وتعرض الآخر لإصابة متوسطة، وذكر أنهما من الجنسية الأميركية. بدوره، أكد نائب الملحق الإعلامي في السفارة الأميركية في الرياض ستيوارت وايت أن السفارة أصدرت رسالة تحذيرية لمواطني الولاياتالمتحدة بشأن الوضع واحتياطات السلامة التي يجب اتخاذها، موضحاً أن الحادثة التي وقعت داخل محطة للمحروقات النفطية (شرق العاصمة) أمس، أسفرت عن مقتل أحد رعاياهم، وإصابة الأخر بجروح طفيفة. وقال وايت في تصريح إلى «الحياة» أمس،: «أحد مواطنينا قتل وأصيب آخر بجروح طفيفة إثر هجوم مسلح على محطة محليه تبعد تقريباً 30 كيلومتراً من السفارة». وأكد ستيوارت أن الحكومة الأميركية على اتصال وثيق مع الحكومة السعودية، مشيراً إلى أنهم «لا يزالون يجمعون التفاصيل عن إطلاق النار والدافع لذلك». وأفاد بأن جميع موظفي السفارة بما في ذلك الموظفين المحليين في وضع آمن، مضيفاً: «ونحن في عملية تقويم للوضع الأمني لدينا، وسنتخذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة جميع أفراد السفارة الأميركية». وقال أحد الموظفين في الشركة التي يعمل فيها الأميركيان ل«الحياة»، إنه أثناء توجه زملائه إلى مقر عملهم، وجدوا حاجز البوابة لا يعمل، ما اضطرهم إلى الوقوف في محطة الوقود التي تعتبر نقطة تجمع لموظفي الشركة، إلا أنهم فوجئوا بوابل من الرصاص العشوائي ينهال عليهم وهم داخل السيارة، ما أدى إلى وفاة أحدهما وإصابة الآخر. وقال الموظف (فضل عدم ذكر اسمه) إن عدد العاملين في الشركة يراوح بين 200 و400 أميركي، جميعهم يشغلون وظائف هندسية. وأوضح أنه أثناء الاستهداف تم النداء على جميع الموظفين عبر الأجهزة اللاسلكية، بالبقاء في أماكنهم. وأشار إلى أن المتوفى يبلغ من العمر 40 عاماً، ويعمل في الشركة منذ خمسة أعوام، فيما يبلغ المصاب 59 عاماً وهو مسلم. ورصدت «الحياة» ميدانياً في محطة البنزين التي شهدت حادثة القتل حضوراً كثيفاً لقوات المهمات الخاصة والدوريات الأمنية، إذ لم يكتف رجال الأمن بتطويق المنطقة بصورة محكمة، بل وأجبروا المتفرجين والمتنزهين في ساحة إستاد الملك فهد الدولي في الجهة المقابلة للمحطة بمغادرة الموقع، إذ تشتهر الساحة كونها مكاناً مناسباً لممارسة رياضة المشي والتنزه لدى سكان شرق الرياض. وأوضح شهود عيان ل«الحياة» أن المحطة التي شهدت الحادثة تعمل على مدار الساعة، ولوحظ على مقربة منها مجمع «فينيل» السكني الذي شهد الحادثة الإرهابية في مايو 2003، وبدا مستحيلاً وصول قاطني الحي إلى منازلهم بالنظر إلى ازدحام الشوارع، ما اضطر عدداً غير قليل من قائدي المركبات إلى مخالفة النظام بعكس خط سيرهم، تلافياً للاختناق الذي أدى إلى توقف الحركة في الشوارع المحيطة. يذكر أن العاصمة الرياض في حزيران (يونيو) 2004، شهدت بداية الفصل الأخير لأعضاء «تنظيم القاعدة» داخل محطة وقود بحي الملز (وسط الرياض)، إذ كتب الأمن السعودي نهاية زعيم «تنظيم القاعدة» في السعودية عبدالعزيز المقرن وثلاثة من أبرز القياديين المقربين له في التنظيم ترصدهم قوات الأمن، وبعد تبادل لإطلاق النار أسفر عن مقتل أعضاء الخلية كافةً. أصداء «متباينة» في وسائل الإعلام الأميركية حظيت حادثة مقتل المواطن الأميركي وإصابة مرافقه في مدينة الرياض أمس باهتمام وسائل الإعلام الأميركية، مثل «سي إن إن» و«إيه بي سي» و«فوكس نيوز» و«وشنطن بوست»، إذ نشرت عنها تقارير موسعة في مواقعها الإلكترونية ونشراتها الإخبارية أمس. وعلى رغم أن التحقيقات لم تظهر بعد في ملابسات القضية، التزمت المواقع الإخبارية الأميركية بالتصريحات الأولية من المسؤولين السعوديين، ويأتي من بينها قناة «FOX» التي تعد من الوسائل الإعلامية الإخبارية التي عرف عنها انحيازها ضد قضايا المسلمين والعرب، إذ اكتفت القناة في تقريرها بتصريح من المتحدث في السفارة الأميركية في الرياض، ولم تظهر أو تورد تفسيرات حول دوافع الحادثة ولم توجه أصابع الاتهام لأية جهة أو منظمة، كما حذت قناة CNN حذو FOX الإخبارية في تناولها للحادثة. من جهتها، علقت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقريرها عن الحادثة أن في بعض أجزاء المملكة العربية السعودية تظهر بعض المشاعر المعادية للأميركيين، وتطرقت إلى أن مئات من المواطنين السعوديين سافروا إلى مناطق الصراع في دول مجاورة، ما آثار مخاوف من أن يقوموا بشن هجمات إرهابية في الداخل أيضاً عند تمكنهم من العودة للملكة. فيما تحدثت صحيفة «واشطن بوست» عن أنها توافرت لديها معلومات من مصدر مطلع تفيد أن الحادثة وقعت بسبب حصول خلاف بين الجاني والضحية، ولا علاقة لها بالإرهاب بحسب تعبيرها. وتحدثت قناة ABC الإخبارية عن أنها توافرت لديها معلومات تفيد بأن الجاني عمل في الإدارة نفسها التي يعمل بها الضحية، قبل أن يتم تسريحه أخيراً لسوء سلوكه.