كانت الأزمة الليبية محور محادثات امس، في باريس التي استضافت وزراء الخارجية الأميركي جون كيري والإماراتي عبدالله بن زايد والليبي محمد الدايري ومبعوث الأممالمتحدة برناردينو ليون. ويأتي ذلك في اطار تكثيف الجهود لاستكمال الترتيبات لعقد جلسات حوار ليبي في الجزائر التي تستعد لتوجيه دعوات الى الأطراف المعنية قريباً، كما علمت «الحياة». وأجرى وزير الخارجية الليبي سلسلة لقاءات في باريس مع نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والأميركي جون كيري، غداة لقائه في العاصمة الفرنسية وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الذي التقى ايضاً كلاً من فابيوس وكيري على حدة. وقالت ل «الحياة» مصادر مطلعة على لقاءات الدايري الذي رافقه رئيس الأركان الليبي عبد الرزاق الناظوري، انها هدفت الى الطلب من باريس دعم جهود ليون لجمع اطراف الحوار ومساندة الشرعية في ليبيا المتمثلة بالبرلمان المنعقد في طبرق وحكومة رئيس الوزراء عبدالله الثني. والتقى ليون في باريس، الدايري وكيري وفابيوس وعبدالله بن زايد. وعلمت «الحياة» ان وزير الخارجية الفرنسي استوضح من نظيره الليبي تفاصيل الحوار المزمع اجراؤه في الجزائر. وفي هذا الصدد كشفت مصادر ديبلوماسية بارزة ان ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد سيزور الجزائر غداً. يأتي ذلك في وقت حظيت الأزمة الليبية باهتمام سياسي وديبلوماسي اعادت تحريكه زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لليبيا هذا الأسبوع حيث اكد ضرورة وقف القتال لإقامة حوار بين الليبيين. ورأس بان كي مون جلسة حوار في طرابلس شارك فيها نواب مقاطعون لجلسات البرلمان في طبرق. ونقلت وكالة «أجواء نت» عن النائب المصراتي المقاطع للبرلمان سليمان الفقيه الذي شارك في الحوار، تشديده على وجوب القضاء على الأسلحة الثقيلة، وإيقاف سلاح الطيران عن قصف المدن، في اشارة الى الغارات التي تشنّها القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر. وفي إطار مساعي العواصم الغربية للاطلاع على وجهات نظر اطراف النزاع في ليبيا، التقى المبعوث الإيطالي جوزيبي غريمالدي زعيم «التحالف من اجل الوطن» عبد الرحمن السويحلي وتناول النقاش النقاط التي أثارها النائب عن مصراتة في لقائه مع المبعوث البريطاني جوناثان باول مطلع الأسبوع. وأفادت مصادر السويحلي بأنه أثار مع الديبلوماسي الإيطالي قضية «التصعيد العسكري المستمر المدعوم من النواب المجتمعين في طبرق، والمتمثل في قصف المدنيين ومنشآت الدولة من قِبل المجموعات المسلحة والطائرات التابعة لحفتر في بنغازي، ومهاجمة الآمنين في بعض مدن جبل نفوسة (غرب) من جانب ما يسمّى جيش القبائل ومجموعات أخرى خارجة عن القانون والشرعية». ورأى السويحلي وهو من ابرز القيادات الداعمة ل «فجر ليبيا» ان «هذه الوقائع تؤكد عدم وجود نيات جادة من جانب البرلمان لحقن الدماء والجلوس إلى طاولة الحوار للوصول إلى توافقٍ يحفظ الحقوق والتضحيات، وأهداف ثورة 17 فبراير». وفي وقت رحّب بزيارة الأمين العام للأمم المتحدةلطرابلس واطلاعه على الأوضاع المستقرة فيها، لفت القيادي المصراتي إلى أنّ «قطاعات كبيرة من الشعب الليبي تعتبر مجيء بان كي مون الى طرابلس من دون علم حكومة الإنقاذ الوطني (الموازية لحكومة الثني)، مساسًا بسيادة الدولة الليبية». الى ذلك، أفاد عضو مجلس النواب عن مدينة ككلة أكرم شنيوة بأن ممثلي المناطق الغربية التي تمتد من جنزور وحتى رأس جدير (على الحدود مع تونس) عقدوا اجتماعاً موسعاً في العاصمة طرابلس الإثنين، لمناقشة الأوضاع في مدينتي ككلة والقلعة اللتين تعرضتا لهجوم من قوات متحالفة مع حفتر. ونقلت «وكالة أنباء التضامن» عن شنيوة قوله إن» الاجتماع تطرق إلى حال الأهالي النازحين، وكيفية توفير المساعدات لعائلاتهم». وزاد: «اتصلنا بالمؤسسات المدنية الحقوقية المحلية والدولية لإطلاعهم على الوضع في ككلة المنكوبة». وأشار شنيوة إلى أن «ككلة تعرضت منذ السبت الماضي، لقصف عشوائي بأسلحة ثقيلة ومتوسطة من قبل مايعرف بجيش القبائل قتل على أثره ما لا يقل عن 20 شخصاً وجرح أكثر من 60 ونزحت أعداد كبيرة من أهالي المدينة»، وأضاف: «حتى سيارات الإسعاف بسائقيها لم تنج من القصف». على صعيد آخر، أعربت الخارجية التركية عن قلقها من تكرار الاعتداءات على آثار عثمانية في العاصمة طرابلس، من أهمها: ضريح «تورغوت رايس» ومدرسة «عثمان باشا» ومسجد « أحمد القرمانللي». وورد في البيان أن وزارة الخارجية والقنصلية العامة التركية في مصراتة تتواصل مع السلطات الليبية في هذا الشأن. وهذه ليست هي المرة الأولى التي تتعرض فيها آثار عثمانية للتخريب في ليبيا، اذ تعرض ضريح «مراد آغا» في تاجوراء للتفجير في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. على صعيد آخر، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات إلى ما يسمى «انتفاضة 15 أكتوبر» في بنغازي، لمساندة «الجيش الوطني» بقيادة حفتر ضد «مجلس شورى الثوار» الذي يحاول السيطرة على المدينة ومطارها. وسادت حال ترقب في بنغازي خشيت حصول صدامات خلال هذا الحراك الذي دعا إليه حفتر أهالي المدينة التي تتواصل فيها المواجهات منذ ما يزيد على ستة أشهر.