لم تجد سهى سوى الذهاب إلى الخيار الأخير، وطلبت الطلاق من زوجها الذي اكتشفت خيانته لها في بيتها مع فتاة تعرف إليها عبر شبكة الإنترنت، بعدما عادت فجأة إلى بيتها من عملها وعلى غير العادة، وهالها ما رأت. فزوجها الذي لم تشك لحظة منذ أن تزوجته قبل نحو 20 سنة بأنه يرى غيرها من النساء، أهانها وجرحها من حيث لا تحتسب. تقول بعدما «كسرتها» الصدمة، وهي جاثمة في قاعة الانتظار بالمحكمة الشرعية لشمال عمان، إنها لن تستطيع العيش معه مجدداً. وتصرّ على وكيلها بأن لا يطلب من زوجها أي تعويض أو نفقه، بينما هي تحترق كمداً على عائلتها التي ستفقد دفئها وشملها. وتصب سهى جام غضبها على زوجها وتصفه بأقذع الأوصاف، وتسرد فضائح كانت كل واحدة كفيلة بأن تجعلها تتركه قبل أن تنجب منه 6 أبناء أصغرهم في الصف الثاني الابتدائي. ويساهم انتشار وسائل الاتصال والإعلام في طريقة غير مباشرة في انتشار الخيانة الزوجية، ما جعلها أحد أهم أسباب الطلاق، وفق أستاذة علم الاجتماع في جامعة «البلقاء» التطبيقية الدكتورة أمل العواودة. وتوضح العواودة أن التسامح وعدم العناد والاعتذار والعفو واسترجاع الذكريات الجميلة والحوار والتفاهم والنقاش البناء تعد من أهم الحلول الممكنة والتي يستطيع كلا الزوجين اتباعها والتحلي بها لتقليل احتمالات الطلاق بينهما. وأظهرت دراسة لمجموعة “المرشدون العرب" حول أسواق الإنترنت في المنطقة أن الأردن احتل المرتبة الخامسة في مؤشر نسبة انتشار استخدام الإنترنت خلال عام 2011، وذلك من بين 10 دول عربية تقع في منطقة الشرق الأوسط والخليج. ووفق تقرير لدائرة قاضي القضاة، فإن عدد حالات الزواج التي سجلت خلال عام 2011 بلغت 61770 حالة، بينما بلغ عدد حالات الطلاق في العام ذاته 15707 حالات، منها 4467 حالة للفئة العمرية بين 21 و25 سنة، فيما بلغ عدد حالات الطلاق قبل الدخول 6462 حالة. وكشف التقرير أن «نسبة الزواج والطلاق كانت أكثر بين المتعلمين منها من غير المتعلمين». أما أسمى، فأدى تدخل أهل زوجها في شؤون حياتها الزوجية إلى الدخول في قضية شقاق ونزاع مع زوجها الذي لم يمض على زواجه منها أكثر من شهرين. وتلوم أسمى حماتها في ما وصلا إليه، مؤكدة أن تدخلاتها في كل شاردة وواردة في حياتهما التي كانت مكشوفة بكل تفاصيلها إليها، لكونها تسكن معها في البيت ذاته، كانت السبب في تحويل حياتهما إلى جحيم. وتضيف بينما تنتظر جلسة المحكمة في قضيتها التي ترفعها على زوجها أحمد الذي يصر على أن تعيد له كل ما دفعه لها خلال فترة زواجهما، من أجل «تسريحها بإحسان»، كما يقول. ويتمسك أحمد قبل دقائق من بدء الجلسة خلال حديثه مع محامي زوجته بشروطه، وإلا فإن القضية - كما يقول - «ستكون ماراثونية وربما تطول أكثر من سنة». وكانت دراسة حديثة كشفت أن أهم أسباب الطلاق قبل الدخول بالزوجة، وخلال السنة الأولى من الزواج، هو سوء الاختيار يليه تدخل الأهل، من وجهة نظر المطلقات. وبيّنت الدراسة التي أجرتها جمعية «العفاف» في عمان، تحت عنوان «الطلاق قبل الدخول وفي السنة الأولى من الزواج: الأسباب والآثار النفسية والاجتماعية»، أن 42 في المئة من المطلقات كانت وجهة نظرهن أن الطلاق بسبب سوء الاختيار يليه تدخل الأهل بنسبة 30 في المئة، ثم عدم تحمل المسؤولية بنسبة 29 في المئة. واعتبرت 18 في المئة من المطلقات أن تبعية الزوج لوالدته أو أحد أفراد أسرته، يعد أحد أسباب الطلاق، فيما احتل عدم التواصل اللفظي والفكري نسبة 16 في المئة، بينما كان الزواج الثاني وانشغال الزوج عن أسرته بنسبة 2 في المئة، يليهما الزواج لمصلحة مادية بنسبة 3 في المئة، ثم شك الزوج والشذوذ الجنسي والخيانة بنسبة 3 في المئة. وعزت المطلقات أسباب الطلاق قبل الدخول إلى عدم الوضوح والصدق وعدم كشف الذات، بينما كان تعاطي المخدرات أو الكحول وفارق العمر وصغر السن والإساءة الجسدية... من أقل الأسباب المؤدية إلى الطلاق قبل الدخول (4 في المئة)، تليها أحلام البنات الرومانسية بنسبة 8 في المئة. ولفتت الدراسة إلى أن المطلقات يتأثرن بمجموعة من الآثار النفسية والاجتماعية، منها الشعور بالإحباط والتعاسة والحزن، ثم الشعور بالوحدة والانعزال والظلم، وأخيراً الإحساس بالإهانة وعدم الثقة بالنفس؛ في حين كانت أقل الآثار النفسية في المطلقات عموماً مقاطعة الأهل بسبب الطلاق، يليه الهروب إلى زواج أو خطبة جديدة، ثم تحكم الأهل بحياة المطلقة بعد الطلاق. ومن الآثار الأخرى تحكم الأهل بحياتها بعد الطلاق والنقمة والحقد على الآخرين. ويعزو أستاذ علم الاجتماع في جامعة «البلقاء» التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي ارتفاع نسب الطلاق إلى ظاهرة واحدة تسمى «ثقافة الاستهتار» التي أصبحت منتشرة في شكل واسع، بحيث أصبح يجري التطاول والاعتداء على الظواهر النموذجية والمميزة في المجتمع، وتجاوزها بسهولة، من دون الأخذ في الاعتبار النتائج المترتبة عليها. ويأسف الخزاعي لكون 79 في المئة من حالات الطلاق تتم قبل الدخول، «بسبب التسرع في قرار الزواج والتسرع في قرار الطلاق»، وفق إحصاءات 2010. ويعزو الدكتور عصام عربيات، المدير العام للمحاكم الشرعية، ذلك إلى عدم إدراك الزوجين حق كل منهما على الآخر والسرعة في إجراء عقد الزواج. ويؤكد خبراء علم الاجتماع أن الطلاق ليس مشكلة فردية تخص الزوجين، بل هي مشكلة اجتماعية تنذر بأخطار جسيمة وأضرار اجتماعية جدية. ويُرجع البعض ارتفاع حالات الطلاق إلى الفقر وعدم التكافؤ بين الزوجين وتدخل الأهل وقانون الخلع، الذي شجع المرأة على طلب الطلاق، إضافة إلى الزواج المبكر. وتقول المحامية فريزة قموم إنها تعاملت مع قضايا كثيرة لا يتجاوز فيها سن الفتاة الخامسة عشرة. وأشارت إلى أن بعض الأهالي يجهزون للفتاة عريساً جديداً فور انتهاء العدة حتى لا تبقى عندهم وهي مطلقة. «وهذا، في حد ذاته، يعرضها إلى طلاق جديد».