مرة واحدة وجدت سعاد نفسها مطلّقة، تقاسي النظرة الاجتماعية السلبية للمرأة المطلقة في مجتمع محافظ لم يسعفه بعد تطور أدوات الحياة الجديدة للتخلص من موروثاته التقليدية. الطلاق لم يأتِ من عدم، فسعاد «وُجدت مذنبة»، بأن لديها ما يقارب ثلاثة آلاف صديق في عالم افتراضي من الصعب أن يتفهمه زوجها الذي تجاوزه الزمن، ومكّنته غفلتها عن إغلاق حسابها الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» من الاطلاع على التفاصيل. سعاد التي باتت تمضي أكثر وقتها في المحادثة (الشات) بحثاً عن زوج يمكن أن يتفهم ولعها بالحديث مع صديقات وأصدقاء لن تلتقيهم يوماً في الحقيقة، وهم بالنسبة إليها مجرد أسماء وصور، لم تعد تعبأ بما يجري من حولها أو ما يقوله من حولها، فهي غارقة في عالمها الافتراضي الذي لا يعرف عنها سوى ما تفرج عنه هي من معلومات تروق لها. لا تواجه سعاد وحدها هذا المصير، فالكثير من الشباب يواجهون الوضع نفسه من قبل زوجاتهم كلّما وصلتهم رسالة إعجاب أو غزل سواء على الهاتف المحمول أم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. وتتشابه قصة طلاق أحمد إلى حد كبير في أسبابها مع قصة سعاد، ولكن وسيلة الاتصال اختلفت فهو تلقى رسالة إعجاب على هاتفه المحمول من فتاة تربطه بها علاقة عمل، ولكن محتواها أدى إلى العصف بحياته الزوجية. ولا تتوقف تداعيات قصة أحمد عند هذا الحد، بل تتجاوز ذلك إلى أصدقائه على «فايسبوك» الذين دخلوا سجالات ومتاهات قصته ليفتضح الكثير من الأمور والقصص المتعلقة بسلوك أصدقائه وعلاقاتهم، ما أدى إلى وضعهم أيضاً في مواقف لا يحسدون عليها. وتعاني المرأة المطلقة في الأردن من نظرة استثنائية سلبية في بعض الأحيان لا تخلو من الانتقاد لأسباب اجتماعية. وترد مصادر قضائية شرعية أسباب الطلاق في الأردن إلى أسباب عدة من أهمها الخيانة الزوجية التي دخلت عليها وسائل الاتصال الحديثة وأصبحت تمهّد لها الطريق، وتدخل أهل الزوجين في حياة أولادهم بدعوى الحرص على مصالحهم، والزواج المبكر، وعدم تكافؤ الزوجين من الناحية الاجتماعية المادية والأوضاع الاقتصادية السيئة في كثير من الحالات، بالإضافة إلى التسرع في اختيار الشريك من دون محاولة فهم الآخر، وكذلك كثرة الطلبات من أهل الخطيبة ما يجعل الشاب غير قادر على الإيفاء بالالتزامات فيفضل الطلاق قبل إتمام الزواج. ويظهر التقرير الصادر عن دائرة قاضي القضاة أن عدد حالات الزواج التي سجلت خلال عام 2011 بلغ 61770 حالة، وبلغ عدد حالات الطلاق 15707 أي ما نسبته 25 في المئة. وأشار التقرير إلى أن عدد حالات الطلاق للفئة العمرية من سن (21 -25) وصل إلى 4467 حالة، علماً أن عدد حالات الزواج لهذه الفئة 24744 حالة. ويوضح التقرير أن عدد حالات الطلاق قبل الدخول على العروس، وصل إلى 6462 حالة، وتبيّن أن نسبة الطلاق عند الشريحة المتعلمة أكثر من غير المتعلمة. وترجع الباحثة الاجتماعية الدكتورة أمل العواودة مسؤولية ارتفاع عدد حالات الطلاق في الأردن، مقارنة بالسنوات السابقة، إلى انتشار مختلف وسائل الاتصال والإعلام، مشيرة إلى أن انتشار هذه الوسائل أسهم بطريقة غير مباشرة في انتشار الخيانة الزوجية. وتضيف أن التسامح والاعتذار والعفو، واسترجاع الذكريات الجميلة والحوار والتفاهم والنقاش البناء، تبقى من أهم الحلول الممكنة التي يستطيع كلا الزوجين اتباعها لإعادة علاقتهما إلى مسارها الصحيح. وتقول المحامية فريزة قموم إنها تعاملت مع قضايا طلاق كثيرة لا تتجاوز فيها الفتاة الخمسة عشر عاماً، وكانت وسائل الاتصالات الحديثة سبباً غير مباشر فيها، إلا أنها تحذر من أن بعض الأهالي يجهّزون للفتاة عريساً جديداً فور انتهاء عدتها حتى لا تبقى عندهم وهي مطلقة، وهو ما يعرّضها إلى طلاق جديد. وتظهر دراسة لمجموعة «المرشدون العرب» حول أسواق الإنترنت في المنطقة أن الأردن احتل المرتبة الخامسة في مؤشر نسبة انتشار استخدام الإنترنت خلال عام 2011، وذلك من بين 10 دول عربية تقع في منطقة الشرق الأوسط والخليج. وتذكر الدراسة أن سوق الإنترنت في المملكة احتلت المرتبة الخامسة بنسبة انتشار لاستخدام الإنترنت بلغت 42 في المئة في العام الماضي. وتبيّن الدراسة أنّ الأردن احتل هذه المرتبة بعد أربع دول خليجية احتلت أول أربع مراتب بأعلى نسبة انتشار لاستخدام الإنترنت في المنطقة العربية وذلك على رغم انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة الأردنية مقارنة بهذه الدول التي يتمتع اقتصادها بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي.