تنظم "جمعية ميتروبوليس" في بيروت "أسبوع آرتي" (القناة الثقافية الفرنسية – الألمانية) الذي يتضمن عرض 8 أفلام سينمائية من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية. وهذا هو الإصدار السادس للحدث الذي انطلق في 12 من الجاري ويستمر إلى التاسع عشر منه، وتستضيف عروضه صالة "صوفيل". بداية المهرجان كانت مع فيلم "سان لوران" (2014) للفرنسي برتران بونيللو. يروي الفيلم "قصة" المصمم العالمي إيف سان لوران مستعادة في شكل "نتف" مصورّة، وينتقي عملياً من مسيرته الشخصية مراحل محددة: حياته المثلية وعلاقته بالمرأة ومحطات من خيباته الشخصية وطفولته ومن حياته المهنية وحبّه للأزياء. يستعيد الشريط الطويل الذي تصل مدته إلى ساعتين ونصف، مفاصل من حياة مركبة، انتهت بموت عادي على كنبة. حيث صار لوران يتذكر وجه عشيقه جاك. يبدأ الفيلم بعرض حياة لوران من لحظة إلهام في سهرة خاصة. يتعرف فيها المصمم إلى ملهمته الشقراء التي أصبح اسمها (بيتي كاترو) لامعاً بعد أن عملت معه عارضة أزياء لسنوات وأصبحت صديقته أيضاً. يظهر العمل لوران مفتوناً بكاترو إلى حدّ الهوس، إذ تظهر في غير مشهد وهي تتمايل على إيقاع صارخ. ينظر إليها وهو مأخوذ بحركاتها. يبرز المخرج موهبة لوران في دمج الذكورة بالأنوثة في تصاميمه، والذي أسس لنمط تصاميم لا تؤطر ملابس المرأة في "جندريتها"، مركزاً على مشاهد البذلات والسراويل التي صممها لوران للمرأة. بدت التصاميم في المشاهد ذات جمالية مختلفة. القصات شبيهة بسراويل الرجال وبعيدة من الفساتين الطويلة و "الجاكيتات" المقلمة تصل إلى ما تحت الخاصرة. هذه التصاميم التي حرص المخرج على تصويرها في جمالية خاصة، مظهراً تأثيرها أيضاً في زبونات لوران اللواتي عبرّن عن بهجتهن وهن يجدن أنوثتهن في ملابس "غير نمطية". يكشف الفيلم أيضاً الحياة الجنسية للمصمم ومثليته. يغوص في التفاصيل الحميمة. في حكاية حب أوصلته إلى متاهة المخدرات ومعاقرة الخمر، لدرجة أنه ألحق الأذى بنفسه وكاد يخسر اسمه، حتى بدأت الصحافة الفرنسية تكتب عن احتمال موته بسبب الكحول. يعرّج الفيلم على علاقته بالمرأة التي تعكس وجهه الآخر. وتعبر الكاميرا من حين إلى آخر في تفاصيل وجه لوران الهادئ وتركز عليه. يبين لنا الفيلم كيف أن الشهرة والمال لا يوفران السعادة بالضرورة، إذ يظهر إيف سان لوران في غير مشهد، قلقاً، حزيناً بخلاف ما يمكن توقعه من شخصية مغمورة بأسباب الفرح. يحكي الفيلم أيضاً شذرات عن تفاصيل هامشية. عشق لوران للرسم الذي اعتبره أكثر إلفة من التصميم. غرقه في نوبات ألم وعزلة، في بيته في مراكش أو في باريس داخل غرف مليئة بصور جميلات من السينما أو عالم الأزياء، وقرب تمثال بوذا. طرده امرأة تعمل في مشغله بسبب حملها. عوالم مختلطة عاشها لوران، حاول المخرج دخول متاهاتها بحذر أحياناً وبجرأة أحياناً أخرى. تواطؤ النص السينمائي مع الصور التي قفزت بالمشاهد بين الحاضر والماضي وفي شكل عكسي، لتقدم سان لوران بتناقضاته التي لا تزال مادة يمكن توليفها في أفلام لاحقة. ويعرض ضمن الأسبوع عدد من الأفلام التي ساهمت قناة "آرتي" في إنتاجها. "ميلازا" واحد منها للمخرج الكوبي كارلوس ليشوغا. يتناول قصة عائلة كوبية في مدينة صغيرة يعتاش سكانها من العمل في مصانع السكر. لكن، بعد قرار إقفالها يناضل الزوجان لإيجاد طريقة تؤمن لقمة عيشهما. ويعرض الأسبوع فيلماً لغيوم نيكلو: "اختطاف ميشال ويلبيك". شريط يصور حياة الكاتب الفرنسي ميشال ويلبيك. ويروي فيلم "عصابة البنات" للفرنسية سلين سياما الذي عرض في مهرجان "كان" قصة المراهقة مريم التي تعيش تحت ثقل بيئتها. و "كزانيا" لليوناني بانوس كوتراس، فيروي قصة "داني" المثلي الذي يسافر بعد موت أمه الألبانية ليلتقي بأخيه في أثينا. وفيلم "جوجا" لليساندرو ألونسو يروي توسع حركة الاستعمار الأوروبي في القرن ال19 للقضاء على السكان الأصليين في منطقة باتاغونيا. ويعرض "الحب هو الجريمة المثالية" لأرنو وجان ماري لاريو عن بروفيسور في الجامعة يعثر على عشيقته التي هي إحدى تلميذاته ميتة في الصباح التالي. وسيختتم "أسبوع آرتي" بفيلم ياباني يحمل اسم "ساكنة هي المياه"، لنعومي كاواسي الذي كان من بين الأفلام المتنافسة على السعفة الذهبية في "كان". يعبر السرد الروائي في رحلة بحث في التماهي بين الداخل والطبيعة عبر قصة حب بين مراهقين يصارع كل منهما ألمه على طريقته.