دعا مؤتمر شاركت فيه منظمات إغاثة دولية، الدولَ المانحة إلى مواصلة تقديم الدعم لآلاف اللاجئين العراقيين في الأردن وعدم نسيانهم في ظل اشتداد الأزمة السورية. وطالب أنيس طربيه، مساعد مدير منظمة «كير» الدولية في الأردن، في ختام أعمال المؤتمر الذي خصص لمناقشة أوضاع اللاجئين العراقيين في الدول المانحة، بأن تأخذ في الاعتبار أن حجم ما يقدم للاجئين بات محدوداً جداً، ويجب أن يكون هناك وضوح أكبر في استراتيجيات التعامل مع اللاجئين العراقيين»، مشيراً إلى أنه «ليس من الواقعي أن تتم إعادة توطين جميع هؤلاء العراقيين في بلد ثالث، ويجب أن تكون هناك خيارات أخرى أكثر واقعية». ودعا طربيه المنظمات الإنسانية والسفارة العراقية في عمان إلى «التواصل مع العراقيين ودراسة احتياجاتهم ومعرفة آرائهم من أجل إيجاد الحلول» لمشاكلهم. كما دعا إلى تشكيل لجان محلية تنوب عن اللاجئين من «أجل إيصال حاجاتهم الفعلية». منظمات اغاثة ورأى مسؤولون في منظمات إغاثة دولية، أن اشتداد الأزمة السورية وتزايد أعداد اللاجئين السوريين في الأردن، أثر بشكل سلبي في أوضاع آلاف اللاجئين العراقيين في هذا البلد وحجم المساعدات التي يتلقونها. وقال كيفن فيتزتشرلس، مدير منظمة «كير» في الأردن: «إنها صورة حزينة. منذ عام 2012 ومع اشتداد النزاع في سوريا وتزايد أعداد السوريين الباحثين عن ملجأ في الأردن، تم نسيان اللاجئين العراقيين، على رغم أنهم ما زالوا يتلقون مساعدات من الحكومة والمانحين من المنظمات الإنسانية والأممالمتحدة، لكنها تراجعت بسبب الأزمة السورية»، مشيراً إلى أن «المشاكل التي تواجه (اللاجئين) العراقيين هي نفسها التي تواجه السوريين». من جهة أخرى، قال اندرو هاربر ممثل مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن: «إنها مأساة عظيمة. ما زلنا نتحدث عن اللاجئين العراقيين في المنطقة والبحث عن حلول لهم، لكنهم من دون شك وُضعوا جانباً بسبب حجم تدفق اللاجئين السوريين، الذي يشبه إلى حد كبير عامي 2006 و2007، عندما قدّرت الحكومة الأردنية أعداد العراقيين بنصف مليون شخص». وكان الأردن الملاذ الآمن لمئات آلاف العراقيين الهاربين من أعمال العنف التي بدأت عام 2004 وبلغت ذروتها في عامي 2006 و2007. ومعاناة العراقيين مستمرة منذ اكثر من ثلاثين عاماً، فقد عاشوا حرباً امتدت ثماني سنوات مع إيران (1980-1988)، وأخرى في 1991 إثر غزو الكويت، وحظراً دولياً امتد 12 عاماً، وحياة ضنكة في ظل نظام صدام حسين، واعقب ذلك كله الاجتياح الأميركي البريطاني في 2003 وسنوات متلاحقة من العنف الطائفي وغيره. وعلى رغم مرور عشر سنوات على الغزو الأميركي للعراق، ما زالت هناك عشرات الآلاف ممن يفضلون العيش في الأردن وعدم المخاطرة بالعودة إلى بلادهم. توطين اللاجئين وتم حتى الآن «إعادة توطين 30 ألف عراقي في الولاياتالمتحدة وكندا واستراليا والبرازيل وتشيلي، وهناك نحو 1500 عراقي آخر في انتظار إعادة توطينهم». وعلى رغم هذا، أكد هاربر أن «إعادة التوطين ليست الحل الأفضل والدائم للجميع»، مشيراً إلى أن «الحكومة العراقية تفضل عودة مواطنيها، خصوصاً من ذوي الكفاءات، لأنها في حاجة اليهم». وقدر السفير العراقي في عمان جواد هادي عباس، «أعدادَ العراقيين في الأردن بحدود ال190 ألفاً، بينهم 30 ألفاً مسجلون لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين». وأوضح أن «هؤلاء العراقيين نزحوا بسبب أعمال العنف والأعمال الطائفية، لكن هذه السنوات السوداء أصبحت وراءنا، والوضع الآن مستقر في معظم إنحاء العراق». وأكد أن «الحكومة العراقية عملت بجد كبير على العودة الطوعية لهؤلاء إلى مدنهم وبيوتهم وأعمالهم، لأن المواطن لا يعيش معززاً مكرماً إلا في وطنه، والعراق بلد غني ثري يمتلك إمكانات كبيرة لاستقبال مواطنيه واسترجاعهم». وأشار إلى أن «وزارة الهجرة والمهجرين في العراق تقدم للنازحين العائدين حال وصولهم 3200 دولار، وتسهل معاملاتهم واندماجهم في المجتمع». وتساعَد العائلات على تسوية الرسوم الخاصة بالكهرباء والماء والهواتف المتوجبة خلال فترة الغياب، إضافة إلى تسهيل العودة إلى منازلهم التي وضع آخرون اليد عليها. وأكد عمر نصير، منسق وحدة المساعدات الإنسانية في وزارة التخطيط الأردنية «محدودية موارد الدولية الأردنية وإمكاناتها، لكننا نحرص كل الحرص على واجبنا الإنساني في تقاسم لقمة العيش مع أشقائنا العراقيين والسوريين من منطلق روابط الأخوة والتاريخ والجوار». وأوضح أن «ذلك يتطلب المزيد من التكاتف ودعم المجتمع الدولي والجهات المانحة».