ظلت منطقة الهرمل أمس تعيش مخاوف احتمال تعرضها للقصف من الجانب السوري من الحدود المشتركة مع شمال شرق لبنان، في ضوء القصف الذي سجل نهاية الأسبوع الماضي نتيجة المعارك الدائرة بين الجيش السوري النظامي والمعارضة المسلحة، في وقت تعرض سوري في طرابلس (شمالاً) للاعتداء بالضرب على يد مجموعة من الشباب بسبب ولائه للنظام السوري، ونزع المعتدون لباسه عنه وكتبوا على جسمه «شبيح الأسد» ووضعوا حبلاً حول رقبته وجرّوه في شوارع التل وسلّموه إلى استخبارات الجيش. وكانت كل المدارس في مدينة الهرمل أقفلت، وتلقى أصحاب هواتف خلوية رسائل تحذير من احتمال تعرض المدينة إلى «المزيد من الصواريخ من قبل الجيش السوري الحر»، لم يجر التأكد منها. وعقد ممثلون عن الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية في الهرمل اجتماعاً في مكتب حزب «البعث العربي الاشتراكي»، واستنكروا في بيان «القصف الصاروخي من جانب العصابات المسلحة في سورية على منطقة الهرمل»، وطالبوا «الدولة اللبنانية ورئيس الجمهورية بأن يأخذا دورهما في حماية المواطنين»، وسألوا: «أليست الهرمل مدينة لبنانية؟». ولوّحوا بأن «أهالي الهرمل سيدافعون عن أنفسهم إذا تخلت الدولة عنهم». قلق فرنسي وعبر الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو عن قلق بلاده لتصاعد التوتر على الحدود اللبنانية - السورية، معتبراً ان «سقوط صواريخ على منطقة الهرمل خلال المعارك في القصير يؤثر على سلامة لبنان وسيادته ويهدد امن اللبنانيين». وطالب الجميع بالتزام «اعلان بعبدا». وفي السياق، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير امس، إنه «يتعين على كل أطراف النزاع في سورية وضع حد للهجمات العشوائية عبر الحدود على المناطق الآهلة بالسكان في لبنان». ورصدت المنظمة «في 14 الجاري قيام إحدى جماعات المعارضة السورية المسلحة التي تعرّف نفسها باسم «لواء عمر الفاروق» بقصف قريتي القصر وحوش السيد الشيعيتين في شمال البقاع، فقتلت مدنيين اثنين وجرحت ثلاثة، وفي ظل غياب أي دليل على وجود أهداف عسكرية في القريتين، فإن الأمر يوحي على نحو قوي بأن تلك الهجمات كانت عشوائية وتنتهك قوانين الحرب». ورصدت أيضاً أنه في 20 الجاري «قُصفت قرى الشيعة شمال البقاع مرة أخرى لكن من دون الإبلاغ عن أي خسائر ومن دون أن تدعي أي جماعة معارضة المسؤولية عن الهجمة. وسبق للقوات الحكومية السورية أيضاً قصف مناطق داخل لبنان وشن غارات جوية عليها، متسببة في قتل مدنيين اثنين وجرح أربعة في وادي خالد في تموز الماضي». وأنكر السكان الذين أجرت «هيومن رايتس» مقابلات معهم، وجودَ أي مقاتلين أو أهداف عسكرية في محيط الهجمات. وزارت المنظمة موقع الهجمة الأخيرة وتأكدت من الأضرار المادية. وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» نديم حوري: «حتى إذا كان هناك مقاتلون في لبنان، فلا يوجد عذر يبرر لأي طرف من الأطراف المتحاربة شن هجمات عشوائية عديمة التمييز على مناطق سكنية». ونقل التقرير عن الجيش اللبناني أن الصاروخ المستخدم في الهجمة من عيار 107 ملم، يفتقر إلى التوجيه». ونبه إلى أنه «مع ازدياد تورط الأطراف في لبنان في النزاع السوري، يتزايد دفع المدنيين لشن الهجمات العشوائية العديمة التمييز عبر الحدود. وفي حكم المؤكد أن الأمن في المناطق الحدودية سيتدهور ما لم تتخذ الحكومة إجراءات لامن المناطق». وفي تل ابيب، قالت «فرانس برس» ان وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون كشف امس، وبشكل غير مباشر، ان اسرائيل تقف وراء غارة جوية شنتها في كانون الثاني (يناير) الماضي على قافلة اسلحة داخل الاراضي السورية. وقال في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الاميركي تشاك هاغل: «ان اسرائيل لن تسمح بوقوع اسلحة متطورة في ايدي حزب الله او عناصر مارقة اخرى، وعندما تجاوزوا الخط الاحمر تحركنا».