تشهد برلين منذ سنوات انتعاشاً لافتاً، بفضل نشوء قطاعات تكنولوجية جديدة فيها وازدياد الطلب على العقارات وارتفاع أعداد السياح، على رغم التداعيات الاقتصادية السلبية الناتجة من التأخر المتكرر في افتتاح مطارها الدولي الجديد. وكانت اللجنة المسؤولة عن متابعة إنشاء المطار الذي يحمل اسم المستشار السابق فيلي براندت، قررت وقف الأشغال فيه حتى آب (أغسطس) المقبل، لإنجاز حصر الأخطاء الحاصلة في إنشاءات البناء، ويصل عددها إلى 20 ألفاً، أهمها عدم صلاحية نظام مكافحة الحرائق فيه. وبعد التأجيل المتكرر للافتتاح، وتداول فكرة بناء مدرج ثالث في المطار لتفادي عجز عن تلبية الطلب المتزايد على استخدام الخطوط الجوية، يعتقد المراقبون أن الأشغال فيه لن تنتهي قبل عام 2015، في حين كان مخططاً افتتاحه في الثالث من حزيران (يونيو) عام 2012. وتسبّب التأجيل المتكرر بإفلاس شركات ومؤسسات تجارية وخدماتية وصرف آلاف المستخدمين، إلى جانب تضرر أعمال شركات طيران ألمانية كثيرة. ورفع هؤلاء دعاوى على حكومتي ولايتي برلين وبراندنبورغ، لدفع تعويضات عن الخسائر التي تكبدوها، ويمكن أن تصل إلى مئات الملايين. وفيما كانت كلفة المطار مقدرة في البداية ب2.6 بليون يورو بات الرقم حالياً 4.6 بليون يورو. لكن، بصرف النظر عن ذلك، حققت ولاية برلين العام الماضي للسنة الخامسة على التوالي، أقوى نمو وأعلى معدل في تأمين فرص عمل، كما انتهى العام الماضي من دون تسجيل دين في موازنة حكومتها المحلية. وسُجل منذ عام 2008 تأسيس ألفي شركة جديدة في العاصمة، خصوصاً في مجالي التكنولوجيا والاتصالات، اللذين وفّرا 3300 وظيفة العام الماضي. وأشار استطلاع أخير، إلى أن ثلثي أرباب العمل في برلين ينتظرون نمواً اقتصادياً مرتفعاً في الولاية هذه السنة، فيما أكد 85 في المئة منهم نيتهم العمل على تأمين فرص عمل إضافية في شركاتهم ومؤسساتهم. وأصبحت العاصمة في السنوات الأخيرة إحدى أهم المدن السياحية في أوروبا. وبلغ عدد السياح الذين زاروها العام الماضي من الداخل الألماني ومن أوروبا والعالم 10.5 مليون. وسجّلت الحجوزات في فنادقها 24.9 مليون ليلة، بزيادة 11.7 في المئة عليها عام 2011، وهو رقم قياسي للمدينة. وأكد رئيس وكالة السياحة «فيزيت برلين» بوركهارد كيكر، خلال عرضه للوضع السياحي في المدينة، أن العاصمة «تكتب حالياً قصة عودتها القوية كمدينة عالمية». وقالت وزيرة الاقتصاد في حكومة الولاية كورنيليا إيزر، إن السياحة ومؤتمرات الأعمال التي تعقد في برلين «تحوّلت إلى محرك نمو وانتعاش في المدينة»، مشيرة إلى أن السياحة المزدهرة «أنعشت قطاع الفنادق والمطاعم والمقاهي والمحال التجارية، وأمّنت عملاً لحوالى 27500 شخص». وأشارت إلى أن مئات المعارض ومؤتمرات الأعمال التي عقدت في برلين «أدخلت بليوني يورو العام الماضي». إلى ذلك، ينظر خبراء قطاع العقارات في أوروبا والعالم إلى برلين وميونيخ، على أنهما من أكثر المدن استقراراً ونمواً وجاذبية من بين 27 مدينة أوروبية، ما يشجع المستثمرين الدوليين على شراء العقارات فيهما. وتشهد العاصمة منذ سنوات طلباً متزايداً على العقارات السكنية، وتسجل إيجارات السكن ارتفاعاً مستمراً، ما يحفّز المستثمرين على الاستثمار في هذا القطاع.