أكدت مصادر متعددة ل «الحياة» أمس في بيروت، أن الاتصالات لتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة شهدت تنشيطاً خلال اليومين الماضيين يمكن أن يطلق موجة جديدة من المداولات تساهم في تقريب عملية التأليف، بعد أن كانت تجمدت عند عتبة التباين حول شكل الحكومة الجديدة بين مطالبة «قوى 8 آذار» بحكومة وحدة وطنية يتمثل فيها جميع الفرقاء وبين إصرار الرئيس المكلف تمام سلام على أن تكون من غير المرشحين للانتخابات النيابية وغير الحزبيين لأن مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات النيابية في أقرب فرصة، فضلاً عن الخلاف على ربط التأليف بالاتفاق على قانون الانتخاب من قبل بعض قوى 8 آذار و «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد ميشال عون ورفض سلام هذا الربط. وبموازاة الاهتمام بتأليف الحكومة الجديدة، حصل تطور هو الأول من نوعه مساء أمس في سياق انعكاسات الأزمة السورية على لبنان، بسقوط 3 قذائف صاروخية في وسط بلدة الهرمل البقاعية جراء الاشتباكات الدائرة في منطقة القصير السورية بين الجيش النظامي السوري و «الجيش السوري الحر» للسيطرة على محيطها. ولم تسفر القذائف عن إصابات بالأرواح واقتصرت أضرارها على الماديات نظراً الى أنها انفجرت في الحدائق المحيطة بالمنازل. وكانت قذائف سقطت نهاراً في بلدة القصر الحدودية، لكن بلوغها الهرمل يُعتبر تطوراً جديداً نظراً الى بعدها النسبي عن الحدود. وقالت مصادر مواكبة لاتصالات جرت بعيداً من الأضواء خلال ال48 ساعة الأخيرة، إنها أدت الى فتح خطوط التواصل بين بعض الفرقاء وسلام، على نطاق واسع. ورجحت أن يكون من بينها زيارة قام بها أمس من دون إعلام المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري الوزير علي حسن خليل للرئيس سلام من أجل التداول في المبادئ التي ستستند إليها عملية تأليف الحكومة. وأكدت مصادر مقربة من سلام أن اتصالات جرت بينه وبين رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط بعد عودة الأخير من السفر قبل 3 أيام، عرضا خلالها الصعوبات التي تواجه التأليف، فضلاً عن الاتصالات التي جرت بين سلام وبين رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أدت الى إطلاق جولة جديدة من التواصل مع فريق 8 آذار، فزار الرئيس المكلف أمس الوزير من «الحزب السوري القومي الاجتماعي» علي قانصو، فضلاً عن أن موفدين آخرين أخذوا يتحركون بين الجانبين من دون ضجيج إعلامي. وأوضحت مصادر أخرى أن جنبلاط كان أوفد وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور الى الرئيس بري ثم الى سلام، وأن مستشار سليمان الوزير السابق خليل الهراوي تحرك في اتجاهات عدة أيضاً. وأوضحت مصادر سلام أن من بين أسباب تنشيط الاتصالات أيضاً اكتشاف فريق 8 آذار أن لا صحة لكل ما قيل في الحملة التي تعرض لها بأنه ألّف تشكيلة حكومية ليعرضها على رئيس الجمهورية من دون التشاور مع الفرقاء في وقت قال سلام لزواره: «لم أتشاور مع نفسي بعد حول الأسماء التي عرضت علي وطلبت تزويدي بها من الجميع»، وفق ما نقلت عنه مصادره. كما نقل زوار سلام ل «الحياة» عنه قوله: «أنا بطبعي وفاقي ولا أكسر مع أحد أو أكسر أحداً ولن أغير طبعي في تأليف الحكومة». وشدد زواره على أنه «لم يفكر في أي لحظة بحكومة أمر واقع لكنه ما زال على مبادئه في عملية التأليف أي أن يكون الوزراء من غير المرشحين للانتخابات وحياديين وسياسيين لا يستفزون أحداً وليسوا من لون فاقع، لأنه يريد تجنب نقل الخلافات الى داخل الحكومة التي مهمتها الرئيسة إجراء الانتخابات النيابية في أقرب وقت، كما حصل مع الحكومات السابقة، ما سبب فشلها نتيجة خضوع عملها للتجاذب». وفيما غمز رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من قناة سلام برده على رفض الأخير تكرار تجربة أسلافه في طريقة تأليف الحكومة والدخول في بازار حول الحصص، بالقول إن سلام «سيدرك مع الوقت أن هناك فارقاً بين المثالية والواقعية»، فإن مصادر شاركت في جهود تنشيط الاتصالات بين سلام والفرقاء قالت ل «الحياة» إن قوى 8 آذار سلّمت للرئيس المكلف بمبدأ المداورة في توزيع الحقائب بين الطوائف والمذاهب والقوى السياسية، وأن النقاش يدور الآن على ما إذا كانت تقبل معه بمبدأي أن يكون الوزراء من غير المرشحين ومن غير الحزبيين، إذ يصر فرقاء في قوى 8 آذار على أن يتم تمثيلهم بمحازبين مقابل معلومات من مصادر مشاركة في الاتصالات تفيد بأن سلام يفضل أن يسمي الفرقاء أشخاصاً غير حزبيين مقربين منهم. وأوضحت أوساط الرئيس سلام أن قيادات من قوى 8 آذار كانت أخذت على الرئيس المكلف عدم اجتماعه بالقادة السياسيين من أجل التشاور حول التأليف، وأخذ بعضهم يذكّر بعدد المرات التي زار فيها كل من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والرئيس السابق سعد الحريري والرئيس ميقاتي الرئيس بري والعماد عون من أجل حلحلة العقد لتأليف الحكومة، إلا أن رفض سلام اعتماد هذا الأسلوب لأنه يخالف الأصول، من دون أن يستبعد احتمال قيامه ببعض الزيارات، دفع بعض الفرقاء إلى تفهم موقفه والاستعاضة عن زياراته للأطراف بموفدين واتصالات هاتفية. وأشارت المصادر الى أن تكثيف التواصل حول التأليف في الساعات الماضية سيلعب دوراً في تحديد مسار العملية، وأن الرئيس المكلف الذي التزم بعدم إطالة أمد استيلاد الحكومة ما زال ضمن المهلة المعقولة، لعل الأمور تتضح أكثر مع بداية الشهر المقبل.