تعمل المغنية المصرية الشابة دينا الودودي على مشروع موسيقي غنائي يضرب في جذور التراث الشعبي والمديح. تؤمن بسيد درويش وتراه أبا الموسيقى الحديثة في مصر. تغني «السيرة الهلالية»، ذلك العمل الملحمي الذي تلقت أصوله على يد أحد الحافظين له، الراوي سيد الضو. تدخل في مشاريع موسيقية من ثقافات ومدارس وأنماط كثيرة، مع البرازيلي جيلبرتو جيل. عاشت تجربة مع الجاز اللاتيني، وقدمت أخيراً حفلة في افتتاح مهرجان القاهرة للجاز. «خلينا نحلم» عمل غنائي مصري – تونسي عن الثورة التي قامت في البلدين، شاركت فيه الوديدي مع فرقة «مسار اجباري» المصرية التي عادت وغنت أغنيتين لسيد درويش في مسقط رأسه كوم الدكة في الإسكندرية وهما «القلل القناوي» و«ماقلتلكش إن الكترة»، في الاحتفالية التي تقام سنوياً تحت عنوان «زوروني». بيد أن الوديدي كانت على موعد مع تجربة أخرى مع المغنية التونسية غالية بن علي في افتتاح الموسم الصيفي لمسرح «الجنينة»، فشاركتها «هيمتني» وهي أغنية تونسية قديمة، سبق أن غناها لطفي بوشناق. ترى الوديدي أن الأغنية البديلة خرجت من إطارها الضيق في المراكز الثقافية والمسارح الصغيرة إلى الجمهور العادي، وأكدت ذلك في احتفالية «الفن ميدان»، إذ غنت أمام جمهور مختلف الثقافات والمزاج. وقوبل العمل بتجاوب إلى حد الاندماج مع «الحرام» وهي من ألحانها وجزء من «السيرة الهلالية»، تراقص عليها الشباب في حلقات تشبه «الذكر» والمديح. وهي تفعل ما يفعله رواة السيرة، فتغني جزءاً من السيرة في كل حفلة وتعاود استكمال الحكاية في الحفلة التي تليها وتحلم بتقديم السيرة كاملة مع الراوي سيد الضو. تعيش الوديدي تجربتها في الموسيقى بحرية تتيح لها تنوع اختياراتها ومعايشة أنماط وأساليب مختلفة، ما يجلعها عصية على التصنيف أو وضعها في إطار محدد قبل أن تقدم على اصدار أول ألبوماتها الصيف المقبل، على رغم سعيها إلى بلورة هوية موسيقية في إطار المزج بين الموسيقى الشعبية والتراثية والموسيقى المعاصرة بنكهة خاصة بها. وتؤكد في هذا السياق أن الحالة الفنية، التي تفجرت بعد «ثورة 25 يناير» التي أتاحت فضاء واسعاً للتجريب والتعبير، غيرت وأثرت في شكل الفن عموماً وحتى في ذائقة الجمهور. وتقول: «حتى في التراك نفسه، ثمة تجريب، فالأغنية التي يلعب فيها العود دوراً أساسياً، يقوم الناي بالدور ذاته في حفلة أخرى، ضاربة المثل بالسيدة أم كلثوم التي كانت تمنح الملحنين كالقصبجي والسنباطي وبليغ حمدي مساحة للتعرف والتجديد». تأخذ الموسيقى في أغاني الوديدي حيزاً كبيراً فهي تفسح في المجال لمجموعة العازفين في الفرقة أن يكون لهم صوت مسموع ودور مهم في الشكل النهائي للأغنية. وتضيف: «أعتبر الموسيقيين في فرقتي الحائط الذي أستند إليه إن وقعت، خصوصاً أنهم مجموعة من الموهوبين مثل وائل السيد عازف الاكورديون وبذرة عازف الايقاع ونانسي عازفة الغيتار، ونشارك معاً كورشة في عمل التوزيع الموسيقي الذي يمنح الأغنية الشكل والقيمة والستايل، كما نفرد مساحة كبيرة للارتجال والصولو لإثراء الأغنية وإعطائها الحيوية، وجو اللايف على المسرح». تحمل أغاني الوديدي بعداً سياسياً في مرحلة ما بعد الثورة وسيطرة «الإخوان المسلمين»، فأغنية «الحرام» تندد بالفكر الديني الشكلي، بينما تتعرض أغنية «أدين بدين» لسيطرة الحكم العسكري في الفترة الانتقالية التي حكم فيها العسكر.