في خبر أطلت به الصحف يوم الأربعاء الماضي تحدثت فيه عن تخصيص جامعة كولورادو سبرينغز الأميركية للطلبة المبتعثين والمسلمين مساحة بداخل الجامعة لأداء الصلاة في ظرف زمني لكل مصلٍّ، وذلك بناء على طلب إحدى الطالبات المبتعثات السعوديات في الجامعة، وعلى حسب ما يقول المصدر في صحيفة «الشرق» أنها «وافقت الجامعة على تخصيص غرفة صغيرة داخل مكتبة «كرامر» الجامعية لتكون مسجداً للطلاب، التي يحضرها أيضاً بعض الطلبة للمذاكرة، كما تم تخصيص 30 دقيقة لكل مصلٍ لتأدية الفريضة، وجاءت الموافقة من عميد المكتبة «تيري سويتزر» بناءً على العريضة التي قدمتها طالبة الرياضيات، ورئيسة تحالف الطلاب المسلمين في الجامعة «زينة أبو خضير» إلى إدارة الجامعة، بمساعدة من أعضاء النادي السعودي، ومدير مكتب الجماعات غير المسيحية «أنتوني كوردوفا»، الذي أكد على استعداده لتوفير مسجد مخصص فقط لصلاة المسلمين في أي وقت من دون وجود الطلاب للمذاكرة، ويُذكر أن جامعات أخرى أيضاً في ولاية كولورادو، وفرت أماكن مخصصة لصلاة الطلاب المسلمين، منها جامعة دينفر». هذا التصرف يثير لدينا تساؤلاً حول المفهوم العام تجاه اختلاف الآخر ومعتقداته الدينية، ومدى قابليته لدى ثقافتنا الاجتماعية، وعن رد الفعل لدينا لو أن مجموعة من الأشخاص يطالبون بممارسة طقوسهم الدينية في المملكة في ظل أي إطار عام يمكنهم من ذلك، بمثل هذه الطريقة التي حققتها الجامعة للطلاب المبتعثين، فماذا ستكون الانعكاسات في المجتمع وكيف ستكون أبعاد سلبيتها؟ في حين أن الأزمة في العقل العام هي نبذ الآخر والاعتقاد أننا الوحيدون المقربون بديننا من الله، ومن سوانا هو عدو لنا وللخالق! إذا بحثنا عن مكامن الخلاف بيننا وبينهم فلا يمكن إيجاده في المقارنة بين أميركا كدولة مختلفة في المفهوم عن الإسلام كدين وثقافة، إذ إن التحليل القائم على العداء ضد الإسلام يعني بالضرورة فهم الإسلام من خلال تصرفات المسلمين بغض النظر عن المنهج، وهذا يعني أن فهم هذه العلاقة بيننا وبينهم يتطلب منا أن نفهم أوجه الاختلاف أولاً. على صعيد آخر قد تكون المراكز الحوارية التي تناقش الأديان من الإنجازات المهمة والمثمرة في هذا الشأن التي تحقق بدورها أهدافاً إيجابية، وذلك في خلق مناخ مناسب للتعددية الفكرية لدى المجتمعات العربية والمسلمة، ولكنها، مع الأسف، لا تزال تنطوي بداخل جدرانها ولا تترجم في الشارع، فأفراد المجتمعات المسلمة بحاجة لاستراتيجيات تهدف إلى المصالحة الفكرية في حل النزاعات الدينية كمطلب حضاري، من خلال التأثير الإيجابي من خلال الثقافة والإعلام ومن المتحدثين باسم الدين، لأجل التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب. الترويج لنظرية الصدام بين المعتقدات بالشكل الدائم تنطلق من دوافع عنصرية في الغالب، أهدافها محصورة على التحيز وتعزيز المفاهيم الحزبية، فهي تحمل توجهات سياسية بلا شك، وبذلك فالخلاف يقوم على أسس سياسية وليست عقائدية، ومن المهم أن نعرف ونعترف بأن التوجهات السياسية الخارجية الأميركية وغيرها لا تمثل رأي عامة الشعوب، وعلى صعيد هذا المثال لا يوجد أمر يجبر هذه الجامعة على تبني هذه الرغبة سوى إيمانها بحق الآخر في ممارسة دينه من مبدأ التسامح الديني والإنساني، بينما الكثير من الناس لا يزال ينطوي في أسلوبه الفكري تحت منظور الظن بأنهم ذاهبون إلى جهنم وبئس المصير! [email protected] @alshehri_maha