نظم آلاف الإسلاميين الأردنيين أمس تظاهرة حاشدة، بدا أنها الأضخم منذ إجراء الانتخابات النيابية في كانون الثاني (يناير) الماضي، ووجهت رسائل قاسية إلى السلطة، وحذرت مؤسسة القصر الملكي من الاستمرار في سياساتها الحالية. وتدفق نحو 10 آلاف محتج على الأقل من شتى أحياء العاصمة الاردنية إلى ساحات المسجد الحسيني وسط العاصمة عقب صلاة الجمعة، في خطوة رأى فيها محللون ومتابعون «استعراضاً للقوة»، لم يخلو من أداء استعراضات، وصفت بأنها عسكرية. وكان لافتاً إقدام العشرات من كوادر الجماعة الملتحين على تقديم حركات مشابهة للحركات العسكرية، حيث ساروا في شكل منظم، وارتدوا الكوفيات الأردنية الحمراء، ورددوا شعارات أكدت قدرتهم على رد أي اعتداء يتعرضون إليه، في إشارة إلى قمع الاحتجاجات المعارضة، التي وقعت الأسبوع الماضي في مدينة إربد الشمالية. وردد هؤلاء هتافات صاخبة انتقدت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، كما نددت بالفساد والنفوذ الواسع لجهاز المخابرات العامة. وغنى عشرات المحتجين أهزوجة جاء فيها «بطلنا نحكي يعيش إحنا نموت وهو يعيش». وكانت جماعة «الإخوان المسلمين»، كبرى جماعات المعارضة في البلاد، دعت إلى تظاهرة (جمعة كفاكم عبثاً) احتجاجاً على أحداث إربد الأخيرة، مطالبة بتعديلات دستورية من شأنها المس بصلاحيات الملك، التي ظلت مصانة لعقود. وشارك في التظاهرة التي مضت بسلام، بعض شخصيات المعارضة العشائرية التي كانت أعلى صوتاً في انتقاد مؤسسات الحكم من الإسلاميين الذين يطالبون بإصلاحات سياسية واسعة. وقال الشيخ سالم الفلاحات المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في كلمة له أثناء التظاهرة إن الشعب الأردني خرج منذ ثلاثين شهراً، للمطالبة بما وصفها «حقوقاً مسلوبة». وأضاف أن جماعته لن تتراجع عن قرارها مقاطعة أي انتخابات مستقبلية، اذا لم تتغير البنية الحالية للنظام السياسي. وقال «كسر الله كل يد تمتد لأردني متجرد، ينتمي إلى هذه الأمة». وقال الناطق السابق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة ل «الحياة» إن «الانفعالات التي أظهرها الإخوان أثناء احتجاجهم لا تخدم الجماعة، وهي تقدم مزيداً من التبريرات في أنهم يمتلكون أكثر من لغة ووجه». وتابع «الاستعراضات العسكرية التي جرت تؤكد وجود تيارات إخوانية متناحرة، وتشير إلى أن الغلبة تصب في مصلحة التيار الأكثر تشدداً داخل الجماعة». وأردف «ثمة خشية متصاعدة لدى أوساط رسمية من تحركات الإخوان الأخيرة... وهناك من يرى أن لديهم بنية تحتية لا تتبنى الحلول السلمية». لكن الشيخ زكي بني أرشيد، الرجل الثاني في الجماعة، نفى سعي الاخوان إلى تنفيذ استعراضات عسكرية، واصفاً ما جرى بأنها عروض كشفية ليس أكثر. وقال: «التظاهرة التي دعونا إليها جاءت لتطالب بالإصلاح، وترد على الاعتداءات الإرهابية التي تعرض لها متظاهرو إربد». ويشهد الأردن منذ نحو عامين تظاهرات سلمية ينظمها إسلاميون وعلمانيون وشخصيات عشائرية تستلهم انتفاضات الربيع العربي، لكنها ركزت على إصلاح الحكومة والحد من صلاحيات الملك بدل إطاحته. وكانت أجهزة الشرطة الأردنية قمعت بالقوة تظاهرة الجمعة الماضية نظمتها «تنسيقية حركات الشمال» وتنسيقيات أخرى تتبع جماعة «الإخوان» في أحد أحياء إربد الفقيرة، ما أدى الى اصابة عشرات المتظاهرين. وتحدثت وكالة «فرانس برس» عن مشاركة اكثر من ثلاثة آلاف شخص في التظاهرة التي انطلقت تحت شعار «كفى عبثاً» مطالبة بمحاربة جدية للفساد واجراء اصلاحات جوهرية. وذكرت الوكالة ان مراسليها سمعوا هتافات بينها «ثورة بتلف وبتدور ويا فاسد جاييك الدور»، اضافة الى «يا عبدالله ارتاح ارتاح، ما انت ناوي عالاصلاح». كما هتف المشاركون «اسمع اسمع يا نظام ابن الاردن ما بينضام» و «البلطجة ما بتفيدك احنا هون مش عبيدك»، حاملين لافتات بينها «كفاكم عبثاً» و «الفساد برعاية ملكية» الى جانب «لا للبلطجة الأمنية». وخرجت مسيرات سلمية مماثلة في كل من الزرقاء واربد والكرك والطفيلة للمطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد.