في عصر البنيان والمنجز، خرجت جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية من رحم الشؤون الصحية في «الحرس الوطني» لتصبح أول جامعة طبية متخصصة في الأراضي السعودية، ومقصداً للباحثين والراغبين في العلاج سواء محلياً أو دولياً. وارتبطت صورة المملكة في مجال الطب بإنجازاتها في عمليات فصل التوائم السيامية، وزراعة القوقعة في مستشفى الحرس الوطني، وبدأت تتشكل نظرة مختلفة للمملكة ارتبطت بالرجل الذي ترأس الحرس الوطني في سبعينات القرن الماضي، حتى تولى مقاليد الحكم مطلع آب (أغسطس) 2005، ألا وهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وارتبطت بعهد الملك عبدالله الكثير من الإنجازات الطبية والتعليمية والحضارية، كان للحرس الوطني نصيب منها، أبرزها إنشاء جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية والمنشأة في سنة توليه الحكم. وأضحت الجامعة ومستشفى الحرس الوطني مقصداً للباحثين عن الاستشفاء والمحولين من أرجاء المملكة أو حتى من مستشفيات داخل العاصمة نظير جودة الخدمات وتميز الكادر الطبي فيها. وانفردت الجامعة الصحية عن سواها من الجامعات السعودية بتخصصات نادرة مثل «الخدمات الطبية الطارئة» للطالبات، لتكون بذلك أول جامعة في المملكة تتيح هذا التخصص لطالباتها. وما يميز الجامعة أن تخصص الخدمات الطبية الطارئة هو الوحيد المؤهل لأداء النساء مهمات تتعلق بحوادث الإصابات في بيئة العمل النسائي في شكل عام، وسد الفجوة في هذا المجال بمختلف المؤسسات التعليمية والصحية، وعلى رغم حداثة الجامعة، إلا أنها الجامعة الوحيدة المتخصصة في المجال الصحي في السعودية. وبحسب مدير جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية والمدير العام التنفيذي للشؤون الصحية في الحرس الوطني الدكتور بندر القناوي، في كلمة على الموقع الإلكتروني للجامعة، فإن تربة الشؤون الصحية بالحرس الوطني كانت مهيأة لإنبات مؤسسة أكاديمية كبرى متخصصة في العلوم الصحية. ولفت القناوي إلى أن جهود إدارة الشؤون الصحية في الحرس الوطني حظيت بإعلان قيام جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية كأحدث جامعة متخصصة في العلوم الصحية إقليمياً وعربياً في آذار (مارس) 2005». ولم تكتفِ الجامعة بالتخصصات النوعية فيها بل تميزت بجودة مخرجاتها التعليمية، إذ تفاخر الجامعة بين مثيلاتها بأن خريجي كلية الطب في الجامعة حصدوا أعلى الدرجات في اختبارات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لثلاثة أعوام متتالية. وكشف تقرير صادر عن جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن سبب تميز مخرجاتها يعود إلى تطبيق أحدث أساليب التعليم الطبي المعروف ب«التعليم المبني على حل المشكلات»، ما يجعل الطالب في الجامعة المحور الأساسي في العملية التعليمية. ومن أسباب تميز طلاب الجامعة علمياً - طبقاً للتقرير - امتلاكها مختبرات «المحاكاة السريرية»، الأمر الذي مكنها من تطبيق أسلوب «التعليم الطبي المبني على حل المشكلات»، إضافة إلى تدرب طلابها عملياً في المدن الطبية التابعة للشؤون الصحية في الحرس الوطني. وتعد الجامعة مركز المحاكاة السريرية القلب النابض لكلياتها، كما أنه من أكبر مراكز تطوير المهارات السريرية في العالم، مشيرة إلى أن أهميته تكمن في تدريب الطلاب والطالبات. وكشفت الجامعة عن تصميم مركز المحاكاة طبقاً لأحدث المواصفات الإنشائية، إذ يشمل مركز تدريب افتراضي لتشخيص الحالات المرضية لأعضاء وأجهزة جسم الإنسان كافة، كما يضم المركز 20 عيادة للمتدربين وغرف مناظير، ووحدة توليد افتراضية متكاملة، ووحدة التخدير والإنعاش، ووحدة التصوير الطبي والأشعة، ووحدة القسطرة القلبية وفحوصات القلب. وأفاد المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني الدكتور بندر القناوي في كلمته على الموقع الإلكتروني للشؤون الصحية للحرس الوطني أن الشؤون الصحية تهدف إلى أن تكون منشأة رائدة في مجال الرعاية الصحية، وأن تحظى بنظام معترف به عالمياً يضم خدمات إكلينيكية مميزة وبرامج تعليمية وتدريبية عالية الجودة وأبحاثاً علمية متطورة». وكشفت الجامعة عن سلسلة من الاتفاقات لاستقطاب برامجها الأكاديمية من جامعات عالمية مرموقة، مستفيدة من تجارب الدول المتقدمة في المجالات الصحية مثل الولاياتالمتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، كما سبق للجامعة أن وقعت مذكرة تفاهم مع الكلية الملكية لأطباء وجراحي كندا لإنشاء مركز وطني للمعايير الكندية. يذكر أن الشؤون الصحية بالحرس الوطني منذ انطلاقتها كانت صاحبة السبق في إرسال طبيب يرافق قوات الحرس الوطني المنتشرة في عدد من مناطق المملكة في أماكن تجمعها عرف آنذاك ب«طبيب الحرس الوطني»، وتطورت فكرة ذلك الطبيب المنفرد لتصبح مدناً طبية وجامعة متخصصة في المجال الصحي. وتوسعت الخدمات الطبية في الحرس الوطني بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رئيسه آنذاك) حتى أصبح في العام الحالي يضم جامعة بها 14 كلية متخصصة في المجال الصحي تنتشر في ثلاث مدن رئيسة في البلاد، سبع كليات منها في المدينة الجامعية في الرياض، و4 كليات في مدينة جدة، بينما تأتي مدينة الأحساء ثالثة بثلاث كليات، تضم الجامعة بكلياتها ال14 ما يقارب 4800 طالب وطالبة في مرحلة البكالوريوس، وما يزيد على 100 طالب وطالبة لدراسة الماجستير، وأكثر من 800 طالب وطالبة في البورد السعودي بعدد من التخصصات الدقيقة.