دعا إقليم كردستان الحكومة الاتحادية في بغداد إلى تعويض ضحايا حملة «الأنفال» ب9 بلايين دولار، فيما طالبت منظمة حقوقية السلطات الكردية باعتقال المتهمين في القضية، وحذرت من توظيف الملف للحصول على مكاسب سياسية. ونظمت الحكومة الكردية مراسم لإحياء الذكرى 26 لقصف منطقتي وادي باليسان وشيخ وسانان (80 كلم شمال اربيل)، بالأسلحة الكيماوية التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص ونحو 400 جريح، وذلك تزامناً مع احتفالات شهدتها مدن الإقليم إحياء لذكرى حملة «الأنفال» العسكرية التي شنها النظام السابق في مراحل متلاحقة خلال ثمانينات القرن الماضي أسفرت عن مقتل نحو 182 ألف كردي. وقال رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني في كلمة ألقاها خلال الاحتفال، إن «الحكومة العراقية لم تعلن مسؤوليتها القانونية والأخلاقية حتى الآن ولم تعوض ذوي الشهداء»، وأوضح أن «المنطقة تعرضت لأضرار كبيرة، ووفقاً للمعايير والدراسات التي اعتمدتها التشكيلة الخامسة لحكومة الإقليم، فإنها في حاجة إلى أكثر من تسعة بلايين دولار لإحيائها»، وحض الحكومة الاتحادية على «تخصيص موازنة لدفع تلك التعويضات، تنفيذاً لقرار محكمة الجنايات العليا التي أقرت بأن هذه الجرائم إبادة جماعية، وبعكسه تتحمل تبعات وعواقب هذا الإهمال، فضلاً عن المسؤولية الأخلاقية». في المقابل، ترى منظمات حقوقية وأوساط معارِضة، أن السلطات الكردية «أهدرت» الكثير من الأموال في تنظيم المهرجانات والاحتفالات للتذكير بالمناسبة، في حين كان يمكن صرفها لمعالجة الجرحى الذين ما زالوا يعانون من آثار تلك الحملة، وعجزت حتى الآن عن توقيف المتهمين أو المتورطين، وبينهم أكراد كانوا ضمن قوات «الجحوش» (التسمية الشعبية التي أطلقت على قوات الدفاع الوطني). وقال الناشط في منظمة «كردوسايد» الحقوقية نجم الدين حمه سعيد ل «الحياة»، إن «المنظمة تطالب مجلس القضاء الذي أبلغ محكمة الاستئناف منذ الخامس من أيار (مايو)، بمحاكمة المتهمين المطلوبين بقرار من المحكمة الجنائية العليا في قضية الأنفال وعددهم 258، وينبغي اعتقالهم ومحاكمتهم، ولكن هذا القرار لم ينفذ حتى الآن، وقد قام مجلس القضاء بدوره في تبليغ الجهات القانونية المعنية، إلا أن وزارة الداخلية لم تنفذها، وما زال هؤلاء أحياء وهم يتمتعون بالحرية ويستلمون أموالاً ورواتب والحماية أمام أنظار الضحايا». وختم قائلاً: «نحن نقف في وجه أي طرف يسعى إلى توظيف المأساة للحصول على مكاسب سياسية، والمتهمون -خصوصاً بشن حملة الأنفال- لا يحق لأحد أن يصدر أمراً بالعفو عنهم، بل يجب توظيف القرارات من أجل تسيير الملف، وليس أن يطعن طرف سياسي، أو تصبح القضية للتنافس السياسي». وكان بارزاني وجه في بيانٍ الدعوة إلى الأطراف السياسية إلى جعل المناسبة «وكل ذكريات مآسينا محفزاً من اجل العمل الوطني المشترك للوصول إلى تحقيق أهداف شعبنا، لا أن تكون مناسبة للمزايدات السياسية والإعلامية، وكي لا تذهب سدى تضحيات الأنفال وغيرها من كوارث شعبنا لكي نضمن مستقبلاً آمناً بعيداً من الكوارث لأجيالنا القادمة». وأعلن وزير الشهداء آرام احمد خلال لقاء أقيم في قضاء جمجال في محافظة السليمانية رفع مذكرة إلى الرئاسات الثلاث في بغداد للمطالبة بانضمام العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقد حاول عدد من أسر الضحايا مقاطعة كلمة الوزير، وطالبوه بتقديم استقالته جراء إخفاقه في اعتقال ومحاكمة «الجحوش والمستشارين» من الأكراد الذين شاركوا مع النظام السابق في شن الحملة. ودعت حركة «التغيير» المعارضة إلى «إضفاء طابع وطني على المناسبات بعيداً من الصبغة الحزبية»، واتهمت السلطات الكردية ب «الإخفاق في تأمين مصادر دخل عادلة أو رعاية اجتماعية صحية أو أماكن سكن ملائمة لأسر الضحايا». فيما أكدت منظمة «زار للدفاع عن الحريات» في بيان، أن «الذين نفذوا حملة الأنفال بالأمس، يعيشون حياة كريمة أفضل من المتضررين رغم مرور 25 عاماً على الكارثة».