قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير مطوّل نشرته أمس إن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يحتجز المئات من الرجال والنساء والأطفال الإيزيديين من العراق كأسرى في مراكز احتجاز رسمية وموقتة في العراق وسورية. وأشارت المنظمة إلى أن داعش «عمل في شكل ممنهج على فصل الشابات والمراهقات عن أسرهن، وأرغم بعضهن على الزواج من مقاتليه، وفق شهادات العشرات من أقارب المحتجزين، وكذلك 16 إيزيدياً فروا من احتجاز الدولة الإسلامية، وامرأتان من المحتجزات تم إجراء مقابلات هاتفية معهما. وقال هؤلاء أيضاً إن الجماعة أخذت صبية وأرغمت الأسرى على اعتناق الإسلام». وقال فريد آبراهامز، المستشار الخاص في المنظمة «لا تفتأ قائمة الجرائم المروعة التي ترتكبها الدولة الإسلامية بحق الإيزيديين في العراق تتزايد، وقد سمعنا قصصاً صادمة عن أسلمة وزيجات قسرية، بل واعتداءات جنسية واسترقاق، وكان بعض الضحايا من الأطفال». وأكد من أُجريت معهم المقابلات «أن مقاتلي الدولة الإسلامية أسروا الإيزيديين، المنتمين إلى أقلية دينية، أثناء هجمة الجماعة على شمال غربي العراق يوم 3 آب (أغسطس) الماضي. وفي اليوم الأول احتجزت الجماعة الرجال والنساء والأطفال معاً. ثم قام التنظيم بعد ذلك بفصل الأسرى إلى ثلاث فئات: السيدات الأكبر سناً والأمهات اللواتي معهن أطفال صغار مع الرجال الأكبر سناً والأزواج في بعض الحالات، ثم السيدات اللواتي في أوائل العشرينات من العمر والفتيات المراهقات، وأخيراً الشباب والصبية الأكبر سناً». وكشف البيان أن داعش «احتجز ما لا يقل عن عشرات عدة من المدنيين من أقليات دينية وعرقية أخرى، منهم مسيحيون وشيعة الشبك وتركمان، وفق قول ممثلين لتلك الجماعات وكذلك أقاربهم». وتابع «لم يعرف العدد الدقيق للمحتجزين بسبب استمرار القتال في العراق، وبسبب فرار الغالبية الساحقة من الإيزيديين والمسيحيين وشيعة الشبك والتركمان إلى مناطق متباينة في أرجاء العراق والدول المجاورة عند قيام الجماعة بخطف أفراد من طوائفهم. وتمكّن عشرات الأسرى من الفرار لكنهم يبقون مختبئين». واعتبرت المنظّمة ما حصل « من اختطاف وانتهاك ممنهج للمدنيين الإيزيديين قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية». وتحدث التقرير عن تغيير قسري للديانة وتزويج وعمليات بيع وشراء ونقل المختطفات من منطقة إلى أخرى داخل العراق وإلى سورية معززة بمقابلات مع عدد من الفارات. وختمت بتوصيات طالبت «الدولة الإسلامية» بأن «تقوم على الفور بلمّ شمل الأطفال مع عائلاتهم، وإنهاء الزيجات القسرية، والتوقّف عن الانتهاكات الجنسية، والإفراج عن جميع المدنيين المحتجزين. وعلى الأطراف الدولية والمحليّة التي لها نفوذ على الجماعة أن تضغط لاتخاذ تلك الإجراءات». وقالت المنظمة الدولية «لقد أمر مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في الأول من أيلول (سبتمبر) الماضي، بإجراء تحقيق أممي في الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها الدولة الإسلامية، وينبغي لهذا التحقيق أن يكون عاجلاً ومدقّقاً، وأن يتوسع ليشمل الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدولة العراقية والمليشيات الشيعية المتحالفة معها». وحضّت المنظّمة العراق على أن «ينضم إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية لإتاحة الملاحقة لجرائم من قبيل جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية من كل الأطراف في النزاع. ويمكن للسلطات أن تمنح المحكمة الاختصاص في الجرائم الخطيرة المرتكبة في العراق منذ تاريخ دخول اتفاقية المحكمة حيّز التنفيذ، في الأول من تموز (يوليو) 2002». ودعت المنظمة في ختام توصياتها «الهيئات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في كردستان العراق، بما فيها وكالات الأممالمتحدة، أن تزيد من الخدمات الطبية والنفسية المقدمة إلى النازحين الفارين من زحف الدولة الإسلامية. وعلى الوكالات أن تولي اهتماماً خاصاً لاحتياجات الناجين من العنف الجنسي، الذين ينبغي أن يحصلوا على رعاية خاصة. ويجب على هذه الخدمات منح الأولوية القصوى لسرّية هويات الضحايا وخصوصيتهم، اتفاقاً مع المعايير الدولية، كما ينبغي تقديمها على نحو لا يعزّز الوصمة أو يعرّض الضحايا للتنكيل».