عندما يعلق نجوم الكرة في العالم أحذيتهم، يتجه بعضهم إلى التدريب أو رئاسة النادي وبعضهم الآخر إلى البزنسة، ويفضل بعضهم البقاء تحت الأضواء طويلاً، كما هو الشأن بالنسبة إلى البرازيلي بيليه ومارادونا اللذين جمعا بينها جميعاً (التدريب والتجارة والحضور الإعلامي) والسير بوبي تشارلتون، أيقونة الكرة الإنكليزية، والناجي من كارثة طائرة مانشستر في ميونيخ 1958 الذي يخرج بين الحين والآخر، ليتحدث في شؤون الكرة، ومستقبل إنكلترا مع كأس العالم. المفارقة عجيبة هنا، بين الثلاثة الكبار، فبيليه لا يرى فائزاً بكأس العالم 2014 في البرازيل سوى سحرة السامبا، فهم لن يكرروا تجربة 1950 حين هزمتهم الأوروغواي في ماراكانا، وحملوا حارسهم الأسمر مسؤولية الخسارة، ومن يومها لم يعطوا الشباك حارساً بهذا اللون. فالملك، لا يهتم بأمر إسبانيا ولا ألمانيا ولا إنكلترا ولا حتى الأرجنتين، ويرشح البرازيل وحدها ولو كانت في أسوأ حالاتها، ولا يرى أفضل من نيمار، ولو كان ميسي أو إنييستا أو غيرهما من نجوم العالم، ويقاسمه الرأي كل نجوم البرازيل، وهو بمثابة الجبهة المعنوية لإنجاح الموعد البرازيلي، فيكون تكريماً للعجوز هافيلانج، وتقديراً للرئيس لولا دا سيلفا، واستعادة لعرش الكرة العالمي. أما مارادونا فإنه في وضع لا يُفهم منه إن كان مسانداً صادقاً لمنتخب بلاده، وهو الذي يسيطر على كرة أميركا اللاتينية مع المدرب الحالي سابيلا، أم أنه يسعى إلى أن يغطي فشله مع كتيبة التانغو في مونديال 2010، بقوله إن ميسي يبقى لاعباً معجزة، لكن عليه أن يعمل كثيراً ليحرز كأس العالم، فالرسالة موجهة لسابيلا وميسي معاً. وتأتي تصريحات بوبي تشارلتون في سياق آخر، إذ كان لخرجته الأخيرة أثر كبير في الأوساط الإعلامية والرياضية، بعد أن قال إنه لم يكن صادقاً في تصريحاته السابقة في شأن إمكان فوز إنكلترا بكأس العالم، وكلامه لا يخلو من الكذب كما قال. أما السبب فهو خروج الكرة الإنكليزية عن تقاليدها، كون الأندية المحترفة تجلب عشرات اللاعبين الأجانب، ما جعل اللاعبين الوطنيين قليلون، ولا يحظون في حضور مميز في البريمر ليغ، ومن شأن هذا أن يؤثر في تشكيل منتخب قادر على المنافسة، من أجل كأس العالم. وبرأي بطل العالم 1966 والحائز على ألقاب كثيرة مع مانشستر يونايتد، فإن إعادة النظر في منظومة الكرة الإنكليزية هي حتمية لا اختيار. في كلام تشارلتون شيء من المنطق، وإن تعارض مع عولمة الكرة، ودخولها مجال البزنسة العالية. غير أن ما يؤكد بلوغ كرة القدم هذا المستوى من «عولمة اللاعبين» هو ما يقوم به البرتغالي جوزي مورينيو من تدريب أندية فاقدة للهوية، فقد جعل من تشلسي الإنكليزية منتخباً من لاعبين متعددي الجنسيات، ونال معه اللقب الأوروبي، وقام بالشيء ذاته مع الأنتر، إذ أحرز معه اللقب بفريق لم يكن بين لاعبيه سوى إيطالي واحد لعب دقائق معدودة، والفريق خليط أجناس، والصورة نفسها استنسخها في الريال، إذ لعبَ مباراته ضد غالتاسراي (قلعة السراي وليس غلطة سراي كما أتصور) بلاعبين إسبانيين، أما السواد الأعظم فهم من مختلف الجنسيات، وهو بقدر تطبيقه للعولمة يدمر روح الفريق المدريدية، فاليوم نعيش صناعة اللاعب والفريق والمنتخب. [email protected]