فوضى وارتباك، ومشاكل تنظيمية جمة، شابت الدورة السادسة للمهرجان القومي للمسرح المصري، التي نظمها صندوق التنمية التابع لوزارة الثقافة المصرية. الارتباك رافق المهرجان منذ الافتتاح، مروراً ببرنامجه العام الذي امتد أسبوعين وأقيم على 12 مسرحاً في القاهرة، وانتهاء بحفلة الاختتام التي طاولتها الفوضى. بعد انقطاع المهرجان لعامين منذ قيام الثورة المصرية، تم اختيار يوم المسرح العالمي ليكون موعداً لإعادة تفعيل الحدث المسرحي الأكبر في مصر، وقام وزير الثقافة صابر عرب، بافتتاح المهرجان، برفقة الفنان أحمد عبد الحليم ورئيس قطاع الإنتاج الثقافي محمد أبو الخير ورئيس البيت الفني للمسرح ومدير المهرجان ماهر سليم. وحرصت إدارة المهرجان على تكريم أسماء مكرسة خدمت المسرح المصري مثل الفنان نبيل الحلفاوي، ومصممة الأزياء والديكور سكينة محمد علي، والفنان رأفت الدويري وكمال عيد، والموسيقار علي سعد، واسمي الراحلين هناء عبد الفتاح وكمال ياسين. وشهد الافتتاح تقديم عرض مسرحي قصير بعنوان «ما الدنيا إلا مسرح كبير» ضم ومضات من مسرحيات مصرية شهيرة مثل «سيدتي الجميلة»، «إلا خمسة»، «سكة السلامة». وحرص الوزير صابر عرب في كلمته على تأكيد أهمية المسرح والفنون في تشكيل وعي الشعوب والتعبير عن اللحظة الراهنة في شكل راق. كان التجلي الأول للفوضى، متزامناً مع الافتتاح، وتمثل في احتشاد قرابة مئة من المسرحيين الشباب الذين اعترضوا على منعهم من الحضور، الأمر الذي تسبب في تأخير دام قرابة ساعة، وتطلب وجوداً أمنياً مكثفاً لمنع حدوث أي مشادات واحتكاكات. ونفى رئيس المهرجان الفنان أحمد عبد الحليم مسؤولية إدارة المهرجان عن تلك الواقعة، في حين طالب الفنان سناء شافع وزير الثقافة بتقديم اعتذار للمسرحيين الشباب، مؤكداً أن نقابة الممثلين ستطلب رسمياً التحقيق بشأن ما حدث. جدول مرتبك كان جدول المهرجان يضم أكثر من ثلاثين عرضاً، ولكن لم يتم عرض سوى عشرين فقط. وقال مروان عزب، بطل عرض «حصرياً» الذي كان بين أربعة عروض تعذر تقديمها للجمهور: «لا بد من بعض التنظيم. هناك خلل في الموازنة، وخروق للوائح. تم إقصاء فرق بعينها، في حين جرى استدعاء فرق أخرى ما كان لها أن تشارك». والإقصاء طاول كذلك مسرحية «انت لسه حر» من إخراج أحمد يسري حسن، ففريق العمل فيها ينتمي إلى مدينة بورسعيد، تم إلغاء حجوزاتهم في أحد فنادق القاهرة، بحجة الخوف من احتمال تعرضهم للأذى البدني، عقب مذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها 72 شاباً من مشجعي كرة القدم في شباط (فبراير) 2012. ويقول بطل العرض محمود الليثي: «كتبنا تقارير تفيد بأننا مسؤولون عن أمننا الشخصي، وأقمنا ليلتين في كواليس مسرح متروبول الذي سنقدم فيه عرضنا، بينما وفرنا على حسابنا شقة لإقامة الفتيات المشاركات في العرض، واللوم هنا عائد على هيئة قصور الثقافة التي نمثلها، وكذلك لغياب التنسيق بينها وبين إدارة المهرجان». وقال رئيس المهرجان الفنان أحمد عبد الحليم: «أي مهرجان عرضة لحدوث أخطاء، وهي دوماً ستكون محل دراسة حرصاً على تفاديها في الدورات المقبلة». في قاعة المسرح الكبير في دار أوبرا القاهرة، أقيمت حفلة اختتام المهرجان في حضور لجنة التحكيم المكونة من نهاد صليحة، وبهيج إسماعيل، وحازم عزمي، وعبد الرحمن بن زيدان (المغرب)، وعايدة علام، وسلوى محمد علي، وكريمة منصور، ومحمود الألفي، ونبيل علي ماهر، وتم عرض مسرحية «1980 وانت طالع» من إخراج محمد جبر، وقدمها فريق الجمعية المصرية لهواة المسرح. وأثناء توزيع وزير الثقافة محمد صابر عرب الجوائز على الفائزين، اعترض المسرحي أحمد إبراهيم، على ما وصفه بالخروق للوائح المهرجان التي وضعها ماهر سليم مدير المهرجان ورئيس البيت الفني للمسرح. إبراهيم رفع صوته مطالباً الوزير بتقصي الخروق وفتح تحقيق حول إقصاء بعض الأعمال، وسرعان ما طوق الأمن الفنان المعترض، إلا أن الوزير أنقذ الموقف متوجهاً بحديثه إلى رجال الأمن قائلاً: اتركوه، وتوجه له ليستمع إلى شكواه. يقول أحمد إبراهيم: «قدمت شكوى تشرح المخالفات والتجاوزات إلى مكتب وزير الثقافة ومكتب رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، إلا أنهم لم يبتوا فيها ووعدوا بتشكيل لجنة من كبار المسرحيين والشباب لمتابعة الشكاوى، والحقيقة أن الأمر لا يحتاج للجان، فالخروق واضحة، وإلا كيف نفسر انسحاب سبعة عروض كانت مدرجة على جدول المهرجان؟». وعلى هامش الحدث صرح الفنان أحمد عبد الحليم الى «الحياة» بأن «مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، سيعود بعد توقف استمر عامين، على أن يصبح اسمه «مهرجان المسرح الدولي»، والهدف هنا هو إتاحة المجال لتيارات أخرى في المسرح للمشاركة، واستقدام فرق من دول مهمة مسرحياً كإيطاليا وفرنسا وإنكلترا وأسبانيا، لتقدم عروضاً يستفيد منها المسرحيون المصريون، خصوصاً أن التجريب إجمالاً هو نوع من الشطط الفني، وهو أمر مطلوب طبعاً، لكن يجدر بنا استقدام فرق مسرحية تخطت مرحلة التجربة وصارت راسخة، لكي يستفيد منها المسرح المصري».