فاز الشاعر يحيى العبداللطيف بالمركز الأول في مبادرة عبداللطيف جميل الثقافية، بالتعاون مع نادي جدة الأدبي، وتسلم العبداللطيف الجائزة من وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة. تطغى على نصوص الديوان الفائز وعنوانه «أحياناً.. يتشبهون بالوجع» اللغة الهادئة، والتي تنفذ إلى قلب العاشق، ويقارب مواضيعه وأحواله وحالاته الشعرية برؤية حديثة، تنسجم واللحظة الزمنية التي يكتب الشاعر خلالها. وأوضح يحيى العبداللطيف ل«الحياة» أن قيمة الجائزة أتت من «رعاية الوزير خوجة، وهذا ما يكسبها قيمة وحضوراً في الأوساط الثقافية في المملكة، وستمنحني حضوراً في المشهد الشعري خاصة، لاسيما أنني الوحيد من المنطقة الشرقية وهذا يسهم في الانتشار». وقال إن شعره يغلب عليه «الحس الرومانسي الذي يميل لسرد الشكوى من المحبوب، فهو انعكاس لشخصيتي في الواقع، التي تميل للتأثر من المواقف الحياتية بشكل عاطفي». وحول ديوانه الذي يلاحظ عليه حضور طاغ للغزل الذي يميل للجرأة، قال إن «فرويد كان محقاً حين تحدث أن الفنانين والمبدعين يحاولون أن يعوضوا المكبوت في نصوصهم»، مبيناً أن الاحتفاء بالجسد في الغزليات وإن كان يكرس على مستوى ثقافي الصورة النمطية للأنثى، «إلا أنه يمارس في الوقت ذاته صناعة الرؤية الجمالية للجسد بمنظار شعري، ويسهم في تعزيز الإرث الجمالي المتناسل عبر النصوص الإبداعية على مر التاريخ، ويثبت أن الجمال الأنثوي قادر على إثراء المخيلة الإبداعية». ودعا الشاعر القارئ الجيد المتذوق للنصوص، إلى معرفة العلاقة بين عنوانه والمحتوى الشعري وتفكيك شفراته، التي تتضامن مع صورة الغلاف التي رسمتها الفنانة التشكيلية مريم بوخمسين في أول لوحة لها تطبع على غلاف إصدار إبداعي. وعن قصيدته «صراخ أسفل الهامش» التي ذكر أنها «لمن يهمشونني ولا يزالون»، أفاد أن «الشعور بالتهميش على الصعيد الإنساني والإبداعي حال نفسية انفعالية ضاغطة، تجعل الكتابة وسيلة انتصار على الهامش»، منوهاً بأن الشاعر يذبل حين يشعر أنه على هامش الحياة، وربما كانت القصيدة انتصاراً على تراكمات نفسية وانفعالية من سلوك بعض الجهات الأدبية التي تحاول أن تتجاهل حضورك، قائلاً: «لا أبرأ نفسي من تهمة الانتقام لكن أقول إنها حال انفعالية تستحق التدوين بكل صدق، فأنا لا أحرص على أن أقدم ذاتي بصورة ملائكية خصوصاً في نصوصي». وأوضح العبداللطيف أن القصائد الإخوانية التي برزت في ديوانه تشكل جزءاً من الذاكرة الشعرية، ففي قصيدة «يا صاحب سجني» التي كتبها للشاعر عبدالله الهميلي تختزل سرداً للتجربة الفكرية التي عاشها فترة ما، مؤكداً أنها «تستحق أن تكون من قصائد الديوان المحورية». وعلل اختياره مقطوعة من نص «موال عراقي» على الغلاف الخلفي، بأن العراق جزء من الذاكرة الأممية، كاشفاً بقوله: «إن ارتباطي الوجداني بحضارة العراق هو ارتباطي بهويتي العربية.. فمنذ القرن الأول الهجري ولا يزال الرافدان يدونان أحداث تحولات المشهد العربي، هذا البلد تختلف الآراء حول الأحداث التي تدور فيه، إلا أن الجميع يتفق أن هناك تحالفاً وثيقاً بينه وبين الحزن». وأضاف أن العراق اختزال لكل أحزاننا العربية، «فحتى ما يفترض أن يكون (فرائحياً) يحوله العراقي لمادة حزن خالصة، بما فيها المواويل التي تبكيني في حين يفترض بها الفرح». وأشار إلى أن حضور قصائد المناسبات في ديوانه كتبها «بلحظة انفعالية ضاغطة»، نافياً الفكرة الرائجة التي تعيب على الشعراء العموديين احتفاءهم بالمناسبات، فتلجئهم للخطابية التي تفقد القصيدة وهجها، بقوله: «ليس كل قصيدة مناسبة ينطبق عليها هذا الرأي، أحياناً تكون المناسبة العامة والوطنية لها ارتباط بذاتية الشاعر، فالذات الشاعرة مرتبطة بالجماعة والمكان». وعن أكثر قصيدة لاقت رواجاً في ديوانه، ذكر أن قصيدة واحدة «ربما لا تكون مهمة فنياً، لكنها ارتبطت بحدث عائلي، وهو قصيدة رثاء للطبيبة الشابة بتول العلوي زوجة أخي، إذ حققت متابعة ضخمة عبر موقع يوتيوب».